تقديرات إسرائيلية تتوقع هذا القرار من محكمة العدل الدولية وليس وقف حرب غزة

11 يناير 2024
يتوقع خبراء بإسرائيل أن تصدر المحكمة أمراً مؤقتاً قابلاً للتطبيق من قبل تل أبيب (الأناضول)
+ الخط -

تشير تقديرات عدد من الخبراء القانونيين الإسرائيليين إلى أن محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي تعقد اليوم جلستها الأولى للنظر في دعوى تتهم فيها جنوب أفريقيا دولة الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، لن تصدر أمراً بوقف إطلاق النار، لكنها قد تصدر أمراً مؤقتاً آخر قابلاً للتطبيق من قبل تل أبيب.

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤولين في وزارة القضاء الإسرائيلية، لم تسمّهم، تقديراتهم بأن محكمة العدل الدولية قد تصدر أمراً ضد إسرائيل، لا يشمل تعليمات بوقف تام لإطلاق النار في قطاع غزة.

كما نقلت الصحيفة عن خبراء قانونيين لم تسمّهم أيضًا، قولهم إن محكمة العدل الدولية قد تصدر أمراً تطالب فيه إسرائيل بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وإقامة لجنة تحقيق مستقلة أو السماح بعودة النازحين إلى شمال القطاع.

وتبحث المحكمة في جلستها اليوم، أمام قضاتها الـ15 بالإضافة إلى قاضيين أحدهما يمثّل جنوب أفريقيا وآخر يمثل دولة الاحتلال، الحجج التي ستقدمها جنوب أفريقيا، قبل أن ترد عليها إسرائيل في جلسة أخرى يوم غد الجمعة.

ومن المنتظر أن توظف جنوب أفريقيا في الدعوى التي رفعتها تصريحات لمسؤولين إسرائيليين بمن فيهم أعضاء كنيست ووزراء، دعوا إلى عمليات إبادة جماعية في قطاع غزة وتهجير سكانها، وستطلب من المحكمة إصدار أمر فوري مؤقت يدعو إسرائيل إلى وقف إطلاق النار.

وبحسب الصحيفة العبرية ذاتها، فإن مصادر في وزارة القضاء تقول إن "ثمة احتمالاً بأن تستجيب المحكمة للدعوى وأن تصدر أمراً مؤقتاً ما، ويعود ذلك لكون مستوى الإثباتات المطلوب من جنوب أفريقيا في المرحلة الحالية من الإجراء القضائي منخفض نسبياً".

وتابعت المصادر أنه "من أجل قبول طلب جنوب أفريقيا، سيتوجب عليها إقناع 8 قضاة على الأقل من أصل 15 قاضياً، بأنه ليس من المستبعد أن إسرائيل ترتكب أعمالاً في قطاع غزة، قد ينطبق عليها تعريف الإبادة الجماعية، وأن هناك حاجة ملحة إلى وقفها".

ولفتت الصحيفة العبرية، إلى أنه في حال صدور أمر مؤقت من قبل المحكمة الدولية، فإنه سيكون ملزماً لإسرائيل، ذلك أنها من الدول الموقّعة على معاهدة منع الإبادة الجماعية. وفي حال عدم التزامها بقرار المحكمة فإن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد يحاول إجبارها على ذلك.

وقال روعي شايندورف، الذي شغل سابقاً منصب نائب المستشار القضائي للحكومة في قضايا القانون الدولي، لذات الصحيفة، إن "نطاق الخيارات أمام لاهاي لإصدار أمر مؤقت، هو نطاق واسع. وعلى النقيض من ذلك، هناك احتمال أن ترفض المحكمة طلب جنوب أفريقيا، أو العكس، أن تستجيب له بالكامل وتأمر بوقف إطلاق النار".

مع ذلك، يعتقد شايندورف، "أنه من المرجّح أن تختار المحكمة طريقاً وسطاً وتصدر أمراً محدوداً أكثر، من قبيل أمر يطلب من إسرائيل الالتزام بقوانين الحرب، وضمان المساعدات الإنسانية أو التحقيق في التصريحات التي يتم إطلاقها".

وترى الخبيرة الإسرائيلية في القانون الدولي، د.تمار مجيدو، في حديثها لصحيفة "هآرتس" أنه "من الممكن أن تعتبر المحكمة في لاهاي بعض الأقوال (الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين)،  جريمة تحريض على الإبادة الجماعية. التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية هو جريمة مستقلة بحد ذاتها، تتحقق باللفظ الفعلي، حتى لو لم تؤد إلى الفعل".

 مع هذا، تقول مجيدو، إن "الاختبار القانوني هو فحص اللفظ في سياقه والتساؤل: هل يُحتمل أن يُفهم اللفظ من قبل من يسمعونه بأنه يحث على ارتكاب أعمال إبادة جماعية؟". وأضافت حول طلب جنوب أفريقيا وقف إطلاق النار في القطاع، أنه "سيتعين على إسرائيل إقناع القضاة بحقها في الدفاع عن النفس".

وهذا "الحق"، بحسب رأيها، "هو إحدى ركائز النظام القانوني الدولي"، وبالتالي سيكون على الأرجح في قلب صلب القضية، "ومع ذلك، فمن المرجّح أن نرى أمراً مؤقتاً ما، حتى لو كان من قبيل مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول المستلزمات والمساعدات للفلسطينيين".

وتعتقد الخبيرة القانونية الإسرائيلية، أنه "في مرحلة لاحقة من مناقشة الالتماس، ستحتاج إسرائيل إلى إثبات أن أفعالها في قطاع غزة تتفق مع هدف دفاعي، وتتوافق مع قوانين الحرب. وسيتعين عليها أيضًا إثبات أنها تحقق في أي خروج عن القانون وتقدّم المسؤولين عنه إلى العدالة".

واعتبرت أن "دعوة الجيش الإسرائيلي (السكان في غزة) إلى إخلاء مناطق القتال، وفتح ممرات إنسانية، والسماح بدخول المساعدات، سيكون لها - على الأرجح - وزن في الحجة الإسرائيلية".

من جهة أخرى، نقلت الصحيفة عن خبير قانوني آخر قوله، إن معظم القضاة في محكمة العدل الدولية يصلون مع موقف مسبق من بلادهم، وعليه سيتوجّب على إسرائيل، بالإضافة إلى الجهد القانوني، أن تبذل جهداً سياسياً دولياً أيضاً، أمام البلدان التي ينتمي إليها القضاة، مضيفاً أن "إسرائيل تبلي حسناً على المستوى المهني حتى الآن، ولكن هذا لا يضمن نتائج جيدة".

المساهمون