أفرج جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، الثلاثاء، عن الطالبين عبد المجيد حسن، رئيس مجلس الطلبة في جامعة بيرزيت في رام الله، وعضو المجلس يحيى فرح قاسم، بعد اعتقال لأكثر من شهر، أمضيا معظمه في سجن أريحا.
وقال حسن، الذي اعتقل في 18 يونيو / حزيران الماضي: "اختطافي بالطريقة التي شاهدها الجميع، بعد اعتداء ملثمين عليّ ورشي بغاز الفلفل، قبل اقتيادي في مركبة إلى مكان الاحتجاز، تبعه تعرضي للتعذيب الشديد والإهانة، فقد وُضعت في زنزانة ضيقة لأربعة أيام".
وأشار حسن، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه جرى نقله بعدها إلى سجن تابع للمخابرات في مدينة أريحا، و"هناك كانت الظروف أصعب، حيث كان يجري عقابي بسحب كل ما في الزنزانة من أغطية وفراش وتركي أنام على الأرض، هذا يضاف لما تعرضت له من ضرب وشبح".
وأوضح رئيس مجلس الطلبة في جامعة بيرزيت أن اعتقاله كونه رئيساً منتخباً "يعد تجاوزاً خطيراً للأجهزة الأمنية، وتدخلاً فاضحاً في العمل الطلابي النقابي، حيث تركز التحقيق معي عن الانتخابات، وفوز الكتلة الإسلامية فيها"، وهي الجناح الطلابي لحركة "حماس" في الضفة الغربية.
وشدد حسن على أنه سيعود فوراً لخدمة الطلاب في جامعة بيرزيت، وقال: "لا ترهبنا الاعتقالات، وسنواصل ممارسة دورنا".
من جهتها، قالت المحامية التي تابعت ملف الطالبين، ديالا عايش، من مجموعة "محامون من أجل العدالة"، إنهما اعتقلا على خلفية عملهم الطلابي النقابي، وتحديداً بعد الانتخابات الأخيرة التي أفرزت عبد المجيد رئيساً لمجلس الطلبة، إثر فوز الكتلة الإسلامية بها.
وأشارت عايش، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن التهمة التي وجهت لهما كانت "جمع وتلقي أموال"، وهي تهمة توجهها النيابة العامة للمعتقلين السياسيين لتمديد توقيفهم، وتابعت "هي تهمة من لا تهمة له"، ولفتت إلى أن الطالب يحيى قاسم حصل على قرار بالإفراج من اليوم الأول الذي جرى تحويله للمحكمة، لكن جهاز المخابرات رفض تنفيذه.
وأوضحت عايش أن التحقيق الذي كان يجري معهما في سرايا النيابة العامة كان "تحقيقاً صورياً فقط"، بالمقابل كانوا يخضعون لتحقيق شامل في أقبية جهاز المخابرات، علماً أن ذلك يعد مخالفاً للقانون، مضيفة: "بعد 24 ساعة من التوقيف، يمنع القانون مسألة المعتقلين وإخضاعهم للتحقيق، لكنه يمكنه أخذ إفادة فقط، لكن ذلك لم يكن يحدث".
وحول الاعتقالات السياسية، أكدت المحامية ذاتها أنها تشهد ارتفاعاً كبيراً في صفوف الطلبة والخريجين، والمعارضين السياسيين والنشطاء والصحافيين، و"هذا يخالف جميع القوانين والمعاهدات التي وقعت عليها دولة فلسطين، كما أن القوانين الفلسطينية لم تتطرق لموضوع الاعتقال السياسي، وكفلت للمواطن الحق في التعددية السياسية، وحرية الرأي والتعبير، حسب ما ورد في القانون الأساسي، وبالتالي فإن الاعتقال على خلفية ممارسة المواطن أحد حقوقه المنصوص عليها في القانون الأساسي يعتبر جريمة".
ولفتت عايش إلى أن 90% من عمليات الاعتقال لا يعرض فيها مذكرة توقيف من النيابة العامة، بوصفها المخولة قانوناً بهذا الأمر، كما أنّ 40% من الحالات التي يصدر بها قرارات بالإفراج من القضاء يُرفض تنفيذها، أو يجري تحويل أصحابها على قضية أخرى لتمديد احتجازهم.
وأوضحت المتحدثة ذاتها أنّ غالبية المعتقلين تُوجه إليهم تهم تتعلق بقضايا محددة، مثل غسل أموال، أو إثارة نعرات، أو إساءة استخدام التكنولوجيا، كما يعتقل البعض بناءً على دعوة من النيابة العامة، مع وجود بعض الشكاوى حول كتاباتهم، عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ووثقت مجموعة "محامون من أجل العدالة" ما يزيد عن 300 حالة اعتقال سياسي في الضفة الغربية منذ بداية عام 2023، فيما يبلغ عدد المعتقلين حالياً أكثر من 40، مشيرة إلى أن الرقم "غير مستقر، لأن عمليات الاعتقال والإفراج عن المعتقلين متواصلة".
وكانت 8 فصائل فلسطينية قد أعلنت مؤخراً، في بيان مشترك، رفضها للاعتقال السياسي الذي تنفذه الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، معتبرة أنه "انتهاكٌ خطير للقانون، وسلوك خارج عن الإجماع الوطني".
وطالبت الفصائل في بيانها، قيادة السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية بالتوقف الفوري عن ممارسة الاعتقال السياسي "المرفوض شعبياً ووطنياً"، والإفراج فوراً عن جميع المعتقلين السياسيين.
ورأت تلك الفصائل أن استمرار الاعتقالات والانتهاكات "لا يساهم في تهيئة الأجواء والمناخات الإيجابية أمام الدعوة التي وُجهت لعقد اجتماع الأمناء العامين لتحقيق الوحدة الوطنية، بل يشيع أجواءً سلبيةً ستؤثر في الجهود الرامية لاستعادة الوحدة في مواجهة الاحتلال".
غير أن الناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية اللواء طلال دويكات نفى ما وصفها بـ"الإشاعات"، مشدداً على أنه "لا صحة لما يجري تداوله حول اعتقال أشخاص على خلفية سياسية".
وأوضح دويكات، في بيانٍ صحافي، أنّ "الاعتقال أو التوقيف الذي طاول بعض الأشخاص جاء بناءً على مذكرات قانونية صادرة من جهات الاختصاص بعد تقديم شكاوى من بعض المواطنين، وبناءً عليه، جاء توقيفهم لاستكمال الإجراءات القانونية".
وتحدث دويكات عن أصواتٍ (لم يُسمها) تقوم بمحاولات لـ"تعكير أية جهودٍ لإسناد الحالة الفلسطينية، عبر اتهام السلطة الفلسطينية بتنفيذ اعتقالات بالضفة، في الوقت الذي تبذل فيه القيادة جهوداً لإعادة توحيد الصف الوطني لمواجهة التوغل الوحشي للاحتلال الإسرائيلي".