تقارب أنقرة ودمشق.. هل يلبي إحياء اتفاق التسعينيات متطلبات تركيا؟

04 سبتمبر 2024
اتفاق "أضنة" الموقع في تسعينيات القرن الماضي سيكون محل نقاش بين أنقرة والنظام (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اللقاء الرباعي المرتقب**: موسكو تنظم لقاء وزاري بين تركيا، إيران، روسيا، والنظام السوري لتحقيق تقدم في التطبيع بين أنقرة ودمشق، يتضمن تحديد الإرهابيين، التعاون لمكافحة الإرهاب، انسحاب القوات التركية، وتعديل اتفاقية أضنة.

- **مستويات التطبيع الثلاثة**: آلية التطبيع التركي مع النظام السوري تشمل مستويات استخبارية، وزارية، ورئاسية. الجهود مستمرة على مستوى المخابرات، مع شروط متبادلة ونقاط مشتركة.

- **اتفاقية أضنة وتحدياتها**: تركيا تسعى لتعديل اتفاقية أضنة الأمنية لمواجهة التهديدات شمال شرقي سوريا. الباحث ضياء قدور يشير إلى أن الاتفاقية لم تعد تلبي متطلبات الأمن القومي التركي.

تشي المعطيات المتوافرة بأن موسكو أنجزت بالفعل جدول أعمال للقاء رباعي على مستوى وزاري يضم تركيا وإيران وروسيا والنظام السوري، من المرجح عقده نهاية الشهر الجاري، لتحقيق تقدم في التطبيع ما بين أنقرة ودمشق، بعد قطيعة وصلت إلى حد العداء.

ونقلت صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام السوري، الثلاثاء، عن مصدر دبلوماسي عربي تأكيده أن أجندة جدول الأعمال تتضمن "الإشارة إلى تسمية من هم الإرهابيون، وتحديد آلية للتعاون بين أنقرة ودمشق لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى تحديد جدول زمني لانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وذلك بعد إنجاز النقاط السابقة الخاصة بمكافحة الإرهاب لضمان أمن الحدود المشتركة". ولفت المصدر إلى أن إعادة البحث في تعديل اتفاقية أضنة التي سبق أن جرى طرحها صيغة جديدة للتعاون السوري - التركي المشترك لضبط أمن الحدود، قد تكون أيضاً على جدول أعمال المباحثات المرتقبة نهاية الشهر الجاري. 

على الصعيد ذاته، كشف متحدث حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشليك، الثلاثاء، أن آلية التطبيع مع النظام السوري تتكون من 3 مستويات، استخباري ووزاري ورئاسي. وذكر المتحدث في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة التركية، أن الجهود مستمرة على صعيد أجهزة المخابرات، ولم تصل بعد إلى المستوى الوزاري، وسيجري وضع الشروط المتبادلة من الطرفين، ومحاولة إيجاد النقاط المشتركة منها.

وكان لافتاً اجتماع قوى الثورة والمعارضة السورية في تركيا، الثلاثاء، حيث كان موضوع معبر "أبو الزندين" أبرز أولويات هذا الاجتماع الذي لا يمكن فصله عن سياق التقارب المتوقع بين أنقرة والنظام السوري. وكان الجانب التركي قد طلب من فصائل المعارضة السورية فتح المعبر الواصل بين منطقة النفوذ التركية في شمال سورية ومناطق النظام أواخر أغسطس/آب الفائت، إلا أن الرفض الشعبي حال دون استمرار فتحه.

ويبدو أن الضغط التركي لإعادة فتح هذا المعبر لم ينقطع، خاصة أنه يأتي في صلب تفاهمات تركية روسية لفتح المعابر والطرق الدولية لتهيئة الأجواء أمام التطبيع الكامل بين تركيا والنظام السوري. ورأى المحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، في حديث لـ"العربي الجديد" أن الأجواء "باتت مهيأة تماماً للتقارب بين أنقرة والنظام السوري بدفع ورعاية من الجانب الروسي". وتوقع رضوان أوغلو توصل الجانبين إلى تفاهمات واتفاقات خلال فترة زمنية ليست بالطويلة، مضيفاً: "ربما نشهد عودة العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق قريباً". وأشار إلى أن تركيا "لم تعد قادرة على فعل شيء في الملف السوري بسبب ضعف اقتصادها"، مضيفاً: "الهاجس الأمني والقلق من وجود "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ليس بعيداً عن الحدود الجنوبية التركية دافع رئيسي لتقارب أنقرة مع دمشق".

إلى ذلك، من المؤكد أن ملف اتفاق "أضنة" الأمني الشهير الذي وُقع في تسعينيات القرن الفائت بين أنقرة والنظام، سيكون أبرز الملفات على طاولة التفاوض في اللقاءات المرتقبة بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم في النظام، فأنقرة تريد تعديلاً على هذا الاتفاق يتيح لها التوغل أكثر في العمق السوري لتبديد أي مخاوف أمنية. ووقع الاتفاق في عام 1998 في ذروة توتر بالعلاقة بين أنقرة ودمشق، بسبب دعم الأخيرة حزب العمال الكردستاني، العدو الأبرز للجيش التركي الذي كان على وشك اجتياح الشمال السوري وصولاً إلى حلب إذا استمر نظام الأسد في توفير ملجأ آمن لقائد الحزب عبد الله أوجلان.

وبعد وساطة إقليمية، أبرم الاتفاق الذي أعطى تركيا حق "ملاحقة الإرهابيين" في الداخل السوري حتى عمق خمسة كيلومترات، و"اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة إذا تعرض أمنها القومي للخطر". ووفق الاتفاق، اعتبرت الخلافات الحدودية بين البلدين "منتهية" بدءاً من تاريخ توقيع الاتفاق، دون أن تكون لأي منهما أي "مطالب أو حقوق مستحقة" في أراضي الطرف الآخر، ما يعني تخلي النظام بشكل رسمي عن المطالبة بـ"لواء إسكندرون" الذي ظل محل خلاف بين تركيا وسورية منذ ثلاثينيات القرن الفائت.

ورأى الباحث العسكري ضياء قدور في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "في ظل الظروف الحالية والواقع الأمني والعسكري المفروض شمال سورية، لم تعد بنود اتفاقية أضنة تلبي بالضرورة متطلبات الأمن القومي التركي في هذه المنطقة"، مضيفاً: "بنود الاتفاقية لا تزال سارية المفعول لتأمين شرعية أي تدخل تركي مستقبلي". وأشار إلى أن اتفاقية تعود إلى تسعينيات القرن الماضي "لم تعد تتلاءم مع تغيرات الواقع العسكري شمال شرقي سورية خلال أكثر من عقد من الزمن". وقال: "هناك انتشار واسع النطاق للمليشيات الإرهابية في جيوب مختلفة من سورية، إلى جانب ارتقاء القدرات العسكرية لتلك المليشيات وتنوع أدواتها ومصادر دعمها، ما يتطلب اليوم القيام بعمليات واسعة النطاق ومتعددة الأدوات".

وأضاف: "رغم تأكيد روسيا ونظام الأسد الاستعداد لمناقشة أو تعديل بنود هذه الاتفاقية، فإن الحقائق التاريخية أثبتت أنه لا توجد ضمانات حقيقية بألا يستغل نظام الأسد أي ثغرات فيها لمحاولة الانتقام من تركيا مستقبلاً".

المساهمون