توقعات منخفضة لقمّة بايدن وشي

12 نوفمبر 2023
بايدن وشي، بالي، 14 نوفمبر 2022 (سول لوب/فرانس برس)
+ الخط -

تتجه الأنظار، يوم الأربعاء المقبل، إلى مدينة سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأميركية، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيسان الأميركي والصيني، جو بايدن وشي جين بينغ، في قمة هي الثانية بينهما منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض إثر انتخابات عام 2020، إذ كانا التقيا في المرة الأولى على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي، في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من دون أن تدوم طويلاً حالة خفض التوتر التي سادت بين البلدين على إثرها.

وبعدما أعاد المسؤولون الأميركيون والصينيون، خلال الأشهر الماضية، شحن العلاقات ببعض الطاقة الإيجابية، إثر حادثة المنطاد الصيني فوق الأراضي الأميركية في يناير/ كانون الثاني الماضي، ومواصلة بكين دعم موسكو ونقل علاقاتها معها إلى مستوى استراتيجي، يأمل الرئيس الأميركي اليوم من القمّة أن تثبّت تهدئة الأجواء، أقلّه حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية في خريف العام المقبل، والتأكد بكل الأساليب الممكنة أن الصين لن تعمد إلى التصعيد عسكرياً أكثر مع تايوان، ما قد يخلق أزمة خارجية جديدة كبرى لبايدن، بعد أوكرانيا وغزة، على أعتاب انتخابات يرجّح أن تكون صعبة، وأن تعيد تنافسه مع دونالد ترامب.

قمّة لخفض التوترات

ويصعب حصر المسائل التي ستكون على طاولة البحث بين بايدن وشي في سان فرانسيسكو، التي تستضيف قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "أبيك"، بغياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فمن تايوان إلى التحركات "العدائية" للصين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه بين الصين وجيرانها، كما يراها خصومها والدول المتنازعة على هذه المياه، إلى حرية الملاحة في المنطقة، ودعم كوريا الشمالية وتطوير العلاقات مع روسيا، مروراً بالتنافس الاقتصادي والتجاري و"حرب الرقائق الإلكترونية" والتغير المناخي والتعاون لمكافحة تهريب المخدرات (قضية مخدر الفنتالين واتهام واشنطن بكين بدور جزئي في تسهيل تهريبه)، وصولاً إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والضغط الأميركي في المنطقة لعدم توسّعها، كلّها مسائل ستكون قيد البحث بين بايدن وشي، اللذين يواجهان عالماً تتصاعد فيه التحديات، وتبلغ فيه الفوضى السياسية والعسكرية مستويات مقلقة، حيث يرى متابعون أن أي قمة على هذا المستوى قد تكون عاملاً مساعداً لخفض التوترات.

موقع صيني: بايدن لن يبدّل سياسة التنافس والتعاون والمواجهة

وأكدت التسريبات الأميركية قبل القمّة، عزم بايدن التأكيد مباشرةً للرئيس الصيني أن الولايات المتحدة غير راغبة في نزاع أو "حرب باردة" مع الصين. وأوضح مسؤول أميركي كبير لوكالة "فرانس برس"، الخميس الماضي، أن "هدفنا هو محاولة اتخاذ إجراءات لإحلال الاستقرار في العلاقة بين البلدين وتذليل بعض سوء الفهم وفتح قنوات تواصل جديدة".

وترغب واشنطن في عودة الاتصالات العسكرية بين البلدين، على أعلى مستوى، بعدما تضرّرت كثيراً بقرار صيني إثر سلسلة تراكمات، منها زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركية السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان صيف 2022، والمساعدات العسكرية الأميركية الضخمة للجزيرة، والعقوبات التي فرضتها الخزانة الأميركية على وزير الدفاع الصيني (السابق) لي شانغ فو في 2018. وقال المسؤول الأميركي إن "الصينيين مترددون (في إعادة التواصل العسكري) والرئيس بايدن سيضغط بحزم" من أجلها.

وقالت مسؤولة أميركية كبيرة أخرى للوكالة إن بايدن يريد أن يبلغ نظيره الصيني أن الأميركيين "قلقون للغاية" من فكرة تدخل بكين في الانتخابات الرئاسية في تايوان في 2024. ورأت المسؤولة أن العام المقبل مع الاقتراع التايواني والانتخابات الرئاسية الأميركية "قد يحمل اضطرابات" على صعيد العلاقة بين واشنطن وبكين. وقالت: "نحن قلقون أيضاً من التكثيف الخطر والاستفزازي غير المسبوق للأنشطة العسكرية الصينية في محيط تايوان"، مشددة على أن بايدن سيثير هذه المسألة، لكنه سيؤكد لشي أن واشنطن لا تدعم استقلال تايوان وأن السياسة الأميركية على هذا الصعيد لم تتغير.

وشدّدت المسؤولة نفسها على أن الحوار مع الصين على مستوى مسؤولين عسكريين كبار وعلى مستوى عملاني أكثر "أساسي جداً" لتجنب سوء الفهم الذي قد ينطوي على مخاطر كبيرة. وحذرت من أنه لا ينبغي توقع "قائمة طويلة من النتائج الملموسة"، مؤكدة أن الهدف من اللقاء هو في الأساس "إدارة المنافسة" وأن للولايات المتحدة تطلعات "واقعية".

قمّة "الفرصة الأخيرة"

ورأت وكالة "أسوشييتد برس"، في تقرير لها نشرته أمس السبت، أنه بين بايدن وشي لن يكون هناك تفصيل "صغير على الطاولة"، حتى لو تعلّق الأمر ببروتوكولات الضيافة. علماً أن التفاصيل لا تزال قليلة حول مكان القمّة وتوقيتها المحدّد ومدّتها المرتقبة، وحتى ما إذا كان سيليها بيان أو مؤتمر صحافي مشترك. كما أن المسؤولين الأميركيين اللذين تحدثا لـ"فرانس برس" قالا إن اللقاء سيحصل ضمن "جلسات" عدة كما حصل في بالي العام الماضي.

"ساوث شاينا مورنينغ بوست": على شي أن يتنبه إلى أن ساكناً آخر قد يكون في البيت الأبيض العام المقبل

ورأى موقع "ساوث شاينا مورنينغ بوست"، في مقال رأي نشر أول من أمس، أن الرئيس الأميركي ربما يأمل أن يرفع لقاؤه مع شي، وأجواء التهدئة التي قد تنتج عنه، حظوظ حملته الرئاسية فيما لا تزال نسب التأييد له في استطلاعات الرأي منخفضة. وحذّر الموقع من أن على شي أن يتنبه إلى أن ساكناً آخر قد يكون في البيت الأبيض بعد عام، لافتاً إلى أن بايدن لن يتخلى عن سياسته تجاه الصين التي عبّر عنها وزير خارجيته أنتوني بلينكن، والتي تقوم على "التنافس والتعاون والمواجهة".

وذكّر الموقع بكل التحركات الأميركية التصعيدية من توسيع لائحة العقوبات التي تطاول شركات صينية، إلى تكثيف الدوريات في مضيق تايوان، ودعم تحركات الفيليبين ضد الصين في مياه بحر الصين، مع اقتراح مشرعين أميركيين أخيراً فرض عقوبات على مسؤولين في هونغ كونغ. ونبّه الموقع إلى أن كل ذلك لا يهيئ لـ"قمّة مثمرة"، رغم الزيارات الرسمية المكثفة أخيراً بين مسؤولي البلدين.

وكتب موقع شبكة "أن بي سي كونكتيكت"، في مقال رأي أول من أمس، أن القمّة قد تكون الفرصة الأخيرة لتحسين العلاقات، التي تواجه حالياً تحديات أكبر بكثير مما واجهت خلال العقدين الماضيين، متسائلاً ما إذا كان بإمكان هذين العملاقين الاقتصاديين أن يبرما "توازناً بين تنافسهما الاستراتيجي طويل الأمن والحاجة الملحة لإدارة علاقاتهما".

(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)

المساهمون