تثير القوى الكردية في إقليم كردستان العراق شكوكاً بمساعي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لحسم ملف تطبيع الأوضاع في بلدة سنجار، التي يهيمن عليها مسلحو حزب العمال الكردستاني وفصائل مسلحة أخرى، وهو الملف الذي أدرج ضمن شروط تلك القوى لمنح الثقة لحكومة السوداني، مجددة مطالبتها بحسم الملف.
وما زال نحو 80 في المائة من أهالي المدينة خارجها في مخيمات بدهوك وأربيل، بسبب استمرار عسكرة المدينة من قبل المجاميع المسلحة، وعدم إعمار المناطق بعد الدمار الواسع خلال عمليات طرد "داعش" منها.
وأخيراً، جدد السوداني تعهداته للكرد بحسم الملف، وشكل لجنتين لتطبيق اتفاقية التطبيع في البلدة، ومن المفترض أن اللجنتين باشرتا عملهما فعلياً.
ووفقاً للنائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل، وهو منحدر من مدينة سنجار، فإن "رئيس الوزراء شكل بموجب أمرين ديوانيين لجنتين لتطبيع الأوضاع في سنجار، الأولى للتنسيق والثانية باسم (لجنة الجهد الحكومي)، وأن عمل اللجنتين يرتبط بتطبيع الأوضاع في سنجار، وتوفير الخدمات وعودة النازحين، وحل جميع المسائل المرتبطة بالوضع في سنجار"، مبينا في تصريح لمحطة إخبارية كردية محلية أن "اللجنتين تتألفان من 11 عضواً، لكنهما لا تضمان أي كردي إيزيدي في عضويتهما".
وأضاف: "وجهت كتاباً إلى رئاسة الوزراء في 15 فبراير/ شباط الجاري، انتقدت فيه خلو اللجنتين من أي عضو من أهالي سنجار".
وينص برنامج حكومة السوداني، الذي صوت عليه مجلس النواب في الـ27 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في إحدى فقراته، على تنفيذ اتفاق سنجار بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.
والأسبوع الفائت، كان ملف سنجار من بين عدة ملفات بحثها وفد الإقليم مع الحكومة العراقية في بغداد، إلا أن أي نتائج لم تذكر بشأنه، ودعا رئيس الوفد وزير الداخلية في حكومة الإقليم ريبر أحمد، في تصريحات صحافية، إلى "ضرورة تنفيذ اتفاق سنجار والمباشرة بإعمار القضاء وفقاً للاتفاقات السياسية، لا سيما أن حكومة الإقليم أوفت بكل الاتفاقات المبرمة مع بغداد".
وأشار إلى أن "اتفاق سنجار لم ينفذ لغاية الآن، وأن إحدى النقاط، التي اتفقت عليها الأطراف السياسية لبناء العملية السياسية الجديدة وتشكيل الكابينة الوزارية، هي تطبيق الاتفاق"، داعياً رئيس الوزراء والمسؤولين في حكومة بغداد، إلى "تنفذ اتفاقية التطبيع في البلدة".
ويؤكد أهالي البلدة أن نفوذ مسلحي العمال الكردستاني والفصائل الأخرى ما زال واسعاً في البلدة، وقال الشيخ بهاء شنكالي، وهو أحد وجهاء البلدة، لـ"العربي الجديد"، إن "المظاهر المسلحة لتلك الجماعات، التي ما زالت متنفذة في البلدة، تمنع عودة أهلها النازحين".
وأكد أنه "لم نلمس أي خطوات حقيقية لتطبيع الأوضاع في البلدة. الوضع ما زال غير مطمئن، والجماعات المسلحة لها قوة وشوكة، وهو ما يؤشر الى أن الحكومة لم تبدأ أي خطوات فعلية نحو التطبيع".
ويرفض الآلاف من أبناء سنجار من الإيزيديين والأكراد والعرب العودة إلى مناطقهم طيلة السنوات الماضية، بسبب سيطرة الفصائل المسلحة على مناطق القضاء عامي 2015 و2016، بعد طرد مسلحي "داعش" الذي هاجم القضاء في أغسطس/آب 2014.
ويُنظر للأزمة في سنجار على أنها مشكلة دولية وليست محلية، فبقاء حزب "العمال الكردستاني"، والفصائل القريبة منه، يأتي بدعم إيراني وإن لم يكن علنياً، يقابله رفض تركي شديد، على اعتبار أن مسلحي تلك التنظيمات يشنون هجمات داخل العمق التركي ويهددون أمن تركيا القومي.
وكانت حكومة مصطفى الكاظمي السابقة وحكومة إقليم كردستان قد أبرمتا، منذ أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2020، اتفاق التطبيع في بلدة سنجار، الذي يهدف أساساً إلى إخراج الجماعات المسلحة من البلدة تمهيداً لعودة نازحيها، إلا أن تلك الاتفاقية لم تطبق بسبب رفض الجماعات المسلحة الخروج من البلدة.