تسود حالة من الهدوء شبه التام في محاور التماس بين "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) ومناطق النفوذ التركي شمالي سورية، تزامنا مع تحليق مكثف للطيران التركي وتعزيزات ميدانية في عدة محاور، بينما تعرضت مواقع لـ"قسد" في ريف دير الزور إلى عدة هجمات نسبها النظام السوري في وقت لاحق لفصائل تابعة له.
وقالت مصادر من "الجيش الوطني السوري" المعارض إن طيران الاستطلاع التركي حلق بشكل مكثف منذ مساء أمس وحتى صباح اليوم في محاور عين العرب وصرين بريف حلب، وفي محاور تل أبيض بريف الرقة ورأس العين بريف الحسكة، بهدف رصد أي تحركات أو محاولات تسلل من عناصر "قسد".
وأكدت المصادر، التي اشترطت عدم كشف هويتها، أن هناك حالة من الهدوء شبه التام تسود معظم الجبهات، مشيرة إلى أن "الجيش الوطني" المتحالف مع تركيا على أتم الاستعداد للقيام بالعمليات الدفاعية أو الهجومية، مضيفة أن مزيدا من التعزيزات وصل مساء أمس إلى محاور تل أبيض ورأس العين، وضم أكثر من 60 آلية مزودة بالعتاد والجنود.
وكانت طائرة تركية مسيرة قد قصفت أمس موقعا لـ"قسد"، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من عناصرها، في حين لم يقع أي رد من الأخيرة على محاور التماس.
وقالت "قسد"، في بيان لها مساء أمس، إنها لن ترد على ما وصفتها بـ"التحركات الاستفزازية" من قبل تركيا و"الجيش الوطني" في خطوط التماس، وإنها ملتزمة باتفاقية خفض التصعيد.
ونقلت مصادر أمس أن وفدا من "الإدارة الذاتية" التابعة لـ"قسد" سيصل إلى موسكو بهدف التفاوض معها على دخول قوات النظام إلى المناطق الخاضعة لـ"قسد"، أو تسليمه تلك المناطق إلى جانب الشرطة العسكرية الروسية، وهو ما نفته تصريحات من مسؤولين في "الإدارة الذاتية" في وقت لاحق.
وفي شأن متصل، قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن القوات الروسية المتمركزة في قاعدة العريمة غربي ناحية منبج بريف حلب انسحبت من القاعدة وتوجهت إلى قاعدة أم ميال، الواقعة شرقي ناحية منبج. ومن المتوقع أن تلك الحركة تأتي ضمن التفاهمات بين روسيا و"قسد" حول مناطق الأخيرة.
التجنيد الإجباري
إلى ذلك، قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن مدنيين أصيبوا بجروح جراء اشتباكات اندلعت بين مسلحين من أهالي قرية السويدية وقوة عسكرية تابعة لـ"قسد" في ناحية الطبقة. وأضافت المصادر أن الاشتباك جاء على خلفية محاولة المليشيا شن حملة اعتقالات بهدف التجنيد الإجباري في القرية.
النظام يتبنى الهجمات على "قسد" بدير الزور
وقالت وكالة الأنباء الرسمية التابعة للنظام السوري "سانا" إن ما سمتها "الفصائل الشعبية" هاجمت مقرات "قسد" في دير الزور الشرقي أمس مرتين، وذلك بعد أنباء أفادت بتعرض أربعة مواقع للمليشيا إلى هجمات من مسلحين مجهولين.
وقالت "سانا": "الفصائل الشعبية نفذت هجومين منفصلين بالقذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة على مقرين لمليشيات "قسد" في مركز البريد ببلدة ذيبان وجانب الحديقة في مدينة الشحيل بريف دير الزور الشرقي، ما أدى إلى إصابة عدد من مسلحي المليشيا، ووقوع أضرار في المقرين".
ولم توضّح "سانا" المزيد بخصوص "الفصائل الشعبية" التي تحدثت عنها. وكانت قد نقلت الوكالة سابقا الكثير من التقارير التي تفيد بهجوم "الفصائل الشعبية" على مقرات وحواجز لـ"قسد" في دير الزور والحسكة، تسببت بخسائر بشرية ومادية.
وحتى ظهر اليوم الثلاثاء، لم يصدر أي تعليق رسمي من "قسد" حول طبيعة الهجمات التي تعرضت لها يوم أمس، في وقت أفادت به مصادر لـ"العربي الجديد" بأن "قسد" تعرضت أمس لهجمات في أربع مناطق بريف دير الزور الشرقي، وهجوم في الناحية الغربية من مدينة الرقة.
وكانت "قسد" قد تعرضت سابقا للكثير من الهجمات التي أدت إلى مقتل وجرح المئات من جنودها، ولم تعلن أي جهات عن تنفيذ تلك الهجمات، في وقت توجه فيه "قسد" أصابع الاتهام بشكل رئيسي لخلايا تنظيم "داعش" الإرهابي.
وكان التلفزيون الرسمي للنظام قد نقل أمس خبرا مفاده أن "الفصائل الشعبية" في ريف دير الزور قتلت مسلحا من "قسد" في هجوم عليه بقرية الجلامدة في ريف دير الزور الغربي.
إلى ذلك أوضحت مصادر لـ"العربي الجديد" أن ما يسميه النظام "فصائل شعبية" هو مجموعات مسلحة تتبع لحزب "البعث" وضباط النظام السوري، ويقوم الأخير بتحريكها عندما يشاء، لكن المصادر شككت أيضا بمصداقية رواية النظام، إذ قد يعمد لتبني الهجمات بشكل غير مباشر لممارسة ضغوط على المليشيا.
وفي السادس من يونيو/ حزيران الماضي، أفادت وكالة "سانا" بأن خمسة من "قسد" قتلوا في هجوم للفصائل نفسها على سيارة عسكرية بريف دير الزور الغربي، في حين قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إن الهجوم كان بكمين لخلايا تنظيم "داعش".
زرع ألغام
وفي شمال غرب البلاد، قال الناشط مصطفى المحمد إن جبل الزاوية شهد فجر اليوم اشتباكات بين فصائل المعارضة وقوات النظام السوري، رافقها قصف متبادل بالمدفعية.
وأضاف الناشط أن مجموعة من قوات النظام حاولت التسلل على محور بلدة فليلفل بهدف زرع ألغام في خطوط متقدمة، حيث واجهت ردا مباشرا من فصائل المعارضة، ما دفعها للتراجع بعد تكبدها خسائر بشرية.
وكانت قوات النظام قد حاولت عدة مرات في السابق التسلل على محاور التماس في جبل الزاوية بهدف زرع ألغام في خطوط متقدمة، إلا أنها فشلت بسبب تصدي المعارضة لتلك المحاولات.
وشهدت خطوط التماس في إدلب ومحيطها أمس حالة من الهدوء شبه التام تخللها إطلاق نار من قوات النظام على عدة محاور دون وقوع أضرار بشرية.