حوّل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بعد جولة سريعة في الشرق الأوسط، دبلوماسيته المكثفة بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى آسيا، اليوم الثلاثاء، عبر توجيه نداء لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن كيفية التعامل مع الأزمة.
وبينما بدأ بلينكن ونظراؤه في مجموعة السبع محادثات تستمر ليومين في اليابان، شدد على "الأهمية البالغة لاتخاذ المجموعة موقفاً موحداً كما فعلت بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا، وغيرها من القضايا الرئيسية، للحيلولة دون تفاقم الخلافات القائمة بشأن غزة".
وقال بلينكن لوزيرة الخارجية اليابانية، يوكو كاميكاوا، بعد وقت قصير من محادثاته مع رئيس الوزراء فوميو كيشيدا: "هذه لحظة فارقة أيضاً لمجموعة السبع لكي تتحد في مواجهة هذه الأزمة وتتحدث، كما نفعل دائماً، بصوت واحد واضح".
وستكون الحرب المدمرة التي تخوضها إسرائيل منذ شهر ضد غزة، والجهود المبذولة لتخفيف الآثار الإنسانية الوخيمة، محوراً رئيسياً في الاجتماع.
لكن في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، والمخاوف من احتمالات استعداد كوريا الشمالية لإجراء تجربة نووية جديدة، والمخاوف بشأن "عدوانية الصين" المتزايدة على الصعيد العالمي، لن تكون هذه الأزمة الوحيدة على جدول أعمال القمة.
وفي طوكيو، سيسعى بلينكن ووزراء خارجية بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا واليابان وإيطاليا إلى إيجاد أرضية مشتركة لمنع حرب غزة من زعزعة الاستقرار الأمني الهش بالفعل في الشرق الأوسط الكبير، والسعي للحفاظ على المواقف التوافقية الحالية بشأن قضايا أخرى.
وقالت كاميكاوا إن اليابان "تدين بحزم" هجوم حماس على إسرائيل، وتدعم الجهود الأميركية لإيجاد طريق للمضي قدماً، مضيفة أن "الوحدة الوثيقة بين اليابان والولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية، وخاصة في هذه المرحلة". وتابعت: "نحن نقدر الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة في الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس. ندعمكم دعماً كاملاً".
وتشمل هذه الجهود زيادة كبيرة في كمية المساعدات الإنسانية التي يتم إرسالها إلى غزة، ودفع إسرائيل للموافقة على "توقف مؤقت" في حربها على القطاع للسماح بدخول تلك المساعدات وخروج المزيد من المدنيين، والبدء في التخطيط لحكم ما بعد الحرب، وإنهاء الصراع، والبنية الأمنية في القطاع، ومنع اتساع نطاق الحرب.
ووصف بلينكن كل هذه الأمور بأنها "عمل مستمر"، واعترف بالانقسامات العميقة حول مفهوم الإيقاف المؤقت، حيث لا تزال إسرائيل غير مقتنعة، وتطالب الدول العربية والإسلامية من جهتها بوقف فوري كامل لإطلاق النار، وهو أمر تعارضه الولايات المتحدة. وكان هناك أيضاً رفض لمناقشة مستقبل غزة مع إصرار الدول العربية على ضرورة معالجة الأزمة الإنسانية المباشرة أولاً.
الحصول على موافقة من أعضاء مجموعة السبع، الذين لا يشاركون بشكل مباشر في الصراع، قد يكون تحدياً أقل صعوبة بالنسبة لبلينكن.
"انقسامات"
وظهرت انقسامات بشأن غزة، ما أدى إلى تأجيج الرأي العام الدولي، والديمقراطيات ليست محصنة ضد المشاعر والانفعالات العنيفة التي تجلّت في المظاهرات الحاشدة المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة لإسرائيل في عواصم مجموعة السبع وأماكن أخرى.
والشهر الماضي، صوتت فرنسا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمصلحة قرار يدعو إلى هدنة إنسانية في غزة، اعترضت عليه الولايات المتحدة لأنه لم يذهب إلى الحد الكافي في "إدانة هجوم حماس على إسرائيل"، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت على هذا القرار.
وبعد عدة أيام في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فشل القرار الأميركي - الكندي غير الملزم الذي كان من شأنه أن يدين حماس، في حين تمت الموافقة على قرار منفصل يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار بأغلبية ساحقة.
وصوتت الولايات المتحدة ضد القرار الثاني، بينما صوتت فرنسا لمصلحته، وامتنع كل من بريطانيا وكندا وألمانيا وإيطاليا واليابان عن التصويت.
وصرح وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، لمجموعة مختارة من الصحافيين، بأن حكومته تدعم فقط "وقفة إنسانية" زمنية وجغرافية محددة وليس وقف إطلاق النار على نطاق أوسع، وقال: "أولاً، لم نر ولم نسمع أي شيء على الإطلاق يجعلنا نعتقد أن قيادة حماس جادة بشأن وقف إطلاق النار"، مضيفاً أن وقف إطلاق النار "سيعيق قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها"، وفق قوله.
ومنذ ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، ظلت مجموعة السبع متماسكة في الدفاع عن "النظام الدولي" الذي نشأ بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، ورغم بعض الخلافات حافظت المجموعة على جبهة موحدة في إدانة ومعارضة الحرب الروسية.
وبالمثل، كانت المجموعة ذات صوت واحد في مطالبة كوريا الشمالية بوقف تجاربها النووية المسلحة وبرامج الصواريخ الباليستية، وأن تمارس الصين نفوذها الدولي المتنامي بشكل مسؤول، وكذلك في الدعوة إلى اتخاذ إجراءات تعاونية لمكافحة الأوبئة والمواد الأفيونية الاصطناعية والتهديدات الناجمة عن سوء استخدام الذكاء الاصطناعي.
ووصل بلينكن إلى طوكيو قادماً من تركيا، وهي المحطة الأخيرة في رحلته التي استمرت أربعة أيام عبر أنحاء الشرق الأوسط، والتي بدأت بزيارة إسرائيل والأردن والضفة الغربية وقبرص والعراق، ومن اليابان يتوجه بلينكن إلى كوريا الجنوبية، ومنها إلى الهند.
(أسوشييتد برس)