تتسارع الجهود الدولية في الوقت الراهن لإضفاء مناخ من الاستقرار في ليبيا، يُنهي سنوات من الفوضى الأمنية، ويُبعد شبح الحرب الأهلية. وفي ظلّ توجهات الإدارة الأميركية الجديدة لوضع حد لتدخلات بعض القوى الإقليمية في الشأن الليبي، يشهد ملف القوات الأجنبية والمرتزقة المشاركة في الحرب تطورات جديدة على صعيد إنهائه. وفي هذا السياق، قالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، إنّ مفاوضات شارك فيها اثنان من أبناء اللواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد مليشيات شرق ليبيا، في الإمارات أخيراً، بحثت سبل تخفيض الدعم المالي المقدّم من أبوظبي لصالح القوات التابعة لحفتر، بسبب الضغوط الدولية الكبيرة على الإماراتيين، وتغيّر الخريطة السياسية للمنطقة.
نحو 5 آلاف مرتزق من السودان وتشاد يستعدون لمغادرة مناطق في جنوب وشرق ليبيا
وأضافت المصادر أنّ المشاورات الإماراتية مع حفتر ونجليه، انتهت إلى اضطرار الإمارات إلى إجراء تخفيض كبير في أعداد المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانب اللواء المتقاعد، مشيرة إلى أنّ نحو 5 آلاف مرتزق من السودان وتشاد يستعدون لمغادرة مناطق يتواجدون فيها في جنوب وشرق ليبيا، على أن تغادر أعداد أخرى بشكل تدريجي، مع الإبقاء على خبراء إماراتيين يتواجدون في شرق ليبيا.
وأوضحت المصادر أنّ هناك معضلة كبيرة طرحها نجلا حفتر اللذان شاركا في اجتماعات الإمارات أخيراً، وهي تمسّك المقاتلين الأفارقة بمغادرة مواقعهم برفقة المركبات والأسلحة التي كانوا قد حصلوا عليها خلال العمليات العسكرية ضدّ قوات حكومة الوفاق الوطني. وكشفت المصادر عن مفاجأة بشأن مجموعات "فاغنر" الروسية التي تتواجد في قاعدة الجفرة وسط ليبيا، وبعض نقاط التماس مع مناطق الشرق، قائلةً إنّ أبوظبي توقفت عن تمويل تواجد تلك القوات، التي يقدر عددها بنحو 2500 مقاتل، منذ شهرين، وأنّ تبعيتها باتت بشكل كامل لوزارة الدفاع الروسية، وذلك بعدما تمردت تلك المجموعات على قرارات وخطط إماراتية لصالح الحكومة الروسية، وباتت تتلقى تعليماتها الميدانية بشكل كامل من موسكو. يذكر أنّ أبوظبي سبق وتعاقدت مع "فاغنر"، للقتال إلى جانب حفتر، ودعمه في اقتحام العاصمة طرابلس خلال العملية العسكرية التي بدأها في إبريل/نيسان 2019، قبل أن تفشل في الشهر ذاته من العام 2020.
يأتي ذلك في وقت كشفت فيه مصادر ليبية مقربة من معسكر الشرق، عن تحركات بشأن نقل مجموعات "فاغنر" ومعداتهم العسكرية، إلى منطقة الكفرة جنوب شرق البلاد، وذلك بعد تفاهمات تركية روسية لإخلاء مدينة سرت وسط ليبيا، تنفيذاً للتفاهمات الدولية، وانتقال حكومة الوحدة الوطنية إلى هذه المدينة لممارسة مهامها من هناك.
في غضون ذلك، قالت مصادر ليبية محسوبة على معسكر الغرب، لـ"العربي الجديد"، إنّ تركيا أبدت تجاوباً كبيراً مع تحركات رئيس الحكومة الجديد، عبد الحميد الدبيبة، الرامية لإخراج القوات الأجنبية من ليبيا. وأشارت المصادر إلى أنّ أنقرة رحبت بعمليات إخراج مجموعات من المقاتلين السوريين وإعادتهم إلى مناطقهم، حال أبدت الأطراف الأخرى جديتها في سحب العناصر التابعة لها، لافتةً في الوقت ذاته إلى استمرار تفعيل الاتفاقية الأمنية بين تركيا وحكومة الوفاق، على أن يتم حصرها في تواجد مجموعات من الخبراء الأتراك العاملين في مجالات تدريب وبناء القوات الليبية وهيكلة الجيش الليبي.
من جهة أخرى، قالت المصادر إنّ إجراءات الإغلاق التي اتخذتها وزارة الصحة الليبية أخيراً، للحد من انتشار فيروس كورونا بعد تزايد أعداد الإصابات بالفيروس، أجّلت بدء تنفيذ اتفاق جرى مع السلطات المصرية أخيراً، بشأن استقدام عمالة مصرية، مشيرة إلى أنّ الاتفاق يقضي بدخول نصف مليون عامل مصري في مجالات البناء والتشييد.
أنقرة رحبت بعمليات إخراج مجموعات من المقاتلين السوريين
وكانت اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" (تضم 5 مسؤولين عسكريين عن حكومة الوفاق، و5 آخرين عن مليشيات حفتر)، قد أعلنت الأحد الماضي، استعدادها لتأمين جلسة منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة، مؤكدة أنّ مكان انعقاد الجلسة بمدينة سرت جاهز وآمن طيلة فترة انعقاد الجلسة من بدايتها إلى نهايتها. وقالت اللجنة في رسالة موجهة إلى رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، رداً على طلبه إمكانية انعقاد جلسة منح الثقة للحكومة بمدينة سرت، إنّ أعضاء اللجنة العسكرية كافة أكدوا إمكانية عقد الجلسة "في ظروف آمنة".
وأكدت اللجنة أنها "مستعدة لتأمين جلسة منح الثقة في سرت، نظراً لأهمية هذه الخطوة في تاريخ البلاد، وللظرف العصيب الذي تمر به، وسعياً لإبعاد شبح الحرب والمحافظة على وحدة تراب ليبيا، وتوحيد مؤسساتها".