تعيين رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وزيراً للخارجية البريطانية

13 نوفمبر 2023
قال كاميرون في أول تصريح له: نواجه مجموعة صعبة من التحديات الدولية (Getty)
+ الخط -

أفاد مكتب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بتعيين رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وزيراً للخارجية، خلفاً لجيمس كليفري الذي اختير بدوره وزيراً للداخلية بعد إقالة الوزيرة المثيرة للجدل سويلا برافرمان.

ونقلت وكالة "رويترز" عن وزير الخارجية الجديد قوله في أول تصريح له: "نواجه مجموعة صعبة من التحديات الدولية، من بينها الحرب في أوكرانيا والأزمة في الشرق الأوسط".

وأضاف كاميرون أنه يأمل أن تساعده خبرته في رئاسة الوزراء في الفترة من 2010 إلى 2016 في التعامل مع التحديات الدولية الحالية.

وقال: "على الرغم من أنني ربما أختلف مع بعض القرارات الفردية، فمن الواضح بالنسبة لي أن ريشي سوناك رئيس وزراء قوي ومقتدر، ويظهر قيادة مثالية في وقت صعب".

وأضاف: "أريد مساعدته في تحقيق الأمن والازدهار الذي تحتاجه بلادنا وأن أكون جزءًا من أقوى فريق يخدم المملكة المتحدة ويمكن تقديمه للبلاد عند إجراء الانتخابات العامة".

ووفقا لوكالة "أسوشييتد برس"، فإن تعيين كاميرون كان بمثابة مفاجأة لكبار مراقبي السياسة، إذ من النادر أن يتولى شخص ليس عضوا في مجلس العموم منصبا حكوميا رفيعا، وقد مرت عقود منذ أن تولى رئيس وزراء سابق منصبا وزاريا.

وقالت الحكومة إن كاميرون سيتم تعيينه عضوا في مجلس اللوردات- الغرفة العليا غير المنتخبة في البرلمان.

وكان آخر وزير خارجية خدم في مجلس اللوردات -دون أن يكون عضوا في مجلس العموم المنتخب- هو بيتر كارينغتون، الذي كان عضوا في حكومة رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر في ثمانينيات القرن الماضي.

من إعادة المحافظين للزعامة إلى الاستقالة

كاميرون (57 عاماً) العائد إلى الحكومة من بوابة وزارة الخارجية، سبق له أن قاد البلاد في الحكومة الائتلافية من عام 2010 إلى عام 2015، ثم لمدة عام آخر كرئيس لحكومة أغلبية من حزب المحافظين.

لكن حملته التي راهن عليها أودت به إلى الاستقالة في 2016، بعدما اختار 52 في المائة من البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي على عكس ما كان يطمح للبقاء في سدة الحكم للعام 2020.

وبالعودة للبدايات، تمكن كاميرون، بعد خمس سنوات من توليه زعامة حزب المحافظين في عام 2005، من إعادة الحزب إلى الحكم، ولو من بوابة حكومة ائتلاف، ثم نجح مُجدداً في انتخابات 2015، بتمكين المحافظين الانفراد بالحكومة بعد الفوز بأغلبية في البرلمان، بعد الهزائم الانتخابية الساحقة للحزب في الأعوام 1997 و2001 و2005.

ويرجع ذلك بحسب مراجعة لسيرته السياسية إلى دخوله معترك السياسة بوصفه الشابَ المحافظ غير التقليدي، الليبرالي، ذا التوجهات العصرية، والمُنشغل بهموم العامة الاجتماعية، والساعي إلى تجديد الحزب ليكون "حزب محافظين لأمة واحدة". 

وقد وصف كاميرون نفسه في ديسمبر/كانون الأول 2005 بالقول: "أنا رجل عملي وبراغماتي، أعرف أين أريد الوصول، ولكنني لا ألتزم أيديولوجياً بمنهج واحد محدد". وقال أيضاً في أغسطس/آب 2008: "سأكون مُصلحاً اجتماعياً جذرياً كما كانت (مارغريت) ثاتشر مُصلحة اقتصادية".

وآثر كاميرون، طيلة سنوات تواجده في "داوننغ ستريت"، عدم التورط في أي تدخلات عسكرية خارجية، وقد تجلى ذلك في إحجام الحكومة البريطانية عن التدخل بقوات برية في ليبيا أو سورية، حتى أن حكومته لم تتجرأ آنذاك على المباشرة في توجيه ضربات جوية لقواعد "داعش" في العراق وسورية إلا بعد تفويض محدود من مجلس العموم.

وبعد 13 عاماً من حكم حزب العمال، ومرور البلاد في أزمة اقتصادية صعبة في عام 2008، تمكن كاميرون من إعادة الاستقرار والنمو للاقتصاد، بفرض سياسات تقشف "غير شعبية"، حتى بات الاقتصاد البريطاني الأقوى في أوروبا، بعد الاقتصاد الألماني.

وعند مراجعة مسيرة كاميرون، يبرز رأيان، الأول يعتبره رجلاً استراتيجياً بعيد النظر، استطاع تحقيق السياسة التقليدية لحزب المحافظين، والتي تقوم على الفوز بالأغلبية في الانتخابات العامة، ليس من خلال المحافظة على الحزب في وسط اليمين، بل دفع حزب العمال إلى أقصى اليسار. وهو السياسي الذي جعل بريطانيا أكثر عدلاً وأمناً، واستقراراً من الناحية الاقتصادية في الأوقات العصيبة. أما الرأي الثاني، فيعتبر كاميرون شخصية "لا شعبية"، متحدراً من طبقة غنية، وخريج مدارس خاصة، وقد كرس موقف حزبه التقليدي في قضايا الفقر والمهاجرين والرعاية الصحية، وهو ما خلّف خيبة أمل لدى من اعتقدوا أنه سيجدد الحزب، ويأخذه نحو الوسط، وينقله خطوات جريئة نحو القرن 21.

المساهمون