بينما يستعد مجلس النواب الأميركي، اليوم الاثنين، لتقديم لائحة اتهام بحق الرئيس السابق دونالد ترامب إلى مجلس الشيوخ، الذي تعود إليه صلاحية محاكمته بتهمة "التحريض على التمرد"، يقول عدد متزايد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين إنهم يعارضون الإجراء، وهو ما يقلل من فرص إدانة ترامب بتهمة التحريض على اقتحام مبنى الكابيتول.
ويحمل أعضاء مجلس النواب الديمقراطيون قرار العزل المتضمن تهمة وحيدة متمثلة في "التحريض على التمرد" عبر اقتحام مبنى الكابيتول، في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين، في مسيرة نادرة واحتفالية إلى مجلس الشيوخ، بواسطة المدعين الذين سيدافعون عن قضيتهم. وهم يأملون في أن تترجم التنديدات الجمهورية القوية لترامب بعد أعمال الشغب، في 6 يناير/ كانون الثاني، إلى إدانة وتصويت منفصل لمنع ترامب من تولي المنصب مرة أخرى.
لكن بدلاً من ذلك، يبدو أن عواطف الحزب الجمهوري قد خفتت منذ التمرد. والآن بعد انتهاء رئاسة ترامب، يلتف أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون الذين سيؤدون دور المحلفين في المحاكمة للدفاع القانوني عنه، تماماً كما فعلوا خلال محاكمة عزله الأولى في العام الماضي.
وقال السيناتور ماركو روبيو، عضو الحزب الجمهوري عن ولاية فلوريدا: "أعتقد أن المحاكمة غبية، وأعتقد أنها تأتي بنتائج عكسية. في أول فرصة لي للتصويت لإنهاء هذه المحاكمة، سأقوم بذلك"، لأنه يعتقد أن ذلك سيكون سيئاً للبلاد وسيؤجج المزيد من الانقسامات الحزبية.
وكان مجلس النواب قد أطلق إجراء عزل ترامب للمرة الثانية، في خطوة غير مسبوقة بتاريخ الولايات المتحدة، في 13 يناير/كانون الثاني قبل أسبوع من انتهاء ولايته.
وترامب هو أول رئيس سابق يواجه محاكمة عزل، وستختبر المحاكمة سيطرته على الحزب الجمهوري إضافة إلى إرث فترة ولايته، التي انتهت عندما استجاب حشد من المؤيدين لصرخته في مسيرة باقتحام مبنى الكابيتول ومحاولة إلغاء انتخاب جو بايدن.
وستجبر الإجراءات أيضاً الديمقراطيين، الذين لديهم سيطرة كاملة على البيت الأبيض والكونغرس، على موازنة وعدهم بمحاسبة الرئيس السابق بينما يسارعون أيضاً إلى الوفاء بأولويات بايدن.
وستبدأ المرافعات في محاكمة مجلس الشيوخ في الأسبوع الذي يبدأ في الثامن من فبراير/ شباط. واتفق القادة في كلا الحزبين على التأجيل القصير لمنح فريق ترامب والمدعين العامين في مجلس النواب وقتاً للتحضير، ومنح الفرصة أيضاً لمجلس الشيوخ لتأكيد اختيار بعض مرشحي بايدن لمجلس الوزراء.
ويقول الديمقراطيون إن الأيام الإضافية ستسمح بتوفير مزيد من الأدلة حول أعمال الشغب التي قام بها أنصار ترامب، بينما يأمل الجمهوريون في صياغة دفاع موحد عن ترامب.
وقال السيناتور الديمقراطي عن ولاية ديلاور كريس كونز، في مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس"، أمس الأحد، إنه يأمل في أن الوضوح المتزايد بشأن تفاصيل ما حدث في 6 يناير/ كانون الثاني "سيبين لزملائي وللشعب الأميركي أننا بحاجة لبعض المساءلة".
وتساءل كونز كيف يمكن لزملائه الذين كانوا في مبنى الكابيتول في ذلك اليوم أن يروا التمرد على أنه ليس إلا "انتهاكا مذهلا" لتقاليد النقل السلمي للسلطة.
وتابع كونز: "إنها لحظة حاسمة في التاريخ الأميركي وعلينا أن نتمعن فيها وننظر إليها بجدية".
وربما لن ينجح التصويت المبكر لرفض المحاكمة، بالنظر إلى أن الديمقراطيين يسيطرون الآن على مجلس الشيوخ. ومع ذلك، تشير المعارضة الجمهورية المتصاعدة إلى أن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين سيصوتون في النهاية لتبرئة ترامب. وسيحتاج الديمقراطيون إلى دعم 17 جمهورياً - وهو رقم مرتفع- لإدانته.
وعندما قام مجلس النواب بعزل ترامب في 13 يناير/ كانون الثاني، أي بعد أسبوع بالضبط من الاقتحام، قال السيناتور توم كوتون، وهو جمهوري من أركنساس، إنه لا يعتقد أن مجلس الشيوخ لديه السلطة الدستورية لإدانة ترامب بعد تركه لمنصبه. وقال كوتون، أمس الأحد: "كلما تحدثت مع أعضاء جمهوريين آخرين في مجلس الشيوخ، كلما بدأوا في دعم" تلك الحجة.
وقال كوتون "أعتقد أن الكثير من الأميركيين سيعتقدون أنه من الغريب أن يقضي مجلس الشيوخ وقته في محاولة إدانة وعزل رجل ترك منصبه قبل أسبوع".
ويرفض الديمقراطيون هذه الحجة، مشيرين إلى قضية مماثلة في عام 1876 لعزل وزير حرب كان قد استقال بالفعل، إضافة لآراء العديد من علماء القانون.
ويقول الديمقراطيون أيضاً إن المحاسبة على الاقتحام الأول لمبنى الكابيتول منذ حرب عام 1812، والذي ارتكبه مثيرو شغب بتحريض من الرئيس الذي قال لهم "قاتلوا مثل الجحيم" ضد نتائج الانتخابات التي كانت تُفرز في ذلك الوقت، أمر ضروري للغاية لكي يمكن للبلد المضي قدماً والتأكد من عدم تكرار مثل هذا الاقتحام مرة أخرى.
واتفق عدد قليل من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري مع الديمقراطيين، وإن لم يكن عددهم قريباً من العدد المطلوب لإدانة ترامب.
وقال السيناتور ميت رومني، وهو من ولاية يوتا، إنه يعتقد أن هناك "رجحاناً في الرأي" بأن محاكمة العزل مناسبة بعد ترك شخص ما لمنصبه.
وتابع رومني: "أعتقد أن ما يُزعم وما رأيناه، وهو تحريض على التمرد، هو جريمة تستوجب العزل. إذا لم يكن كذلك، فماذا يكون؟".
لكن يبدو أن رومني، الجمهوري الوحيد الذي صوت لإدانة ترامب عندما برأ مجلس الشيوخ الرئيس آنذاك في محاكمة العام الماضي، هو الاستثناء بين الجمهوريين.
(أسوشييتد برس)