من المرتقب أن تجري السلطات العراقية تغييرات واسعة بإدارة الملف الأمني الداخلي، ضمن الاستعداد لإجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من يونيو/حزيران المقبل.
ويُنتظر تسليم ملف أمن عدد من المدن لوزارة الداخلية، بدلاً من قوات الجيش، وسط استمرار التحذيرات من خطر السلاح المنفلت على نزاهة العملية الانتخابية.
ويمثل ملف الأمن أحد أكبر التحديات التي تعترض طريق إجراء الانتخابات، إذ إن انفلات السلاح والنشاط المتزايد للفصائل المسلحة، يهدد بتأثير خطير على نزاهة عملية الاقتراع وسلامتها من التأثيرات.
ووقع وزير الداخلية عثمان الغانمي، أخيراً اتفاقية تعاون مع مفوضية الانتخابات، على تولي وزارة الداخلية، ومن خلال مديرياتها المنتشرة في عموم محافظات العراق، وبحسب الرقعة الجغرافية، تأمين الحماية اللازمة لمرافقة الفرق الجوالة بعجلة لتهيئة تسجيل وتوزيع بطاقات الناخبين.
وبعد إقرار قانون الانتخابات، بدأ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي البحث في ملف الاستعدادات الفنية واللوجستية لإجراء الانتخابات، وعقد أخيراً اجتماعاً مع رئيس وأعضاء مفوضية الانتخابات، استعرض معها العقبات التي تعترض طريقها.
ووفقا لمسؤول مقرب من الحكومة، فإن "الكاظمي بحث ملف الانتخابات أمنياً مع القيادات الأمنية، كما بحثه مع مفوضية الانتخابات"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الوضع في أغلب المحافظات بالنسبة للتهديدات الإرهابية مسيطر عليه، لكن مع انفلات السلاح ونفوذ الجماعات المسلحة والفصائل المنضوية بالحشد الشعبي خاصة تلك المرتبطة بعلاقات متينة مع إيران، غير مناسب لانتخابات سليمة وخالية من التأثير على الناخب".
وأكد أن "الكاظمي اتخذ قراراً بإجراء تغييرات أمنية، تتمثل بإجراء تقييم أمني وتسليم مهام الأمن الداخلي في المدن الممكنة حالياً لوزارة الداخلية حصراً"، مبيناً أنه "وجه أيضاً بدعم الوزارة لوجستياً استعداداً للقيام بهذه المهمة".
وأشار إلى أن "الوزارة بدأت بوضع الخطط الكفيلة لذلك وسيكون دور الجيش سانداً، لكن بالنسبة للمدن الشمالية والغربية الوضع مختلف وسيكون هناك حاجة أكبر للجيش بطبيعة الحال".
المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء خالد المحنا، قال إن "تسلم الملف الأمني داخل المدن من قبل قوات وزارة الداخلية هو أمر طبيعي جداً، ومعمول به في كل دول العالم، إلا أن الظروف التي مرّ بها العراق في المرحلة السابقة، استدعت التعاون بين وزارتي الداخلية والدفاع، التي شكلت قيادات العمليات المشتركة للوزارتين وأدارت الملف".
وأكد، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أنه "باستتباب الوضع الأمني وتغير تلك الظروف، أصبحت من الضرورة إعادة مسؤولية الملف الأمني إلى الجهات المتخصصة"، مشيراً الى أن "التهديدات الخطيرة التي تواجه المجتمع العراقي، المتمثلة في الجريمة المنظمة والمخدرات، وكثير من الجوانب، تكون قوات الشرطة مهيأة لها".
وأوضح أن "هنالك تعليمات من قبل الحكومة المركزية، بضرورة إجراء الترتيبات والتنسيق ورفع مستوى الجاهزية، ولذلك كانت هناك أوامر من قبل وزير الداخلية عثمان الغانمي، إلى التشكيلات والمديريات كافة، بضرورة رفع مستوى الجاهزية إلى أقصى قدر ممكن، حتى يتم تسلم المناطق التي تًدار من قبل وحدات وزارة الدفاع والسيطرة على المدن كافة، ومنها بغداد".
عضو لجنة الأمن البرلمانية، حامد المطلك، أكد أهمية ضبط السلاح المنفلت في البلاد، محذراً من خطورته.
وقال لـ"العربي الجديد"، إن "استمرار الانفلات الذي لا يخضع لسيطرة الدولة، خطير للغاية، وإن مخاطره لا تنحصر بجانب معين، إذ تتوقع منه كل شيء، يتعارض مع ما تقتضيه مصالح الدولة".
وشدد على أن "جماعات السلاح المنفلت تعمل وفق مصالحها وأجندتها الخاصة، وستعمل على زعزعة الثقة بالحكومة، وخلق حالة من الفوضى لتحقيق أجندتها الخاصة، الأمر الذي يستدعي إجراءات وخطوات حكومية حازمة لبسط نفوذ الدولة، وتطبيق القانون على الجميع".
وتحذر جهات سياسية، من مقاطعة شعبية للانتخابات، في حال عدم ضمان توفير أجواء مناسبة لإجرائها.
وقال تحالف النصر، في بيان له، إن "الحكومة والبرلمان ومفوضية الانتخابات وبعثة الأمم المتحدة، تتحمل المسؤولية كاملة عن توفير معايير النزاهة لانتخابات المقبلة".