كلّفت القمة العربية التي انتهت، أمس الأربعاء، في الجزائر، دولة الجزائر بإجراء مشاورات بين الدول الأعضاء في لجنة فلسطين، بشأن تشكيل فريق عربي يتولى تنفيذ "كافة" اتفاقات المصالحة الفلسطينية، بما فيها اتفاق الجزائر الموقّع في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الليلة الماضية، عقب اختتام القمة العربية، عندما سأله الصحافيون عمّن ستولى تطبيق اتفاق الفصائل الفلسطينية: "أنا من سيتكفّل بذلك"، في إشارة واضحة إلى تمسّك جزائري لافت برئاسة الفريق العربي وتولي تنفيذ اتفاق الفصائل، بينما جاءت البنود المتضمنة في لوائح القمة غير واضحة بهذا الشأن، لا سيما عند التذكير بتفويض عربي حصلت عليه مصر عام 2011 لرعاية المصالحة.
وتضمن الفصل الملحق لمقرارات القمة العربية، المتعلّق بمتابعة التطورات السياسية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، "دعوة الجزائر بصفتها رئيسة القمة والدول العربية المعنية إلى مواصلة جهودها، والتشاور فيما بين أعضاء لجنة فلسطين حول تشكيل فريق عربي لمتابعة جهود المصالحة كافة، بما فيها إعلان الجزائر، وذلك للعمل على تحقيق المصالحة الفلسطينية وتنفيذ الاستحقاقات الواردة في إعلان الجزائر، وما سبقه من استحقاقات في إطار تلك الجهود، لتعزيز لحمة الموقف الفلسطيني، وللمساهمة في تقوية موقفه التفاوضي وصون حقوقه المشروعة".
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، عقب اختتام أشغال القمة العربية، رداً على سؤال حول هوية أعضاء لجنة الاتصالات المرتقب إنشاؤها في إطار الجامعة العربية لدعم القضية الفلسطينية، إنه "لم تتقرر بعد هوية الدول التي ستكون أعضاء في اللجنة أو الدولة التي ستتولى رئاستها"، مشيراً إلى أنّ "المسألة تحتاج إلى مشاورات في ظل وجود عدة دول عربية أكثر نشاطاً واهتماماً بالقضية الفلسطينية"، كما أنّ "الهدف الجامع لجميع الدول يتمثل في توسيع رقعة الدولة الفلسطينية وتوسيع رقعة الاعتراف بدولة فلسطين، لا سيما أنّ الملف يعود لمجلس الأمن الدولي، الذي لا بد أن يمنح توصية"، بحسب زكي، خاصة أنّ الموقف الأميركي غير مساعد في هذا السياق، بسبب استخدام أميركا حق الفيتو في مجلس الأمن ضد عضوية فلسطين.
وتضع الصيغة الواردة في هذا البند الجزائر تحت ضغط عامل الوقت، حيث سيتعين عليها السعي لاستكمال مشاورات تشكيل الفريق العربي لتطبيق اتفاق الفصائل الفلسطينية الأخير قبل نهاية شهر مارس/ آذار المقبل، موعد نهاية رئاسة الجزائر القمة التي ستنتقل إلى السعودية خلال القمة المقبلة. ومنح هذا البند الجزائر إدارة المشاورات حول تشكيل الفريق العربي، وحصر المشاورات بين الدول الأعضاء في لجنة فلسطين بالجامعة العربية، من دون أن يقرّ للجزائر صراحة برئاستها الفريق العربي لتنفيذ اتفاق الفصائل، وفقاً لما نص عليه صراحة إعلان الجزائر الموقّع في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
غير أنّ هذا الفصل المنبثق عن القمة العربية يشير في بند سابق إلى أنّ مصر هي صاحبة التفويض العربي في مجال "رعاية المصالحة بين الفصائل الفلسطينية بما يؤدي إلى وحدة الصف ولحمة الموقف الفلسطيني ويعزز موقفه التفاوضي"، وفقاً للقرار 7365 الصادر في مايو/ أيار من عام 2011 عن مجلس الجامعة العربية، وهو ما يؤكد وجود تدافع مصري جزائري حاد حول ملف رعاية المصالحة الفلسطينية، إذ لا ترغب القاهرة في نقل الرعاية إلى الجزائر أو أي جهة أخرى، بسبب حيوية المسألة وحساسيتها وارتباطاتها بحدود الدور المصري وأهميته في المنطقة، وكذا الانعكاسات المباشرة على الأمن القومي المصري، وفقاً لوجهة النظر المصرية.
ولم يكن موضوع رعاية المصالحة الفلسطينية وحده النقطة الخلافية في القمة العربية، خصوصاً بين الجزائر ومصر، إذ شكّل الملف الليبي نقطة تباين أخرى، وأقرّ مساعد الأمين العام للجامعة العربية حسام زكي بذلك، حيث قال في تصريح صحافي، أمس الأربعاء، إنه "سُجّل تقارب بين الرأيين الجزائري والمصري حول الملف، من دون وجود اختلاف واضح، وإنما وجهات نظر وعناصر اتفاق متعددة"، واصفاً الملف الليبي بـ"المعقّد، والذي ينبغي أن يحتكم لمختلف وجهات النظر، كما أنّ الطريق حالياً ليس غامضاً، والأهم نجاح الفرقاء الليبيون في التوافق فيما بينهم حول مستقبل ليبيا".