تحطمت طائرتان حربيتان تابعتان للنظام السوري، في ظرف أيام معدودة، أخيراً، نتيجة أعطال فنية، ما يؤكد تهالك سلاح الطيران الحربي الذي تمتلكه هذه القوات، والذي سخّره النظام منذ عام 2011 لقتل المدنيين وتدمير المدن والبلدات السورية التي خرجت عن سيطرته على مدى سنوات الثورة.
أعطال فنية تصيب طائرات النظام
وسقطت فجر أمس الأحد طائرة مروحية تابعة لقوات النظام على حيّ سكني داخل مدينة حماة (وسط سورية) نتيجة عطل فني، ما أدى إلى مقتل طاقمها المكون من ثلاثة ضباط. وخلّف سقوط الطائرة، التي أقلعت من مطار حماة العسكري في مهمة تدريبية، أضراراً جسيمة بالمباني السكنية، لكنه لم يفض كما يبدو إلى مقتل أو إصابة مدنيين.
وجاء سقوط المروحية في حماة بعد يومين فقط من تحطم طائرة حربية في محيط بلدة الخالدية شمال شرقي السويداء، جنوبي سورية، نتيجة عطل فني، إذ لا تشهد المنطقة أي عمليات عسكرية. وذكرت مصادر محلية أن الطيار نجا من الموت، بعدما قفز بالمظلة، وأُسعف إلى المشفى الوطني في مدينة السويداء نتيجة إصابته بجروح.
البكور: الجانب الروسي توقف عن تزويد طيران النظام الحربي والمروحي بقطع التبديل
وكان النظام السوري قد بدأ باستخدام سلاح الطيران لقمع المتظاهرين في منتصف عام 2011، حين قصفت مروحيات مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، أثناء تظاهر عشرات الآلاف من المواطنين في جمعة أطلق عليها في حينه اسم "جمعة العشائر".
ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف الطيران المروحي والحربي التابع للنظام عن قصف المدن والبلدات السورية، ما أدى إلى مقتل عشرات آلاف المدنيين ودمار هائل في العديد من هذه المدن، خصوصاً في ريف دمشق وحلب وإدلب، وريفي حمص وحماة.
وأكد العقيد الطيار المنشق عن قوات النظام مصطفى البكور، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "سقوط ما بقي لدى النظام من طائرات حربية ومروحية بات حتمياً، بسبب التراجع الكبير في مستوى الجاهزية الفنية". وتابع: "تراكمت الأعطال الفنية بعد الاستهلاك الكبير للطائرات في قصف الشعب السوري".
وأشار البكور إلى أن الجانب الروسي توقف عن تزويد طيران النظام الحربي والمروحي بقطع التبديل، ليبقى هذا النظام مرتهناً للطيران الروسي في عملياته العسكرية. وأوضح البكور أنه "كان لدى النظام نحو 250 طائرة حربية في فترة ما قبل عام 2011 من طراز ميغ 21، وميغ 29، وسوخوي 22، وسوخوي 24، وإل 39"، سقط نحو 100 منها خلال سنوات الثورة، مضيفاً أن "ما بقي لديه الآن هو أقل من 50 طائرة جاهزة فقط، فيما البقية أصبحت خارج الخدمة".
غياب التحديث منذ 1990
وفي السياق، بيّن طيار منشق عن قوات النظام (فضّل عدم ذكر اسمه)، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تهالك سلاح الطيران في سورية ليس جديداً"، مشيراً إلى أن "هذا السلاح كان متهالكاً قبل بدء الثورة في عام 2011". وأوضح أن "آخر تحديث أجراه النظام على هذا السلاح كان في عام 1990".
ولفت المصدر إلى أنه كان لدى النظام نحو 400 طائرة ما بين حربية ومروحية، واليوم ربما لم يبق لديه إلا نحو 30 طائرة جاهزة للإقلاع والقيام بعمليات، والباقي إما تحطم خلال سنوات الثورة أو أنه بات خارج الخدمة. وقال: "طائرات النظام باتت اليوم خردة بكل معنى الكلمة. انهار سلاح الطيران في قوات النظام، وعملياً لم يعد موجوداً".
وأوضح الطيّار المنشق عن قوات النظام أن "أغلب طياري النخبة انشقوا عن هذا السلاح، كي لا يتحولوا إلى قتلة، وفي مقدمتهم رائد الفضاء الطيار محمد الفارس". وأضاف أن "من بقي من طيارين لدى النظام قتلوا عشرات آلاف السوريين خصوصاً بسلاح البراميل، وهو أكثر الأسلحة المتخلفة فتكاً بالمدنيين". وقال: "كنا نعد الطيارين للدفاع عن سورية وتحرير الأراضي المحتلة، وليس لقتل الشعب السوري كما يحدث منذ عام 2011".
وأرجع المصدر أسباب السقوط المتكرر لطائرات النظام في الآونة الأخيرة إلى الأعطال الفنية "نتيجة عدم وجود قطع تبديل وتأهيل للطائرات". وقال إنه "لم يعد لدى النظام عجلات للطائرات، أو حتى خوذ للطيارين، حتى الرواتب تُعطى لهم بالتقسيط".
لم يبق لدى النظام أكثر من 30 طائرة جاهزة للإقلاع والقيام بعمليات
وبيّن المصدر أن "قلة الخبرة لدى طيارين النظام سبب آخر وراء سقوط الطائرات"، موضحاً أنه "عندما انشق طيارو النخبة، لم تعد هناك دورات حقيقية لتأهيل طيارين، حيث اختفت المشاريع التكتيكية". كما أوضح أن "القرار في سلاح الطيران التابع للنظام "بات للروس والإيرانيين"، متحدثاً عن "وجود ضابط ارتباط روسي في مركز العمليات، هو من يعطي الأوامر وليس قيادة سلاح الطيران التابعة للنظام."
ولدى النظام السوري العديد من المطارات التي ظلّت تقلع منها الطائرات الحربية لقصف المدن والبلدات على مدى سنوات، أبرزها مطار حماة العسكري، ومطار تي فور، ومطار الشعيرات (مطار الموت)، ومطار الضمير، ومطار السين. وهناك العديد من المطارات الأقل أهمية لدى النظام، منها مطار الثعلة في ريف السويداء جنوب سورية، وتياس، وكويرس ودير الزور.
وإلى الغرب من مدينة دمشق بنحو كيلومترين، يقع المطار الأشهر في تاريخ سورية، وهو مطار المزة العسكري الذي تحوّل منذ بدء الثورة إلى معتقل كبير، مورست فيه أساليب تعذيب أدت إلى مقتل العشرات، وربما المئات من السوريين. ويعد هذا المطار مقراً لما يُسمّى بـ"الاستخبارات الجوية" التي استحدثها النظام، في بدايات سبعينيات القرن الماضي وجعلها حكراً على الموالين له، وهي تعد الجهاز الأكثر فتكاً بالسوريين.
وخسر النظام خلال سنوات الثورة العديد من المطارات والتي استعاد بعضها لاحقاً، ومنها: مطار الطبقة العسكري في ريف الرقة الغربي ومطار منّغ في ريف حلب الشمالي، ويتشارك النظام السيطرة عليهما مع الوحدات الكردية، بالإضافة إلى مطار تفتناز في ريف إدلب والذي تحول إلى قاعدة عسكرية تركية.