تقرير أممي: جرائم ضد الإنسانية بقمع تظاهرات إيران بعد مقتل مهسا أميني

08 مارس 2024
تعاملت السلطات الإيرانية مع الاحتجاجات بوصفها "أحداث شغب" (Getty)
+ الخط -

أدّى القمع العنيف في إيران للتظاهرات بعد وفاة الشابة مهسا أميني، في سبتمبر/ أيلول 2022، و"التمييز المؤسسي" ضد النساء والفتيات، إلى "جرائم ضد الإنسانية"، على ما أفاد تقرير صدر عن خبراء مكلّفين من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وأشار الخبراء إلى أن انتهاكات خطيرة كثيرة لحقوق الإنسان واردة في التقرير "تشكّل جرائم ضد الإنسانية، وخصوصاً جرائم قتل وسجن وتعذيب واغتصابات، وأشكال أخرى من التعذيب الجنسي والاضطهاد والإخفاء القسري، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية".

وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد كلّف خبراء بإجراء تحقيق، رفضت السلطات الإيرانية المشاركة فيه، وذلك بعد التظاهرات الضخمة التي هزّت إيران على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني، بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في البلاد.

وحشدت السلطات الإيرانية حينها الأجهزة الأمنية بكاملها لقمع المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع بعد وفاة أميني، بحسب الخبراء.

وجاء في التقرير أن "أرقاماً موثوقة تشير إلى أن ما لا يقلّ عن 551 متظاهرًا قُتلوا على أيدي قوات الأمن، بينهم ما لا يقلّ عن 49 امرأة و68 طفلًا. ونتجت معظم الوفيات عن استخدام الأسلحة النارية، بما في ذلك بنادق هجومية".

وتوصلت بعثة تقصي الحقائق إلى أنه "في الحالات التي عاينتها، لجأت قوات الأمن إلى استخدام غير ضروري وغير متناسب للقوة، ما أدّى إلى عمليات قتل غير قانونية وإصابات في صفوف المتظاهرين". وتابع التقرير: "أدت الإصابات العديدة التي لحقت بأعين المتظاهرين إلى ترك ندوب مدى الحياة على العشرات من النساء والرجال والأطفال".

وذكر التقرير كذلك أن "البعثة وجدت أدلة على عمليات إعدام خارج نطاق القضاء".

مهسا أميني في المستشفى

بعد دخول مهسا أميني المستشفى، بعيد ساعات من احتجازها في 13 سبتمبر 2022، نالت قضيتها على مدى ثلاثة أيام، كانت فيها في المستشفى، تغطية إعلامية واسعة مدفوعة بسخونة جدلية الحجاب في المجتمع في تلك الأيام على خلفية عودة شرطة الآداب إلى الشوارع وتشديد إجراءاتها.

وكان لصور نشرت لأميني وهي راقدة على السرير تصارع الموت مفعولها أيضاً، إلى أن تحولت القصة إلى قضية رأي عام، سرعان ما برزت في ظهور تجمعات احتجاجية أمام المستشفى بمجرد الإعلان عن وفاتها. ثم تجاوزت ذلك إلى مناطق أخرى في العاصمة طهران، وكذلك إلى غرب إيران حيث المحافظات الكردية، وذلك بعد تشييع ودفن جثمانها في مسقط رأسها، مدينة سقز الكردية.

ومع مرور الوقت، توسعت خريطة الاحتجاجات لتشمل مدناً أخرى شمالاً وجنوباً وشرقاً. وكان الشباب وطلاب الجامعات والنساء، خصوصاً صغار السن ممن يعرفون بأنهم من جيل "زيد" (الجيل الذي يلي جيل الألفية، ويتكون عموماً من مواليد منتصف التسعينيات إلى منتصف العقد الأول من الألفية الثانية) العمود الفقري لهذه الاحتجاجات، التي كانت الأولى من نوعها، لكونها الأوسع نطاقاً والأطول زمنياً بعد الثورة الإسلامية في عام 1979 حيث استمرت قرابة 3 أشهر.

في غياب أرقام السلطة

لم تعلن السلطات رسمياً أرقام القتلى والمصابين والمعتقلين في هذه الاحتجاجات التي تخللتها أعمال عنف وتخريب واسعين لمؤسسات الدولة وممتلكاتها، لكن منظمات حقوقية معارضة، مقرها خارج إيران، أشارت إلى 488 قتيلاً وآلاف المعتقلين والمصابين. ومن بين القتلى والمصابين، العشرات من قوات الأمن والباسيج والحرس الثوري، حسب إعلان وسائل إعلام محلية.

وفي أول تصريح لمسؤول إيراني، أعلن قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري، العميد أمير علي حاجي زاده، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني، مقتل أكثر من 300 شخص في إيران في الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني.

وركزت السلطات على التعامل الأمني في احتواء الاحتجاجات التي وصفتها بأنها "أعمال شغب"، مع اتهام جهات أجنبية بالتخطيط لها وإثارتها، في مقدمتها الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، عازية وقوع القتلى إلى "مندسين" بين المتظاهرين، إلى أن سيطرت أمنياً على الوضع وأنهت الاحتجاجات من الشوارع، مع اعتقال العشرات من الناشطين والصحافيين، بعضهم ما زالوا قيد الاحتجاز.

ولاحقاً، خلال فبراير/شباط 2023، أصدر المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي عفواً عن قرابة 100 ألف سجين، هو الأوسع منذ ثورة 1979، قيل إن عشرات الآلاف منهم كانوا من معتقلي الاحتجاجات. كما أصدر ونفذ القضاء الإيراني إعدامات عدة بحق معتقلين واجهوا تهمة قتل عدد من قوات الأمن والشرطة والحرس.

وأفرزت الاحتجاجات على مقتل مهسا أميني واقعاً ومشهداً مختلفين في موضوع الحجاب في المجتمع الإيراني عما كان سائداً قبل اندلاعها، إذ بدأت إيرانيات بخلع الحجاب كخطوة احتجاجية، تحولت مع مرور الوقت إلى ظاهرة تنتشر، خصوصاً في المدن الكبرى.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون