عبرت مصادر فلسطينية في حديث لـ"العربي الجديد" عن خشيتها من عزوف كبير للمقدسيين عن المشاركة في الانتخابات الفلسطينية العامة المقبلة، مشيرة إلى أن أعداد المسجلين لم يتعد حتى حدود اليوم الأحد 1200 مواطن ممن يحق لهم المشاركة بالاقتراع في المدينة المقدسة.
ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت في القدس نحو 190 ألفا من أصل 350 ألف نسمة، في وقت قالت فيه لجنة الانتخابات، في اتصال مع "العربي الجديد"، إنه "لا إحصائيات محددة لديها بشأن أعداد المسجلين من المقدسيين حتى اللحظة"، من دون إعطاء أية تفاصيل جديدة.
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال القيادي في حركة "فتح" ووزير القدس الأسبق حاتم عبد القادر إن "هذا العدد الضئيل من المسجلين لا يعكس حقيقة عزوف متوقع للمقدسيين، لكن هناك عوامل أخرى قد تؤدي إلى هذا العزوف، أهمها غياب المجلس التشريعي الذي كان من المفروض أن يراقب أداء الحكومة والتزاماتها تجاه القدس، حيث إن الموازنة المخصصة للقدس، وهي بضعة ملايين من الشواقل (عملة إسرائيلية)، لا تعادل ربع ما تنفقه جمعيات الاستيطان في مدينة القدس على إزالة نفاياتها".
مع ذلك، شدد عبد القادر على ضرورة مشاركة المقدسيين في الانتخابات لسببين، أولهما: تجديد شرعية النظام والمؤسسات القائمة، وثانيهما أن التصويت في الانتخابات هو تأكيد لعروبة القدس ورفض لإجراءات الاحتلال التهويدية فيها.
وفي هذا السياق، تكثفت في الآونة الأخيرة اللقاءات الجماهيرية التي تعقدها "فتح" في منطقة الوسط، والتي تضم القدس وأريحا ورام الله، لضمان مشاركة المقدسيين في الانتخابات على الرغم من القيود المتوقع أن يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على هذه المشاركة وفق بروتوكول الانتخابات السابقة، حيث كانت تتم عملية الاقتراع في خمسة من مراكز البريد التي تخضع لإشراف وزارة الاتصالات الإسرائيلية، والتي أعطت فيه إذنا بمشاركة نحو 6300 مقدسي فقط للإدلاء بأصواتهم فيه.
وأعلنت اللجنة الإعلامية في حركة "فتح" إقليم القدس، مساء أمس السبت، في بيان لها، عن تشكيل لجان إعلامية لإدارة الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال الأشهر القادمة، وذلك خلال لقاء تشاوري عقدته في بلدة الرام شمال القدس المحتلة، بمشاركة نحو 50 صحافياً وناشطا مقدسياً من مختلف المؤسسات المحلية والدولية العاملة بالقدس.
بيد أن هناك عاملا ذاتيا آخر يتعلق برغبة المقدسيين أنفسهم بالمشاركة في هذه الانتخابات، حيث لا تتوافر أية عوامل تشجعهم على المشاركة بالنظر إلى الفجوة الكبيرة بينهم وبين السلطة وانعدام الثقة بها، وقيامها بتهميش القدس في خطط وبرامج دعم مختلف القطاعات التي تواجه في هذه الأيام انهيارًا شبه كامل، خاصة قطاعي التجارة والسياحة اللذين منيا بخسائر تقدر بمئات ملايين الدولارات منذ جائحة كورونا، والإغلاقات المستمرة للبلدة القديمة من القدس واقتصار دخولها على قاطنيها فقط، عدا ما تواجهه المؤسسات الصحية والتعليمية من أزمات مالية خانقة ومحاولات إسرائيلية لتهويد التعليم وفرض المناهج الإسرائيلية على المدارس الفلسطينية في المدينة المقدسة.
وقال أمين سر لجنة تجار القدس حجازي الرشق، لـ"العربي الجديد" إن "التجار المقدسيين، خاصة في البلدة القديمة، كانوا أكثر المتضررين من إجراءات الاحتلال الأخيرة، وقد ترافق ذلك مع انعدام مصادر الدعم، في وقت تجبي فيه بلدية الاحتلال في القدس سنويا أكثر من 300 مليون شيقل كضرائب".
وفي القطاع الصحي، هددت أزمة مالية أخيرة مستشفى المقاصد الإسلامية في المدينة المقدسة، وهو من أكبر وأهم المستشفيات فيها، بالإغلاق بعد إضرابات خاضها العاملون هناك من أطباء وممرضين بسبب عدم تلقيهم رواتبهم منذ أربعة أشهر، بالإضافة إلى ديون المستشفى المستحقة على السلطة الفلسطينية.
وبينما يهدد الإغلاق مزيداً من مؤسسات القدس بسبب الأزمات المالية التي تلاحقها وتتضاعف معها معاناة المقدسيين الحياتية، توقعت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن يصعد الاحتلال من إجراءاته لمنع وعرقلة إجراء الانتخابات في القدس، وهو ما حدث في السنوات الماضية.
ويمنع الاحتلال إقامة مختلف الفعاليات الجماهيرية والاجتماعية إلا بتصريح منها، فيما ترافق ذلك مع مكافحة أي نشاط للسلطة الفلسطينية في المدينة، من خلال ملاحقة وزيرها ومحافظها بالاعتقال والإبعاد عن مقرات عملهما وحظر تواصلهما مع مسؤولي السلطة الفلسطينية.