تفاصيل جولة الموفد الفرنسي الثانية على المسؤولين اللبنانيين: تأسيسٌ لمهمّة سبتمبر

26 يوليو 2023
سيعود لودريان في سبتمبر لاستكمال المحادثات (فرانس برس)
+ الخط -

يواصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، الأربعاء، جولته على المسؤولين اللبنانيين، لليوم الثاني، للمساعدة في إيجاد حلٍّ توافقي للأزمة الرئاسية، بعد فشل النخبة السياسية على مدى 12 جلسة برلمانية، آخرها عُقدت في 14 يونيو/ حزيران الماضي، في انتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد، ووضع حدٍّ للشغور الرئاسي الذي يُعطّل المؤسسات السياسية والدستورية، ويعرقل تعيينات حسّاسة في الدولة، تتقدمها حاكمية البنك المركزي.

ونقلت شخصيات سياسية لبنانية أجواء لقاءات لودريان، التي اتّسمت بـ"الإيجابية"، وفق تعبيرها، لكن الحراك الجدي الخارجي لا يزال يُقابَل بتمسّك الأفرقاء السياسيين بمواقفهم، سواء من الحوار، الذي لم يلقَ بعد قبول كل الكتل البرلمانية، أو لجهة رفض الالتقاء على مرشح ثالث لرئاسة الجمهورية، خصوصاً على ضفّة "حزب الله" و"حركة أمل" (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، مع رفضهما التخلّي حتى اللحظة عن دعم ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية.

كذلك، نُقل عن لقاءات لودريان أن الموفد الرئاسي الفرنسي تطرق إلى اجتماع الدول الخمس الذي استضافته العاصمة القطرية، الدوحة، قبل أسبوع، ولم يقدّم أي أسماء معينة للرئاسة، وسيعود في سبتمبر/ أيلول المقبل لاستكمال المحادثات، علماً أن أجندة الزيارة الثالثة ستُحدد أيضاً حسب نتائج اللقاءات التي يجريها، والتي يستطلع من خلالها مواقف الكتل من الحوار وأشكاله.

واستكمل الموفد الرئاسي الفرنسي، اليوم الأربعاء، لقاءاته مع الشخصيات المعنية مباشرة بالاستحقاق الرئاسي، أبرزها رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وقد وُصِفت من قبل أوساطهم بـ"الإيجابية"، على غرار إعلان رئيس البرلمان نبيه بري أمس الثلاثاء، أن لقاءه مع لودريان كان "جيداً"، و"قد فتح كوة في جدار الملف الرئاسي".

وقال المكتب الإعلامي لفرنجية إن اللقاء مع لودريان كان "ودّياً وإيجابياً"، وخلاله نوقشت كل الملفات الراهنة، وجرى تبادل للأفكار والحلول الممكنة للخروج من الأزمة الرئاسية.

من جانبها، نقلت وسائل إعلام "التيار الوطني الحر" أجواء لقاء لودريان وباسيل، مؤكدة أن الاجتماع كان "صريحاً للغاية وإيجابياً"، وأن لودريان لفت إلى أنه سيقوم بجولة محادثات في سبتمبر المقبل، تنطلق من الصفر، وضمن فترة زمنية محدّدة للاتفاق على برنامج رئاسي، وعلى اسم المرشح الذي تتوافر فيه المواصفات وبوسعه حمل هذا التصوّر، على أن يلي ذلك جلسات متتالية لمجلس النواب لانتخاب رئيس، الأمر الذي اعتبره باسيل منطلقاً جديداً لمقاربة الاستحقاق، وأبدى ترحيبه به.

أما رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فقال بعد اللقاء: "اسألوا الفرنسيين عن مساعيهم بشأن الرئاسة، والمجالس بالأمانات، ولم نطرح أسماءً جديدة إلا مرشحنا المُعلَن عنه"، وهو وزير المال السابق جهاد أزعور.

في الإطار، يعلّق النائب في كتلة بري النيابية "التنمية والتحرير"، قاسم هاشم، على تصريح رئيس البرلمان أمس الثلاثاء، بالقول: "الجواب ملك الرئيس بري، والمجالس بالأمانات، ولكن ما هو واضحٌ أن الموفد الفرنسي يطرح من جديد فكرة الحوار بين اللبنانيين، وهذا يؤسّس لإيجابية ممكنة، خصوصاً أن هذا مطلبٌ قديمٌ عند بري، ويعتبره أساساً لانتخاب رئيس، لكن لم يلقَ تجاوب بعض الفرقاء"، غامزاً من قناة "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية".

ويضيف هاشم لـ"العربي الجديد": "اليوم يتأكد أن الحوار هو مفتاح حلّ الأزمة الرئاسية، سواء بالنسبة إلى الداخل أو الخارج، من هنا الدفع بهذا الاتجاه، وهذه نقطة إيجابية".

ويرى هاشم أن أجندة لودريان لجولته الثالثة في سبتمبر ستحدَّد أكثر في ضوء نتائج اجتماعاته مع القوى السياسية، باعتبار أن هناك أفكاراً تُطرح حول موضوع الحوار، والأمر يتوقف على مواقف الأفرقاء منه، لكن لم تتبلور بعد صورة نهائية بعد بهذا الشأن، مشدداً كذلك على أن لودريان لم يطرح أي أسماء للرئاسة أو يستبعد مرشحين معيّنين.

وحول الهجوم الذي يشنّه نواب "حركة أمل" و"حزب الله" على بيان اجتماع الدول الخمس (مصر، قطر، فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية، والسعودية)، يقول هاشم: "القضية هي مسألة موقف، فإن زجّ البعض أنفسهم في قضايا سيادية، وكأن هناك إملاءات، وكأن لبنان خارج منطق السيادة وخاضع لوصاية هذا أو ذاك، هو أمرٌ مرفوضٌ، من هنا التأكيد على دور لبنان السياسي، ولا بد أن نضع الأمور في نصابها، لا أكثر ولا أقلّ".

استبعاد أي حلٍّ قريب للرئاسة

من جانبه، يقول بلال عبد الله، النائب في "الحزب التقدمي الاشتراكي" برئاسة تيمور جنبلاط، لـ"العربي الجديد"، إن زيارة لودريان الأولى ارتبطت بالمبادرة الفرنسية، أما الثانية فتأتي في إطار عمل اللجنة الخماسية، والحديث يجري فقط عن انتخاب رئيس للجمهورية، فبحسب اللجنة، الوقت ليس مناسباً للخروج من اتفاق الطائف، أو الحديث عن صيغة ثانية، بل إيجاد حوار داخلي للاتفاق على رئيس، و"للأسف، فإن اللبنانيين اليوم يتحاورون بالواسطة، لا مباشرة".

ويشير عبد الله إلى أن لودريان طرح العودة في سبتمبر، سائلاً: "لكن هل يمكن أن ننتظر بعد هذه المدة لننتخب رئيساً في ظل الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد، والتي تحتّم علينا أن نملأ الشغور بأقصى سرعة؟"، معتبراً أنه سواء أتى لودريان في سبتمبر أو أكتوبر/ تشرين الأول أو أي شهر، فإن "أي حلّ لن يلقى طريقه إذا لم يساعد اللبنانيون أنفسهم، مهما بذل الخارج من جهود، فعلينا أن نتحاور، وتفتح جلسات انتخاب بمجلس النواب لانتخاب رئيس".

وحول حديث بري عن خرق أحدثته زيارة لودريان، اكتفى عبد الله بالقول: "لا نعرف على ماذا ارتكز، ولكن لا مؤشر على تراجع الثنائي عن دعم فرنجية، بينما الفريق الآخر يقول طالما التمسك بهذا الاسم مستمرّ، فما فائدة الحوار"، مشيراً: "نحن مع جهاد أزعور وأي اسم يشكل نقطة التقاء"، لافتاً كذلك إلى أنه لم يجرِ التطرق إلى أسماء رئاسية، لكنه يرى أن "نَفَس اللجنة الخماسية فُهِمَ منه الحديث عن خيار ثالث".

وعلى وقع جولة لودريان، يواصل "حزب الله" كذلك إعلانه التمسّك بترشيح فرنجية، واستبعاده الحلّ القريب، إذ قال نائب الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، في كلمة اليوم: "إننا مستمرّون في موقفنا، ولكن هناك من يستمر في التحدث، هؤلاء الذين يبحثون عن رئيس تحدٍّ سيفشلون، وأنا متأكد من ذلك، وهؤلاء الذين يفضلون الفراغ على الرئيس الوطني لأنه يؤيد المقاومة والجيش والشعب، لا يؤتمنون على أي موقع من مواقع البلد".

وأضاف قاسم: "يبدو أن الحل يحتاج إلى وقتٍ، خاصةً أن التشرذم الموجود في المجلس النيابي بين قوى كثيرة متفرقة هو أحد العوائق الأساسية للإسراع في الانتخاب".

المساهمون