يستعد برلمان إقليم كردستان العراق، خلال الأسبوعين المقبلين، لإجراء أول تعديل وزاري واسع على حكومة مسرور البارزاني التي تواجه أزمات عديدة، أبرزها تلك المتعلقة بارتفاع معدلات الفقر والبطالة داخل محافظات الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي شبه مستقل عن بغداد منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.
ويأتي الكشف عن إجراء التعديل الوزاري في حكومة البارزاني التي تطوي عامها الثالث في ظل تحديات كثيرة، كان أبرزها القصف الإيراني والتركي المتواصل، وأزمات ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتأخر دفع مرتبات الموظفين نتيجة أزمة الموازنة مع بغداد، واستمرار الخلاف الذي أرجأ دفع الحكومة العراقية مستحقات الإقليم المالية ضمن الموازنة السنوية.
ومساء أمس الأحد، كشف وزير داخلية إقليم كردستان العراق، ريبر أحمد، عن تعديلات وزارية مرتقبة في حكومة الإقليم الحالية، قال إنها ستكون بعد عطلة رأس السنة الجديدة.
حديث الوزير جاء خلال زيارة أجراها لكنيسة مار يوسف في بلدة عين كاوا بأربيل، للمشاركة في قداس أعياد الميلاد المجيدة.
وقال أحمد، في مؤتمر صحافي، إن "إرساء السلام في إقليم كردستان ما زال حياً، وهناك مفاوضات ونقاشات بين الأحزاب الكردستانية للتوصل إلى تفاهمات من شأنها إعمام الاستقرار"، في إشارة منه إلى الخلافات السياسية المحتدمة داخل الإقليم.
وأضاف أن "برلمان إقليم كردستان، سيعقد جلسة خاصة لاستبدال عدد من الوزراء في الكابينة الحكومية، ومن بينهم وزراء من كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني"، دون أن يحدد أسماء هؤلاء الوزراء.
وتتجه الأنظار بالخصوص إلى وزراء العمل، والبيشمركة، والمالية، والتخطيط، ووزارة شؤون الإقليم، وفقاً لما تحدث به نائب في البرلمان عن حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" في السليمانية، لـ"العربي الجديد"، قال شرط عدم ذكر اسمه، إن التعديلات الجديدة تهدف إلى إعادة خلق توازن داخل حكومة الإقليم وتسوية جانب من المشاكل الحالية.
وأضاف في اتصال هاتفي معه أن "هناك مساعي طيبة لحل الملفات العالقة بشكل تدريجي، وليس شرطاً أن تكون الأزمة كلها بسلة واحدة، ونبحث عن حل لها".
وختم بالقول: "الشارع الكردي حانق على الحكومة وعلى كل الأحزاب في الإقليم، ويجب تقديم شيء يثبت أن الجميع يحاول السعي لتحقيق انفراجة، ولو بسيطة، في الوضع الاقتصادي والمعيشي عموماً".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أكد رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور البارزاني، في كلمة له، أن حكومته تمكنت من "تخطي مرحلة عصيبة من دون إيرادات. ولم نقترض أموالاً ولم نخلق أعباءً ومسؤوليات على كاهل الأجيال القادمة فحسب، بل خفضنا الديون الحكومية، وسدّدنا في الآونة الأخيرة ما يزيد على مليار دولار من القروض".
وأضاف: "أسهمت الإصلاحات في المجالين المالي والإداري وتنفيذ قانون الإصلاح، ونتيجة للمسيرة الإصلاحية، في زيادة الإيرادات الداخلية بشكل ملحوظ وبنسبة 100 بالمئة"، وفقاً لما نقلته وسائل إعلام محلية كردية في الإقليم.
يأتي ذلك مع استمرار الأزمة بين "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني"، الحزبين الرئيسين في الإقليم، نتيجة خلافات تتعلق في الغالب بتقاسم النفوذ والمناصب داخل حكومة الإقليم.
ومنذ ما يزيد على شهر يمتنع نائب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، قوباد طالباني، عن حضور جلسات مجلس الوزراء في الإقليم، احتجاجاً على ما أسماه "تفرد" حزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني بزمام السلطة في كردستان العراق. ويتوقع أن يكون إعلان التعديلات الجديدة بمثابة تسوية تنهي مقاطعة وزراء حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" جلسات الحكومة.
وتحدث نائب في برلمان كردستان العراق في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، عن "وساطات دولية وأخرى تقودها بعثة الأمم المتحدة لحل الخلاف القائم بين الحزبين الكرديين، خشية من تطوره، خاصة بعد تلويح أعضاء بارزين في حزب الاتحاد الوطني بالسليمانية اللجوء إلى نظام الإدارة الذاتية في السليمانية بعيداً عن أربيل، كما حدث في تسعينيات القرن الماضي".
وبين أن ممثلة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت دخلت على خط الوساطة، وأجرت سلسلة اجتماعات مع زعيم "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مسعود بارزاني، ورئيس "الاتحاد الوطني الكردستاني" بافل طالباني.