في أول تعليقٍ أمني من إقليم كردستان العراق، بشأن القصف الصاروخي الذي استهدف مدينة أربيل، الأسبوع الماضي، والذي أدى إلى مقتل مقاول مدني أجنبي وجرح تسعة آخرين بينهم أميركيون؛ أكد وزير الداخلية في حكومة الإقليم، ريبر أحمد، اليوم الاثنين، أنّ منفذي الهجوم تسللوا إلى داخل أربيل بغية تنفيذ هجماتهم الصاروخية.
وقال أحمد، في مؤتمر صحافي، إنّ "بعض الأشخاص (المنفذين للهجوم) استفادوا من المعاملة الجيدة التي يقوم بها منتسبو نقاط التفتيش للأخوة الوافدين من المحافظات الأخرى إلى إقليم كردستان، ونفذوا الجريمة التي استهدفت بعض الأحياء السكنية ومطار أربيل، وأدت إلى استشهاد وإصابة عدد من المواطنين".
وأضاف أنّ "هذه الحادثة تُثبت ضرورة التعاون بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية والتحالف الدولي لمواجهة الجماعات الخارجة عن القانون"، مؤكداً أنه "تمَّ تشكيل لجنة تحقيقية مشتركة بين حكومتي الإقليم والمركز، وهذه اللجنة المشتركة أجرت العديد من الاجتماعات والمتابعات، ونحن بانتظار نتائج التحقيقات التي أجرتها، والإعلان عن منفذي تلك الجريمة واعتقالهم وتقديمهم إلى القضاء، لينالوا جزاءهم العادل".
ولفت إلى أنّ "هذه العملية تؤكد أن داعش ليس الجماعة الإرهابية الوحيدة في العراق، وإنما هناك جماعات أخرى".
وتبنّت الهجوم مليشيا أطلقت على نفسها اسم "سرايا أولياء الدم"، في إشارة إلى زعيم "فيلق القدس" السابق بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والقيادي بـ"الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، اللذين قتلا بغارة أميركية مطلع العام الماضي قرب مطار بغداد الدولي، إلا أن السلطات في إقليم كردستان تواصل التحقيقات في هجوم أربيل، بمشاركة من بغداد وبإشراف خبراء أميركيين.
لكن مصادر أمنية من أربيل، قريبة من لجان التحقيق الخاصة بالهجوم الصاروخي، أكدت، لـ"العربي الجديد"، أنّ "اللجنة المشتركة ليست مشتركة في واقع الأمر، لأن الأميركيين يعملون على حدة، كما أن جهاز مكافحة الإرهاب بالإقليم لا يعمل بشكلٍ جيد مع الوفد الأمني العراقي، لعدم توفر الثقة بين الطرفين"، مبينة أن "الأميركيين يتهمون أطرافاً موالية لإيران، والنتائج ذاتها توصلت إليها السلطات في كردستان، في حين تعمل اللجنة العراقية على إبعاد الشبهة عن المليشيات".
ولفتت المصادر إلى أنّ المنفذين "دخلوا إلى الإقليم عبر منطقة الكوير وهي تابعة لنينوى، ولكنها تحت سيطرة قوات البشمركة، كما أنهم دخلوا بصفة تجار محليين، متعاقدين مع الحكومة في كردستان، وينقلون بين فترة وأخرى (السكراب)، وهو الحديد الخردة الناتج عن معارك الموصل وضواحيها، إذ يتم بيع أنقاض المباني من حديد التسليح والسيارات المدمرة وغيرها لمعامل صهر الحديد داخل الإقليم".
ويخشى مسؤولون ومراقبون في بغداد من تبعات توعّد الولايات المتحدة بمحاسبة الجهات المسؤولة عن الهجوم. كما ازدادت مخاوف الفصائل المسلحة المنضوية ضمن "الحشد الشعبي"، كونها المتهمة أساساً بتنفيذ الهجوم، بما أنه ينظر لمليشيا "سرايا أولياء الدم" على أنها فرع من مليشيا "كتائب حزب الله"، التي تملك لواءً داخل الهيئة الرسمية لدى الحكومة العراقية.
بدوره، أكد الخبير الأمني الكردي هاوكار الجاف أنّ "المتهم واضح في استهداف أربيل، وهي الجهة التي أعلنت تبنيها العملية، وهي "سرايا أولياء الدم"، وهذا الاسم المجهول للجماعة يدل على ارتباطها بـ"الولائيين"، ولكن لا توجد جهة يمكن لحكومة الإقليم محاسبتها أو اتخاذ إجراءات بحقها".
ولفت، في اتصالٍ مع "العربي الجديد" إلى أن "هذه المجموعة هي أحد التشكيلات "الولائية"، التي تعمل على مشاغلة الأجهزة الاستخبارية، والتي تعمل في مجالات عدة، منها التهريب واستهداف القوات الأميركية في العراق. ولكن الإقليم على علمٍ ويقين بأنها جماعة "ولائية"، ولذلك فهو يعمل حالياً على تقوية الخطط الأمنية من خلال التنسيق مع بغداد، التي تحتاج هي الأخرى إلى تقوية غرفة العمليات الأمنية المشتركة".
والمليشيات الولائية مصطلح بات يطلق على الجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق، وأبرزها "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و"النجباء"، وعقب اغتيال سليماني والمهندس، أفرزت هذه المليشيات عدة جماعات أخرى بينها "قاصم الجبارين" و"أهل المعروف" و"سرايا أولياء الدم" و"ربع الله" وغيرها، لتبقى مجهولة من حيث العديد والمقرات، وهو ما يمنع استهدافها من قبل الحكومة العراقية أو القوات الأميركية.