تقرير حقوقي: نحو 11 ألف سوري يخضعون لمحكمة قضايا الإرهاب

15 أكتوبر 2020
المحكمة تستهدف معارضي النظام (فرانس برس)
+ الخط -

قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 10767 شخصاً لا يزالون يخضعون لمحكمة قضايا الإرهاب، وهي محكمة سياسية أمنية أسسها النظام السوري في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2012، وتهدف إلى القضاء على المطالبين بالتغيير السياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وقدَّرت الشبكة، في تقرير أصدرته اليوم الخميس، عدد القضايا التي نظرت فيها محكمة الإرهاب منذ تأسيسها بقرابة 90560 قضية، وتشكل هذه الحصيلة العدد الإجمالي للقضايا التي أحيلت إلى ديوان النيابة العامة في المحكمة، وتتضمن المتهمين المحتجزين، وغير المحتجزين، والموقوفين، والذين صدرت أحكام بحقهم، مشيرة إلى أن القضية قد تكون لشخص واحد أو لعدة أشخاص معاً.

وذكر التقرير أن النظام السوري لم يكتف بتصفية خصومه السياسيين بالسجن والإعدام، بل إنه قام بتضمين قانون مكافحة الإرهاب، الذي تحكم بموجبه المحكمة، نصوصاً تهدف إلى السيطرة على ممتلكات المعارضين السياسيين والعسكريين، وذلك وفقاً للمادة 11 والمادة 12 من نصوصه، كما أن النظام السوري خصَّص قانوناً خاصاً لتجريد ملكية خصومه الذين شاركوا في الحراك الشعبي ضده.

وأشارت إلى أنه بموجب قانون مكافحة الإرهاب والمرسوم رقم 63 لعام 2012 أطلقت يد كل من محكمة الإرهاب ووزارة المالية والأجهزة الأمنية، وغيرها من الجهات العامة، بإصدار قوائم مصادرة جماعية، استهدفت آلاف الخاضعين أمام المحكمة أو المحالين إليها غيابياً بتهم الإرهاب أو الذين أصدرت اللجان الأمنية بحقهم قرارات تقضي بالحجز على ممتلكاتهم، وأرسلت قوائم ببياناتهم إلى المحكمة لاستصدار قرارات وأحكام ضدهم.

النظام السوري لم يكتف بتصفية خصومه السياسيين بالسجن والإعدام، بل إنه قام بتضمين قانون مكافحة الإرهاب، الذي تحكم بموجبه المحكمة، نصوصاً تهدف إلى السيطرة على ممتلكات المعارضين السياسيين والعسكريين

وسجَّل التقرير، منذ بداية عام 2014، ما لا يقل عن 3970 حالة حجز استهدفت المعارضين الموقوفين أو المشردين قسرياً، ومن بينهم ما لا يقل عن 57 طفلاً.

كما استعرض التقرير الظروف المهينة التي تواجه الأهالي والمحامين لدى مراجعة محكمة قضايا الإرهاب، وانعدام مراعاة الحالة النفسية للمعتقل ضمن جلسات المحكمة، وأشار إلى أن احتقار المعتقلين السياسيين لا يقتصر على تشكيل المحكمة وإجراءاتها، بل يمتد ليطاول ذويهم الراغبين بمراجعة أحوالهم. 

ورأى التقرير أن الأساليب المتبعة في إهانة المعتقلين وذويهم ومحاميهم هي أساليب مدروسة ومخطط لها، وأقل ما توصف به أنها خالية من الكرامة والإنسانية، مؤكداً أن هذه الممارسات تهدف إلى فتح الباب أمام شبكات المافيات التابعة للنظام السوري التي تقوم باستغلال الأهالي وابتزازهم مقابل الحصول على معلومات، أو المساهمة في إخلاء السبيل، و"هذه الشبكات المافيوية تتضمن عناصر أمن ومحامين وضباطا، ولديهم أعضاء ينتشرون بين الأهالي الواقفين على باب المحكمة، حيث يقومون بعرض خدماتهم مقابل أجور مالية مرتفعة".

وبحسب التقرير، فقد انتهك النظام السوري القانون الدولي العرفي والمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف عبر تطبيق هذه المحاكمات على خلفية النزاع المسلح الداخلي، لأن المحكمة ليست مشكّلة وفقاً للقانون، وغير مستقلة وغير محايدة، وغير عادلة، ويندرج حرمان الشخص من حقه في محاكمة عادلة كجريمة حرب في النظم الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية.

كما اعتبر التقرير أن أحكام الإعدام الصادرة عن محكمة قضايا الإرهاب تُشكل جريمة حرب، مستنداً إلى البند الرابع في المادة 8 (2) (ج) ’4‘ في ميثاق روما الأساسي، ورأى أن "النظام يستخدم ضمن الغالبية العظمى من خطاباته مفردة الإرهابيين لكل من طالب بتغيير النظام السوري، وذلك كي يتم وصمهم بالإرهاب؛ مما يسهل على الموالين له تعذيبهم وقتلهم ونهب ممتلكاتهم، ومن هنا جاءت تسمية المحكمة بأنها محكمة قضايا الإرهاب، أي أنها تحاكم إرهابيين، والنظام السوري هو الذي وضع تعريفه الخاص للإرهاب وقانون الإرهاب، وهو الذي يطبقه، وهو الذي يقاضي وفقاً له".

وقال فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: "لقد سيطر النظام السوري بشكل مطبق على السلطات الثلاث، وتركَّزت جميعها في يد رئيس النظام والأجهزة الأمنية، فنتجَت إثر ذلك نصوص دستورية، وقوانين تشريعية، ومحاكم شاذة تخالف أبسط معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، وحرص النظام على الإبقاء على الواجهة الشكلية من أجل ممارسة التضليل والخداع، وتتجسّد تداعيات كل ذلك بشكل واضح في محكمة الإرهاب التي تعتبر بمثابة فرع أمني إضافي، والتي تهدف بشكل أساسي إلى شرعنة جريمة القتل خارج نطاق القانون للمعتقلين السياسيين أو سجنهم لسنوات طويلة تتراوح بين 25 و30 عاماً".

المساهمون