تقرير البعثة الأوروبية لمراقبة انتخابات لبنان: توصيات ورصد مخالفات

05 يوليو 2022
طغى انقطاع التيار الكهربائي على الكثير من مراكز الاقتراع (حسين بيضون)
+ الخط -

نشرت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات النيابية في لبنان لعام 2022، تقريرها النهائي الذي تضمَّن 23 توصية لتحسين العملية الانتخابية في المستقبل، 6 منها ذات أولوية، متوقفة عند ممارسات شراء الأصوات والزبائنية واسعة النطاق التي طغت على الانتخابات، ممّا شوَّهَ تكافؤ الفرص، وأثّر بشكلٍ خطيرٍ على اختيار الناخبين.

وقال التقرير الذي تسلّمه الرئيس اللبناني ميشال عون أمس الإثنين من رئيس البعثة جورجي هولفيني، ونشرت تفاصيله البعثة عبر موقعها الإلكتروني، إنه "تم الإبلاغ عن حالات عديدة من شراء الأصوات والزبائنية، وكان توزيع أكياس الخبز، والطرود الغذائية والإمدادات الطبية إضافة إلى المولدات والطاقة الشمسية والوقود، بين الممارسات التي استخدمها بعض الأحزاب السياسية والمرشحين في كثيرٍ من الأحيان في مكاتبهم، للتأثير بشكلٍ غير ملائمٍ على الناخبين".

كما لوحظت "حالات ترهيب، بما في ذلك ترهيب المرشحات، وتدمير مواد الحملة الانتخابية، وعرقلة أنشطة الحملة، وأُبلِغَ عنها في عددٍ من الدوائر".

وأشار جميع مراقبي بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات إلى "تداول نقدي هائل في الحملات الانتخابية، حيث سادت ثقافة الإعلانات العينية والمالية للأغراض الانتخابية من قبل المؤسسات التي يملكها أو يديرها مرشحون أو أحزاب".

وأشار التقرير إلى أن مساحة الإنترنت كانت مائلة بسبب التلاعب السائد بالمعلومات، في حين أن الإطار القانوني لتمويل الحملات الانتخابية يعاني من أوجه قصور خطيرة في ما يتعلق بالشفافية والمساءلة، وبينما كانت حرية التعبير تُحترَم بشكلٍ كبيرٍ، فقد فشلت وسائل الإعلام في توفير تغطية متساوية ومتوازنة.

ولم تكن لدى هيئة الإشراف على الانتخابات أي أموال، وافتقرت إلى الموارد البشرية المؤهلة، كما لم تكن لديها سلطة معاقبة على انتهاكات قواعد الحملات الإعلامية وتمويل الحملات الانتخابية، كما أنها تفتقر إلى تفويض صريح لمراقبة حملات وسائل التواصل الاجتماعي، وفق التقرير.

ومن التوصيات ذات الأولوية تبعاً لبعثة الاتحاد الأوروبي:

أولاً، إنشاء مراكز ميغاسنتر على أساس التسجيل المسبق للناخبين، من أجل تسهيل مشاركتهم.

ثانياً، إنشاء هيئة الإشراف على الانتخابات ككيان قانوني منفصل مستقل تماماً عن وزارة الداخلية والبلديات، بما في ذلك من الناحيتين الإدارية والمالية.

ثالثاً، منح هيئة الإشراف على الانتخابات الولاية والقدرة على التحقق من جميع الحسابات الشخصية للمرشحين، وأطفالهم، وأزواجهم ومراجعتها، عن طريق رفع السرية المصرفية عن هذه الحسابات، وإنشاء وحدة مخصصة داخل هيئة الإشراف لهذا الغرض.

رابعاً، تنظيم صارم لتوفير السلع أو الخدمات أو المدفوعات من قبل المؤسسات التي يملكها أو يديرها المرشحون أو الأحزاب، بما في ذلك الشركات والمؤسسات والجمعيات الخيرية في فترة الحملة الانتخابية لتجنب استخدامها لأغراضٍ انتخابية.

خامساً، تمكين هيئة الإشراف على الانتخابات من فرض غرامات رادعة على المرشحين واللوائح الذين لا يقدمون تقارير تمويل الحملات الإلزامية في الوقت المحدد أو يخالفون السقوف القصوى للإنفاق على الحملة مصحوبة بتدابير إنفاذ، على سبيل المثال حظر الترشح في الانتخابات المستقبلية في حالة عدم دفع هذه الغرامات.

سادساً، اعتماد تدابير خاصة مؤقتة لزيادة تمثيل المرأة في البرلمان.

ونشر الاتحاد الأوروبي بعثة لمراقبة الانتخابات البرلمانية في لبنان التي جرت في 15 مايو/أيار الماضي، بناءً على دعوة من وزارة الداخلية والبلديات، فكانت حاضرة من 27 مارس/آذار إلى 16 يونيو/حزيران الماضيين، وقد ترأس البعثة كبير المراقبين جورجي هولفيني، في حين بلغ عدد المراقبين 167، من 27 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وكندا والنرويج وسويسرا.

وقال هولفيني أمس خلال لقائه الرئيس اللبناني، إن البعثة أنهت عملها، وأعدّت التقرير استناداً إلى الحقائق التي اطلع عليها أفرادها، لافتاً أيضاً إلى أن التقرير تضمن توصيات مختلفة تشكل قاعدة للتعاون في المستقبل، لإتمام الانتخابات في ظروفٍ أكثر ملاءمة، كما تقترح إجراء تعديلات في بعض الإجراءات والتدابير الانتخابية الضرورية.

من جهته، قال عون إنه اطلع على موجز التقرير الذي نقل صورة واقعية عن مسار الانتخابات وبعض الممارسات التي حصلت فيها، ولا سيما استعمال المال الانتخابي الذي يفسد النتائج، مشيراً إلى أن "مضمون التقرير سيكون مستقبلاً موضع اهتمام ومتابعة من الجهات المعنية بالعمليات الانتخابية".

وكانت جمعيات لبنانية معنية وثقت بدورها انتهاكات كثيرة شابت العملية الانتخابية في لبنان والخارج سواء في فترة الحملة أو في اليوم الانتخابي، خصوصاً لناحية خرق الصمت الانتخابي، الاعتداء على مراقبين ومندوبين وصحافيين، ولا سيما من جانب عناصر حزبية تابعة لحزب الله وحركة أمل برئاسة نبيه بري، عدا عن الشراء غير المسبوق للأصوات، بحيث استغلّ المرشحون الظروف الاقتصادية الصعبة لاستمالة الناخب وكسب صوته، فكان الدفع نقداً بالدولار يتصدّر الواجهة في ظل الأزمة النقدية، عدا عن توزيع المواد الغذائية، والسلع الأساسية الحياتية، والمحروقات، والأدوية، ودفع فواتير الاستشفاء والمولدات وما إلى ذلك، إضافة إلى الأساليب التقليدية المرتبطة بتزفيت طريق وإضاءة شارع أو أوتوستراد ودفع أقساط منزلية ومدرسية.

كما طغى انقطاع التيار الكهربائي على الكثير من مراكز الاقتراع، وسط تسجيل توقف للمصاعد الكهربائية، ما أدى إلى تكرار مشاهد إذلال الأشخاص المعوقين كما في كل استحقاق، الأمر الذي أعاق تأدية حقهم الديمقراطي في الاقتراع بحرية وكرامة.

المساهمون