- يشير التقرير إلى ضرورة التعامل مع مزاعم إسرائيل حول انتماء موظفين لمنظمات إرهابية، مؤكداً على أهمية الشفافية والتعاون المبكر مع المانحين لاستعادة الثقة.
- يلقي التقرير الضوء على دور "أونروا" في توفير التعليم الحيادي للأطفال الفلسطينيين، مستبعداً الادعاءات حول خطاب الكراهية في الكتب المدرسية ويدعو لتعزيز الشراكات لتحسين آليات الحياد.
التقرير: أونروا لا غنى عنها للفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة
أونروا كانت تزود إسرائيل بانتظام بأسماء موظفيها للتدقيق
أنشأت أونروا نظاماً دقيقاً يضمن لها الحياد أكثر من غيرها
أصدر فريق مستقل، تترأسه وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، كاثرين كولونا، اليوم الاثنين، تقريره حول آليات وإجراءات عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومدى التزامها بمبدأ "الحياد" كمنظمة تابعة للأمم المتحدة. وعلى الرغم من تأكيد التقرير على أن الوكالة كانت قد أنشأت عدداً كبيراً من الآليات والإجراءات لضمان الامتثال للمبادئ الإنسانية، مع التركيز على مبدأ الحياد، وأنها تمتلك نهجاً أكثر تطوراً للحياد من كيانات الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية المماثلة الأخرى، لكنه خلص إلى أن هناك قضايا تتعلق بـ"الحياد" لا تزال قائمة.
وأشار في هذا السياق أن ذلك يشمل "حالات تتعلق بتعبير الموظفين علناً عن آراء سياسية، واستخدام الكتب المدرسية في البلد المضيف ذات المحتوى الإشكالي في بعض مدارس "أونروا"، ونقابات موظفين مسيسة تطلق تهديدات ضد إدارة "أونروا" وتتسبب في اضطرابات تشغيلية"، بحسب التقرير. وكانت الأمم المتحدة قد أنشأت إطار الحياد لأونروا عام 2017، ومن ضمن أهدافه بحسب التقرير "ضمان اتباع نهج متسق ومتماسك على مستوى الوكالة، للقضايا الرئيسية المتعلقة بحياد عمليات أونروا".
ويغطي الإطار مجالات مختلفة بما فيها "حياد موظفي أونروا وغيرهم من الموظفين، بما في ذلك استخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي، وحياد منشآت أونروا، وحياد أصول أونروا، وخاصة المركبات؛ والمجالات الأخرى المتعلقة بعمليات أونروا، بما في ذلك الجهات المانحة والشركاء ومساعدة الوكالة". وحدد التقرير عدداً من التدابير في مجالات مختلفة يرى أن هناك حاجة إلى تحسينها بشكل فوري، وهي "التعامل مع الجهات المانحة، والحوكمة، وهياكل الإدارة والرقابة الداخلية، وحيادية الموظفين وسلوكهم، وحياد المنشآت، وحياد التعليم، وحياد نقابات الموظفين، وتعزيز الشراكة مع وكالات الأمم المتحدة".
مزاعم إسرائيلية
وحول التعامل مع الجهات المانحة، أشارت المراجعة إلى عدد من الأمور، أبرزها ضرورة "إشراك المانحين في وقت مبكر في ما يتعلق بمخاوف الحياد، وتوفير قدر أكبر من الشفافية المالية لاستعادة الثقة في الوكالة". أما بخصوص الموظفين وما يسميه التقرير مبدأ "الحياد"، فأشار إلى تلقي الوكالة الأممية تقريراً من وزارة الخارجية الإسرائيلية يؤكد "أنها تلقت، حتى مارس/ آذار 2024، قوائم موظفين بدون أرقام هوية فلسطينية. واستناداً إلى قائمة مارس 2024، التي تحتوي على أرقام الهوية الفلسطينية، أصدرت إسرائيل ادعاءات علنية بأن عدداً كبيراً من موظفي أونروا هم أعضاء في منظمات إرهابية. ومع ذلك، لم تقدم إسرائيل بعد أدلة داعمة على ذلك".
وفي الخامس من فبراير/ شباط الماضي، عيّن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، مجموعة (لجنة) مستقلة لتقييم عمل وكالة أونروا، تهدف إلى تقديم مراجعة مستقلة لعمل الوكالة، وذلك في أعقاب مزاعم إسرائيلية بمشاركة 12 موظفاً من الوكالة في "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتجميد عدد من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة، مساهماتها المالية للوكالة إثر هذه المزاعم، قبل أن تعلن عدد من الدول استئناف تمويلها لاحقاً.
من جهة أخرى، توقف التقرير عند وجود "ما يقرب من ألف منشأة في أقاليم عملياتها الخمسة (غزة والأردن ولبنان وسورية والضفة الغربية)، والتي تشمل المدارس والمراكز الصحية والمستودعات ومكاتب المنطقة والمقر الرئيسي"، مضيفاً "تماشياً مع إطار الحياد الخاص بأونروا، فإن الوكالة مسؤولة عن ضمان حياد هذه المنشآت، بما في ذلك منع إساءة استخدامها لأهداف سياسية أو عسكرية".
وحول قضايا التعليم، أشار التقرير إلى أن نظام التعليم في "أونروا" يعد "أمراً حاسماً بالنسبة لمئات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين. توفر أونروا التعليم الابتدائي والإعدادي لنصف مليون تلميذ في 706 مدارس، ويعمل بها 20 ألف كادر تعليمي. لقد انهار نظام التعليم في غزة، والذي يمثل 40% من طاقم التعليم في أونروا، بسبب النزاع المستمر، حيث أصبح جميع الأطفال في غزة الآن خارج المدرسة".
وحول ادعاءات إسرائيل بأن "أونروا" تلتزم بالمنهاج الفلسطيني الذي تعتمده السلطة الفلسطينية في مدارسها، ويتضمن محتوى معادياً للسامية، على حسب زعمها، خلص التقرير إلى أنه لم يجد إلا إشارات محدودة جداً على تلك الادعاءات، مشيراً إلى أنه جرى تقديم ثلاثة تقييمات دولية في السنوات الأخيرة، للكتب المدرسية التي تعتمدها السلطة الفلسطينية، وحدد اثنان منهما وجود "محتوى عدائي" من دون تقديم أي دليل على وجود ما يشير إلى معادة السامية، فيما وجد تقييم ثالث أجراه معهد جورج إيكرت في ألمانيا مثالين من 156 كتاباً مدرسياً، فقط يعاديان السامية، قبل إزالة أحدهما وتغيير الآخر.
ولفت التقرير إلى توجيه "انتقادات مستمرة للوكالة، بشكل رئيسي من إسرائيل والمنظمات غير الحكومية" ومزاعم حول "خطاب الكراهية والتحريض على العنف ومعادة السامية في الكتب المدرسية للسلطة الفلسطينية والملاحق التعليمية"، بحسب تلك الادعاءات. وأضاف أنه من بين القضايا المختلفة، كانت القضايا المتكررة هي استخدام الخرائط التاريخية في سياق غير تاريخي، على سبيل المثال، ومن دون تسمية إسرائيل؛ تسمية القدس عاصمة لفلسطين؛ تسمية المدن في إسرائيل بأسماء المدن الفلسطينية؛ استخدام كلمة صهيوني (على سبيل المثال: "الاحتلال الصهيوني" في إشارة إلى إسرائيل)".
وبحسب التقرير، فإن "إنشاء الفريق جاء لتقييم ما إذا كانت أونروا تفعل كل ما في وسعها لضمان الحياد والرد على الادعاءات المتعلقة بانتهاكات الحياد الخطيرة عند ارتكابها، مع الأخذ في الاعتبار [...] السياق الذي يجب أن تعمل فيه، وخاصة في غزة". وجاء تشكيل الفريق في أعقاب ادعاءات إسرائيلية في يناير/ كانون الثاني الماضي تتهم فيها موظفين من أونروا بالاشتراك بأحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
ولا تهدف المراجعة لتحديد مدى صحة الادعاءات الإسرائيلية، بل هي مراجعة كاملة لآليات عمل الوكالة، وفي محاولة للتخفيف من الضغط الشديد والاتهامات المستمرة بحق الوكالة، والتي تهدف إلى تصفيتها ودورها في الحفاظ على قضية اللاجئين الفلسطينيين. يشار في هذا السياق إلى أن هناك لجنة أخرى تقوم بتحقيق منفصل، معنية بالنظر بمدى صحة الادعاءات الإسرائيلية حول اشتراك عاملين من "أونروا" في أحداث أكتوبر. وعلقت 16 دولة مانحة تمويلها للوكالة الأممية بعد صدور تلك الادعاءات الإسرائيلية، وزاد بعضها من شروطها على تقديمها. وبلغ تعليق التمويل حوالي 450 مليون دولار أميركي. واستأنفت بعض الدول تمويلها مع طلبها مزيداً من المعلومات حول ما حدث، فضلاً عن تعزيز آليات وإجراءات ما تسميه "حيادية" المنظمة، والتحقق من خلفيات الموظفين والرقابة.