استمع إلى الملخص
- الانتخابات شهدت إقبالاً منخفضاً بسبب الحرارة الشديدة والتوقعات الواسعة بفوز مودي، مع إجرائها على سبع مراحل لتخفيف العبء التنظيمي، وتشير استطلاعات الرأي إلى توجه عام نحو فوزه.
- تحقيقات جنائية ضد المعارضين وتحقيقات ضريبية ضدهم، بالإضافة إلى التقارب الدولي مع الهند ضد الصين، ساهمت في تعزيز مكانة مودي وحكومته دوليًا وداخليًا، مع تقدم اقتصادي ودبلوماسي ملحوظ.
يرجح على نطاق واسع أن يفوز رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (73 عاماً) بولاية ثالثة لدى إعلان نتائج الانتخابات العامة الثلاثاء، معزَّزاً بشكل رئيسي بعمله خلال الأعوام الماضية على رسم صورة المدافع عن حقوق أتباع الديانة الهندوسية الذين يشكلون الغالبية في البلاد. وتوجه الهنود، اليوم السبت، إلى مراكز الاقتراع في ظل موجة حر شديدة تضرب البلاد، للإدلاء بأصواتهم في اليوم الأخير من الانتخابات التي امتدت ستة أسابيع ويستبعد أن تؤدي إلى مفاجآت.
ومن بين المشاركين في الاقتراع الأحد، سكان مدينة فاراناسي التي تعد بمثابة العاصمة الروحية للهندوس، ويؤمها العديد لحرق جثامين أقاربهم بجوار نهر الغانج. وتعدّ هذه المدينة من المعاقل الأساسية لمودي، وهي تعكس بصورة جلية التداخل بين الدين والسياسة في حقبة مودي. وقال فيانيندرا كومار سينغ الذي يعمل في أحد فنادق المدينة إن "مودي يفوز بشكل واضح". وأضاف لوكالة "فرانس برس": "ثمة شعور بالفخر بكل ما يقوم به، ولهذا يصوت الناس لصالحه".
وقاد مودي حزبه القومي الهندوسي "بهاراتيا جاناتا" إلى فوز ساحق في الانتخابات عامي 2014 و2019. وهذا العام، أشرف مودي على تدشين معبد كبير، شيّد في موقع مسجد أثري هدمه متشدّدون هندوس قبل عقود. ولبّى بناء المعبد أحد أبرز مطالب الناشطين الهندوس واحتُفل به في أنحاء الهند عبر تغطية تلفزيونية مكثّفة وحفلات في الشوارع. وفاقمت السياسات الهندوسية القومية التي تبناها مودي قلق سكان الهند المسلمين البالغ عددهم أكثر من 220 مليون نسمة حيال مستقبلهم في البلاد. وخلال حملته الانتخابية، أدلى مودي مراراً بتعليقات مناهضة للمسلمين الذين اعتبرهم "مندسين". كما اتهم الائتلاف المعارض له، المؤلف من أكثر من عشرة أحزاب، بالتخطيط لإعادة توزيع الثروة في الهند على المسلمين.
ويحق لنحو مليار شخص الإدلاء بأصواتهم في أكثر بلدان العالم تعداداً للسكان. وأجريت الانتخابات على سبع مراحل على مدى ستة أسابيع، بهدف التخفيف قدر الإمكان من العبء التنظيمي لعملية اقتراع بهذا الحجم على مساحة جغرافية شاسعة. ومن المقرر أن تجرى عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج الثلاثاء، لكن استطلاعات الرأي بعد إغلاق المراكز السبت ستعطي مؤشرات على التوجه العام. وإلى الآن، تبقى نسبة المشاركة ما دون تلك التي شهدتها انتخابات العام 2019، في خطوة يعزوها محللون إلى ترجيح خروج مودي فائزاً، إضافة إلى سلسلة موجات الحرّ التي تضرب الولايات الشمالية.
ترجيح خروج مودي فائزاً
ويقول الباحثون إن تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري تسبب بالتداعيات المدمرة في الهند، ويتعين اعتبار ذلك بمثابة تحذير. والهند هي ثالث أكبر مصدر لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتزمت بتحقيق اقتصاد صافي الانبعاثات بحلول 2070، بعد عقدين من معظم الدول الغربية الصناعية. وتعتمد حالياً بشكل كبير على الفحم لتوليد الطاقة.
لم يخفِ سكان فاراناسي تأثير الحرّ الشديد على إقبالهم على التصويت، مع توقع بلوغ الحرارة 44 درجة مئوية خلال النهار. وقالت شينتا ديفي التي وصلت للإدلاء بصوتها عند الساعة الثامنة صباحاً: "الجو حارّ بالفعل... كانت فاراناسي أشد حرارة من المعتاد خلال الأيام القليلة الماضية". وأضافت لـ"فرانس برس": "ترى كل الشوارع والأسواق خالية".
وأجمع المحللون على ترجيح فوز مودي على حساب الائتلاف المعارض له والذي لم يتمكن حتى من الاتفاق على اسم واحد لترشيحه إلى منصب رئيس الوزراء. وتعزّزت حظوظ مودي بشكل إضافي بفضل سلسلة تحقيقات جنائية تطاول معارضيه، إضافة إلى تحقيق من قبل دائرة الضرائب أدى هذا العام إلى تجميد الحسابات المصرفية لحزب "المؤتمر الوطني"، أكبر أحزاب المعارضة.
وتغاضت العديد من الدول الغربية عن المخاوف بشأن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية في الهند في عهد مودي لصالح التقارب مع حليف قادر على مواجهة تنامي نفوذ الصين، الخصم الإقليمي والجار الشمالي للهند. كما أفاد مودي محلياً من تعزيز حضور الهند الدبلوماسي والاقتصادي في الساحة العالمية، خصوصاً بعدما أصبحت عام 2022 خامس أكبر قوة اقتصادية في العالم، متقدمة على بريطانيا. وقالت شيخا أغراوال (40 عاماً) وهي تنتظر للإدلاء بصوتها في فاراناسي: "كوني هندية، أعتقد أنه (مودي) أكسب الهند الكثير من الاحترام والمكانة في عهده"، مضيفة: "الناس ينظرون الآن إلى الهند والهنود بكثير من الاحترام... وهو أمر لم يكن يحصل سابقاً".
(فرانس برس، العربي الجديد)