تعرّض "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" بزعامة المستشار الألماني أولاف شولتز، اليوم الأحد، لنكسة في انتخابات محلية تكتسب رمزية كبيرة في برلين، معقل الحزب منذ أكثر من عشرين عاماً، بعدما تفوّقت عليه المعارضة المحافظة.
وتتزامن الهزيمة الانتخابية التي لحقت بالحزب محلياً، مع انتقادات توجّه على مستوى البلاد لشولتز، على خلفية تلكؤه في دعم أوكرانيا عسكرياً. وحلّ حزب المستشارة السابقة أنجيلا ميركل "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" المعارض في الصدارة في انتخابات المجلس المحلي في برلين، حاصداً نحو 28 بالمائة من الأصوات، مقابل 18 بالمائة نالها "الاشتراكيون الديمقراطيون". والنتيجة هي الأسوأ للحزب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، علماً بأنه حل ثالثاً خلف "حزب الخضر" الذي نال ما بين 18.2 و18.7 بالمائة من الأصوات، وفق تقديرات لقناتي "ايه ار دي" و"زد دي اف".
ووصفت رئيسة البلدية المنتهية ولايتها فرانتسيسكا غيفي نتائج الانتخابات بأنها "أمسية مريرة"، مشيرة إلى "وضعية صعبة" لحزبها.
سابقة منذ العام 1999
هذه هي المرة الأولى منذ 22 عاماً التي يتصدّر فيها "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" نتائج الانتخابات في برلين، متقدماً على "الاشتراكيين الديمقراطيين". وقد يضطر الحزب للاكتفاء بأداء دور شريك "أصغر" في تحالف مع شريكيه الحاليين في الائتلاف، دعاة حماية البيئة واليسار الراديكالي الممثل بحزب اليسار (دي لينكي).
في انتخابات المجلس البلدي الأخيرة التي أجريت في برلين في العام 2021، حلّ الحزب في الصدارة حاصداً أكثر من 21 بالمائة من الأصوات، لكن الانتخابات حينها شابتها ثغرات تنظيمية غير مسبوقة، استدعت في نهاية المطاف إلغاءها وإجراء انتخابات جديدة، وكانت تلك سابقة على صعيد الانتخابات الإقليمية الألمانية. ولم تكن البلاد قد شهدت أمراً مماثلاً منذ الحرب العالمية الثانية.
وأجريت انتخابات اليوم بإشراف مراقبين دوليين من مجلس أوروبا بدعوة من المدينة نفسها لاستعادة الثقة. واستدعت برلين نحو 42 ألف موظف انتخابي، بما يزيد بثمانية آلاف عن المرة السابقة.
ويبدو أن الحزب واجه في انتخابات اليوم تصويتاً عقابياً على المستوى المحلي، على خلفية الفوضى وأعمال العنف التي شهدتها برلين ليلة رأس السنة، حين أطلقت ألعاب نارية على عناصر إطفاء وشرطيين في أحياء غالبية قاطنيها من المهاجرين.
واتّهمت المعارضة المحافظة، الغالبية اليسارية في المجلس البلدي بالتراخي، وفتحت نقاشاً حول إخفاقات سياسة الدمج في هذه الأحياء.
تراجع على مستوى الوطن
تؤكد نتائج انتخابات برلين منحى يُسجّل منذ أشهر على مستوى البلاد، يتمثّل بتآكل كبير لشعبية الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" الحاكم، وبتقدّم للمعارضة المحافظة ولحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف. يأتي كل ذلك في توقيت تواجه فيه ألمانيا معدّل تضخّم مرتفعاً، وسط نقاش محتدم حول إمداد أوكرانيا بالأسلحة، مع تخوّف قسم من الرأي العام الألماني من الأعداد الكبيرة للمهاجرين في البلاد، خصوصاً أولئك الذين أتوا من أوكرانيا.
وتبدو المفاوضات لتشكيل ائتلاف جديد في مدينة برلين في غاية الصعوبة، إذ باستثناء ليبراليي حزب "إف دي بي"، لم يبدِ أي فصيل قبل الانتخابات استعداداً لتشكيل ائتلاف مع المحافظين الذين دعوا الأحد إلى إحداث "تغيير" في برلين، علماً بأن الحزب يستبعد أي تحالف مع اليمين المتطرف.
ولن تؤثر هذه الانتخابات على التحالف الحاكم في ألمانيا برئاسة شولتز لكنها يمكن أن تُضعف المستشار، فبرلين مدينة تشكل ولاية في ذاتها، وأي تغيير محتمل للأغلبية فيها يمكن أن تكون له تداعيات على المجلس الاتحادي (بوندسرات) الذي يمثل الولايات الـ16 في البلاد.
(فرانس برس)