استمع إلى الملخص
- بيرييلو يؤكد أن السودانيين يريدون إنهاء العنف والعودة إلى المسار المدني، مشيراً إلى سيطرة قوات الدعم السريع على مساحات كبيرة، بينما تسيطر القوات المسلحة على مناطق صغيرة.
- التحديات تشمل جهات متحالفة مع الجيش ترغب في استمرار الحرب، ويشدد بيرييلو على أهمية الهدن الإنسانية وتحسين الخدمات الأساسية لتحقيق الديمقراطية.
عبّر المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو عن أمله بأن يكون هناك اختراق لحل النزاع في السودان وإنهاء الحرب والأزمة الإنسانية الكارثية المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أن السودانيين يريدون عودة المسار المدني في البلاد. جاءت تصريحات المبعوث الأميركي ضمن إحاطة صحافية مغلقة قدمها بمرافقة السفيرة الأميركية للأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد خلال اجتماع مع عدد من الصحافيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، أول من أمس السبت. تأتي هذه الإحاطة بعد المحادثات التي عقدها توم بيرييلو بحضور عدد من الأطراف المحلية والإقليمية، نهاية الشهر الماضي، في العاصمة السويسرية جنيف، التي استضافت مفاوضات برعاية الأمم المتحدة والسعودية حضرها وفد من قوات الدعم السريع، فيما غاب عنها وفد الجيش السوداني. ومن المتوقع أن يعقد أكثر من لقاء ومؤتمر حول السودان على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستشهدها نيويورك في الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول الحالي.
توم بيرييلو: البداية بإنهاء العنف
ورداً على عدد من الأسئلة لـ"العربي الجديد"، أولها حول تصريحات سابقة له تتعلق بضرورة ومعنى تحقيق اختراق في المحادثات وما يعنيه ذلك للإدارة الأميركية، قال توم بيرييلو إن "البداية، تحقيق أي اختراق سيعني إنهاء العنف في السودان". ولفت إلى أن "الناس في السودان لا يريدون أن ينتهي هذا الأمر (الحرب) باتفاق تقاسم السلطة بين هذين الجنرالين (قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي، وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان) هذا كان الحال من قبل (الحرب)، إنهم يريدون أن يروا عودة إلى المسار المدني". ورأى توم بيرييلو أنه في نهاية المطاف، العودة إلى المسار المدني أو أي شكل منه "هو السبيل الوحيد للمضي قدماً"، وباعتقاده فإن "الجانبين يتفقان على ذلك عندما يكونان أكثر صراحة".
بيرييلو: مخاوفنا تتمثل بوجود جهات متحالفة مع القوات المسلحة السودانية التي تريد استمرار الحرب
واستدرك توم بيرييلو قائلاً "مع ذلك أعتقد أنه كما هو الحال عندما يكون الصراع حتى الرمق الأخير، فإن كلا الجانبين، أو عناصر من كلا الجانبين، مقتنعون بأنهم ما زالوا قادرين على تحقيق الفوز عسكرياً، لكن لا أعتقد أن أي محلل مستقل ذي مصداقية يعتقد أن هناك طريقاً عسكرياً للنصر، خصوصاً بالنسبة للجيش، الذي يبدو أنه يركز على هذا الأمر أكثر من غيره". وأضاف أن ذلك "يقودنا إلى صعوبات على أرض الواقع في جبهة القتال، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على مساحة كبيرة من الأراضي". وأضاف المبعوث الأميركي في هذا السياق أن "هناك مساحة كبيرة من الأراضي لا تزال في أيدٍ محايدة، لذا فإن المنطقة التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية صغيرة جداً، لكنها تشمل بورتسودان والولايات المجاورة". وقال إن "مخاوفنا تتمثل بوجود جهات متحالفة مع القوات المسلحة السودانية التي تريد استمرار الحرب ولا يهمها إذا دمرت معظم البلاد، سواء كان ذلك عبر الاستفادة من الحرب من قبل بعض القادة السابقين، أو ما إذا كان هذا الطرف هو حزب المؤتمر الوطني (الحاكم بين 1989 و2019) الذي يحاول بوضوح العودة للسلطة". وتابع: "نلاحظ التركيز على الاعتراف بالحكومة، التي أصبحت على نحو متزايد حكومة (الرئيس السابق عمر) البشير القديمة التي يكرهها الناس، والحرب هي الغطاء الوحيد الذي قد يقود لهذا المسار".
العودة إلى المسار المدني
وأشار بيرييلو في هذا السياق إلى أنه لا يعتقد أن هذا المسار هو ما يريده البرهان "لكن عليه أيضاً أن يتخذ القرار بشأن المضي قدماً (بشأنه)"، وفي الوقت الحالي، وفق بيريبلو، فإن "عدد الجهات الفاعلة في ذاك التحالف (مع الجيش) التي تقبل، للأسف، مستوى المعاناة التي يواجهها الشعب السوداني، يشكل عنصراً أكثر قوة مما نرغب فيه". وشدّد على أن الاختراق يكمن "بأن يتخذ الرئيس البرهان، على وجه الخصوص، الخطوات الصحيحة لمصلحة البلاد ويجد طريقة لإنهاء هذه الحرب والعودة إلى المسار الانتقالي المدني". وبخصوص الاختراقات، قال توم بيرييلو إن "هناك العديد من الخطوات التي يمكننا اتخاذها على طول الطريق (إلى أن يتم تحقيق إنهاء الحرب) وستكون بمثابة اختراقات، كأن نتمكن من توفير هدن إنسانية في بعض المدن الأكثر تضرراً، أو أن نتمكن من ضمان إعادة تشغيل الاتصالات في المناطق التي تشهد استغلالاً وعنفاً ضد النساء وأشكالاً من التجويع كسلاح حرب، وغيرها الكثير".
بيرييلو: ما نحتاج القيام به حقاً هو الخروج من دوامة ثلاثين عاماً تلاعبت خلالها مجموعة بحياة الشعب السوداني
وشدّد على أن الأمل يكمن حالياً بالتقدّم الذي تم تحقيقه، إذ "لا يقتصر الأمر على فتح معبر أدري فحسب (على الحدود مع تشاد وترتبط مدينة أدري بحدود مع ولاية غرب دارفور، ويقع المعبر تحت سيطرة الدعم السريع)، بل حصلنا أيضاً على التزامات من قوات الدعم السريع بتسريع حركة القوافل الإنسانية، ولدينا الآن التزامات من القوات المسلحة السودانية، على الأقل بخصوص نقطة الوصول الغربية، وما نحتاج القيام به حقاً هو مواصلة العمل على تحسين الخدمات الأساسية". وتابع المبعوث الأميركي: "ما نحتاج القيام به حقاً هو الخروج من دوامة ثلاثين عاماً تلاعبت خلالها مجموعة بحياة الشعب السوداني، عن طريق تكتيكات بتأخير ومنع هذا أو ذاك، في الوقت الذي تجلس فيه مجموعة من الرجال الجبناء في مكان آخر وتقامر بحياة أكثر الناس ضعفاً". وشدّد مجدداً على أن تحقيق اختراق في السياق السوداني يعني أنه "لن يكون مجرد نهاية للحرب، بل استعادة الأحلام التي رسمها الشعب السوداني، وبالنسبة للمجتمع الدولي فإن الأمر الجيد أنه لا يتعين علينا أن نقرر نيابة عن الشعب السوداني، فقد قام الشعب بذلك وكان واضحاً أنه يريد ذلك المستقبل الشامل والديمقراطي".
وحول قوات الدعم السريع والجيش السوداني، قال توم بيرييلو: "لقد رسم الشعب السوداني ذلك المستقبل لكن الطرفين المتحاربين قطعاه بتوحيد قواهما (قبل الحرب الحالية)". وذكّر أنه "على الرغم من كل الهجاء الذي سمعته من جانب القوات المسلحة السودانية، فإنهم هم الذين أنشأوا قوات الدعم السريع، وهم الذين ضموا تلك القوات في وثائق قانونية، وهم الذين انضموا إليها لإطاحة التحوّل المدني، لذا أعتقد أن معظم السودانيين يرون أن (الجيش والدعم السريع) مرتبطان ببعضها البعض". ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" حول وجود أصوات تتحدث عن تقسيم البلاد وما مدى جدية ذلك، قال: "بكل تأكيد نعارض التقسيم، وأعتقد أن كل الأطراف الجادة في هذه المعادلة تعارض التقسيم حلاً". وبرأيه فإن "هناك من يقلق من حصول تقسيم بحكم الأمر الواقع أو بحكم القانون، ما من شأنه أن يشكل كارثة على البلاد والناس". وأضاف: "لا أعتقد أن هذا هو الهدف الرئيسي لأي من الطرفين المتحاربين، ولكن بلا شك هذا أمر مقلق تمت إثارته، ويجب ألا يكون مطروحاً على الطاولة".