تهديدات روسيا تُعيد خطر الحرب العالمية الثالثة إلى دائرة الضوء: ماذا لو أُطلق إنذار نووي كاذب؟
جاءت تصريحات وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أخيرا بأن خطر الحرب النووية "لا ينبغي التقليل من شأنه"، وأن حسن نية روسيا له حدود، لترفع مستوى التحذيرات الأوروبية من الدخول في حرب عالمية ثالثة. وكل ذلك على وقع تزخيم الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا بالأسلحة الثقيلة والهجومية، وفي مقدمته توجه سلوفاكيا لتزويد كييف بالطائرات، إلى الصواريخ والدبابات القتالية من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأخرى، كما بدأ الجيش الأميركي بتدريب القوات الأوكرانية على الأراضي الألمانية.
يأتي ذلك في وقت تعزز روسيا حضورها على الجبهات استعدادا لهجمات ساحقة ضد الأوكرانيين، وهذا ما طرح التساؤلات عن مخاطر تقويض توازن الرعب النووي، واحتمالات قيام حرب نووية.
وفي الإطار، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا باربوك في حوار تلفزيوني مع القناة الأولى في التلفزيون الألماني، ليل أمس الأحد، فيما يتعلق بالخشية من التصعيد، إذا ما قامت ألمانيا أيضا بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة، "لا يمكن قول أي شيء بيقين مطلق". موضحة أنه في حرب أوكرانيا "نواجه رئيسا روسيا خالف كل قواعد التعايش مع كل قواعد الإنسانية".
وأضافت "يتعين علينا الآن القيام بضمان قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها، والإعلان عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة لم يزد من خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، ولكن في الحرب كل خطوة تعتبر محفوفة المخاطر. وليبقى السؤال ماذا سيكون البديل؟ فنحن سنتحمل مسؤولية التقاعس إذا اتخذنا قرارا بعدم توفير السلاح الثقيل لكييف، وهذا ما سيسمح لبوتين بالسيطرة على المزيد من المدن الأوكرانية".
وعن مخاطر توسع الحرب لتصبح نووية، أشار الخبير العسكري فولفغانغ ريشتر، الأسبوع الماضي، إلى أن خطر الحرب النووية يتكون من عنصرين: الأول هو تأثير الهجوم النووي، والآخر هو احتمال وقوعه حتى ولو كان ضئيلا للغاية، وفي هذا الصدد يجب تحديد المخاطر الأعلى.
لكنه لفت إلى أنه "لا يمكن للمرء التكهن بشأن استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، وفي حال انتهكت روسيا حظر استخدام الأسلحة النووية، فستكون هذه نهاية معاهدة عدم الانتشار، ثم سُتعزل روسيا في جميع أنحاء العالم. ولن يكون هناك أحد داعم لها، ولا حتى الصين أو الهند، وستتراجع هذه الدول عن مواقفها الداعمة لموسكو، وستكون هناك بالتأكيد عواقب عسكرية". قبل أن يضيف: "لا جدوى من متابعة مثل هذه السيناريوهات حاليا، لأنه ينبغي منع مثل هذا الطرح. وفي الوقت الحالي، أعتقد أن الخطاب الروسي يهدف إلى ردع الغرب عن توفير المزيد من الأسلحة لأوكرانيا".
وفي خضم ذلك، أبرز تحقيق للصحيفة الإلكترونية السويسرية إنفو شبيربر، أن تمركز منصات الإطلاق والصواريخ التي يمكن تزويدها بأسلحة نووية مباشرة على حدود روسيا، وعلى بعد دقائق قليلة من موسكوٍ، يزيد من خطر أن يؤدي إنذار كاذب، إلى إطلاق تبادل نووي، والأهم التحقق قبل إطلاق أي بلاغ بشكل متهور.
وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة تنصب بالفعل ما يسمى بأنظمة الصواريخ أم كا ـ 41 في بولندا ورومانيا، ومنصات الإطلاق هذه مخصصة للأسلحة الدفاعية، ومع ذلك يمكن استخدامها أيضا مع الصواريخ ذات الرؤوس النووية. والأكثر خطورة أن منصات الإطلاق والصواريخ هذه على الحدود مع روسيا تخل أيضا بتوازن الرعب النووي، لأنه بعد هجوم أميركي من المرجح أن تفتقر روسيا إلى الدقائق اللازمة لشن هجوم مضاد ضد الولايات المتحدة أو أوروبا. وهذا الخلل في التوازن يترك روسيا عرضة للتهديدات الغربية المحتملة ما لم تصده بضربة نووية انتحارية أولى.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بخصوص وجهات النظر بين الطرفين المتصارعين بما خص التصعيد المحتمل، فإنه في روسيا لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الولايات المتحدة أو حلف شمالي الأطلسي لن يهاجما روسيا، سيما وأن أميركا غالبا ما هدفت إلى "تغيير الأنظمة" في العقود الأخيرة خصوصا في الدول التي لديها مخزون كبير من الطاقة أو المواد الخام، بينها العراق وليبيا وأفغانستان.
أما وجهة نظر أوروبا فهي منع تبادل الضربات النووية بأي ثمن، لأن القنابل الذرية من المحتمل أن تطاول أوروبا أولا، وبدلا من مجرد الحديث عن مزيد من إعادة التسلح، ينبغي وضع مقترحات ملموسة لنزع السلاح الذي يمكن السيطرة عليه بشكل متبادل، ومثل هذه الخطوة ستكون في مصلحة جميع المعنيين، باستثناء لوبي التسلح.