نددت شخصيات سياسية تونسية ومحامون، اليوم الخميس، بمحاكمة العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني، مؤكدين، في مؤتمر صحافي بدار المحامي، أن الحكم الصادر شكّل صدمة لهيئة الدفاع والمحامين، وأنهم لن يصمتوا عن هذا الخرق الجسيم ومحاولة ترهيب القطاع.
وأكد رئيس لجنة الدفاع عن العميد السابق عبد الرزاق الكيلاني، المحامي سمير ديلو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ ملف القضية "فارغ وانطلق مما نشرته صفحة تنسيقية مساندة لقيس سعيد"، مؤكداً أنّ هناك حالياً حجزاً لمحاميين اثنين، هما نور الدين البحيري، المحتجز في مستشفى عمومي، والعميد السابق الكيلاني، ولا مبرر قانونياً للسجن والاحتجاز.
وأضاف ديلو أنّ "الكيلاني عميد سابق ووزير سابق وسفير سابق والتهم الموجهة إليه لا أساس لها من الواقع وغير قانونية ولا توجد جهة شاكية أو متضررة"، مشيراً إلى أنه "منذ 25 يوليو والقضاء العسكري أصبح مختصاً في محاكمة المدنيين، وهذا غير مقبول".
وبيّن ديلو، خلال المؤتمر الصحافي، أنّ "المقصود من هذا الحكم تخويف المحامين، ولكن هذا لن يرهب المحامين ولا العميد السابق الكيلاني"، مشيراً إلى أن الكيلاني لم يرتكب جريمة ليُحاسَب عليها، بل قام بواجبه كمحامٍ وأراد زيارة موكله نور الدين البحيري المودع في مستشفى بنزرت، وخاض نقاشاً مع الأمنيين الموجودين أمام المستشفى، مؤكداً لهم أن الأمن يجب أن يكون جمهورياً، وطلب منهم تطبيق القانون، ليجد نفسه محالاً أمام القضاء العسكري ثم بالسجن.
وقال رئيس الفرع الجهوي للمحامين، محمد الهادفي، إن إيداع الكيلاني السجن كان دون سند قانوني.
إيقاف المحامين وإيداعهم السجن تحول إلى ظاهرة متواترة
وأكد أن الكيلاني "معروف بالاستقامة وبنظافة اليد، وقبِل الحضور أمام قاضي التحقيق العسكري، بالرغم من كونه قضاءً غير مختص، ثم فوجئوا بالحكم".
وقال الهادفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "ما حصل مؤشر خطير وسابقة"، مبيناً أن "عميداً فرنسياً قدم كملاحظ في التحقيق أمس بالمحكمة العسكرية، وكانت كل المؤشرات جيدة والقبول لائقاً في البداية، ثم كانت الصدمة للجميع بالحكم بالسجن"، مضيفاً أن "التحقيق مع الكيلاني لم يكن بطرح ما نُسب إليه، بل كان هناك شبه تبنٍّ للتهم، ولا مبرر لما حصل سوى أن له خلفية سياسية".
وبيّن المتحدث أن "إيقاف المحامين وإيداعهم السجن تحول إلى ظاهرة متواترة، وهو مؤشر خطير وناقوس خطر للقضاء وللمواطن"، موضحاً أنهم كمحامين "مستعدون للتصعيد".
وقال السياسي والمحامي رضا بلحاج إن استهداف العميد السابق الكيلاني هو في الحقيقة استهداف لوجه من وجوه الثورة، مؤكداً، في مداخلته بالندوة، أن النظام يبدو وكأن لديه مشكلة مع رموز الثورة ومع مكوناتها، لأنه ببساطة لم يشارك فيها، مضيفاً أن "الكيلاني كان من الشخصيات الوطنية الأولى التي نددت بالانقلاب، وصرّحت بأنه انقلاب، ولذلك تم استهدافه، خاصة أنه شارك في مختلف التحركات المعبرة عن الرفض لـ25 يوليو، وهو ما جعله يحاكم".
وبيّن المحامي فيصل الجدلاوي أن "المحامين ليسوا فوق القانون، ولكن ما حصل مع عميد المحامين السابق غير قانوني وغير مقبول وغير موجب لإحالة الكيلاني على القضاء العسكري"، مؤكداً أن "هناك عملية صنع وفبركة للملف من قبل تنسيقيات قيس سعيّد، لأن الملف أساساً فارغ والقصد منه تصفية خصوم وحسابات شخصية".
الكيلاني كان من الشخصيات الوطنية الأولى التي نددت بالانقلاب، وصرّحت بأنه انقلاب.
وبيّن أن قضية الكيلاني ليست قضية توجب الإدانة، مبيناً أن المحامين المدافعين عن الحقوق والحريات مستهدفون لمخالفة الرأي في توصيف ما حصل في 25 يوليو.
وأكد المحامي عبد الرؤوف العيادي أن ما حصل "مجرد ترهيب للمحامين وللشعب وللنخبة"، مبيناً أن"حملات سعيد كانت ضد القضاء، واليوم هي ضد المحامين ومحاولة لضرب القيم"، مشيراً إلى أن "تونس عاشت تاريخاً طويلاً من الاستبداد ولا توجد ثقة من المستبدين في القضاء، وهناك محاولات لهدم المكاسب التي تحققت بعد الثورة".
وأضاف أن "ملف الكيلاني ملف فضيحة والقضاء العسكري الذي يعتبر قضاءً خاصاً بالعسكريين أصبح اليوم قضاءً ينفذ التعليمات"، مبيناً أن "المحكمة العسكرية ثكنة ولا تتوافر فيها العلنية ومراقبة العدالة، وسعيّد يريد اليوم قضاءً تابعاً للسلطة وغير مستقل لتحويله إلى أداة بطش".
وتؤكد المحامية سعيدة العكرمي، زوجة نور الدين البحيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المحاكمة التي حصلت، محاكمة للمحاماة التونسية وهجمة تستهدف أحرار الوطن، وخاصة من هم ضد الانقلاب"، مبينة أن "الكيلاني ليس فقط عميداً سابقاً للمحامين، بل شخصية وطنية وقاوم منذ 25 يوليو الانقلاب والدكتاتورية، ومحاكمته اليوم محاكمة للأحرار الرافضين للانقلاب".