انطلقت في بغداد، عصر اليوم الجمعة، احتجاجات دعت إليها قوى وحركات مدنية عراقية، للمطالبة بإجراء إصلاحات تتضمن محاسبة المقصرين والمتهمين بالفساد من المسؤولين، إضافة إلى حل البرلمان ومنع استمرار تحكم الأحزاب الشيعية، وتحديداً قوى "الإطار التنسيقي"، بالقرارات القضائية.
ويقود الاحتجاجات عدد من الناشطين المدنيين، من بينهم الناشط البارز من مدينة بابل ضرغام ماجد، وزعماء الأحزاب والكيانات الناشئة والجديدة، إضافة إلى الحزب الشيوعي العراقي، وحركة "امتداد" التي يقودها الناشط والنائب في البرلمان علاء الركابي.
ويرفع الناشطون العراقيون في بغداد شعارات عدة خلال الاحتجاجات التي نظمت في ساحة النسور وسط بغداد من ضمنها "الحرية للقضاء"، وهو أول تصويب مدني على القضاء في الأزمة الحالية باعتباره طرفًا فيها، إضافة إلى يافطات حملت مطالب ترفع في كل احتجاجات القوى المدنية خلال العامين الماضيين، منها "الكشف عن قتلة المتظاهرين وإبعاد الفصائل المسلحة عن التحكم بالمشهد السياسي ومحاسبة نوري المالكي وزعماء الأحزاب الشيعية على سرقة أموال البلاد وتهديد الوضع الأمني".
تظاهرات التشرينيين في ساحة النسور بالعاصمة #بغداد
— Rudaw عربية (@rudaw_arabic) September 2, 2022
📸 هلكوت عزيز - رووداو pic.twitter.com/RDhTKb2Xpj
وعدّ الناشط العراقي ضرغام ماجد أنَّ تظاهرات اليوم الجمعة تمثل "جمعة الغليان الشعبي"، وكتب على صفحته في "فيسبوك": "تظاهرة اليوم عراقية وطنية متحدية لكل الصعاب، ساعية لتوحيد صفوف العراقيين الغيارى الأحرار من كل فئات وشرائح المجتمع العراقي المظلوم، سنكون كلنا يداً واحدة من أجل تنظيمها ومنع كل من يريد زرع التفرقة والفتنة، وسنكون نحن وقواتنا الأمنية المظلومة يداً واحدة ضد الفاسدين والعابثين والمخربين، ولم ولن نجامل على حساب الوطن".
في السياق، أصدرت قوى "التغيير"، التي تضم عددًا من الأحزاب السياسية المدنية والحراكات الاجتماعية، بيانًا داعمًا للاحتجاجات السلمية، جاء فيه التأكيد على "دعم إرادة وتطلعات الشعب التي تهدف إلى الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد والفشل".
فيما أكمل البيان: "إننا على ثقة كبيرة بأن قوى التغيير، باختلاف مشاربها، قادرة على تحقيق أهدافها الوطنية النبيلة، إن تضافرت الجهود وتوحدت الحناجر"، داعية جميع القوى المدنية والديمقراطية والناشئة والحركات الاحتجاجية إلى "توحيد أهدافها وتنسيق الحراك الشعبي السلمي ليكون معبّرًا عن إرادة أبناء شعبنا في بناء الوطن المستقل والمزدهر".
من جهته، أشار الناشط من بغداد، حيدر النعيمي، إلى أنَّ "تظاهرة اليوم، هي امتداد لانتفاضة تشرين (2019) التي سعت الفصائل المسلحة إلى قتل كل من شارك فيها، وهي تطالب بذات المطالب التي يرفعها المحتجون في كل مرة".
وأضاف النعيمي أنَّ "الأحداث الأخيرة، والاشتباكات المسلحة التي حصلت بين قوى سياسية استخدمت أذرعها المسلحة لا تتناسب مع تطلعات الشعب العراقي الذي ينتظر حكومة مدنية، تستخدم القانون بدل السلاح"، مؤكداً أنَّ "استمرار ضعف الحكومة في منع المظاهر المسلحة يعني استمرار احتجاجاتنا السلمية إلى حين تنفيذ المطالب".
وتتشابه المطالب المرفوعة من قبل القوى المدنية مع مطالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتحديدًا حل الفصائل المسلحة وسحب أسلحتها، وأشار عضو التيار المدني العراقي، سرحان اليساري، إلى أنَّ "القوى المدنية تطالب بسحب سلاح التيار الصدري أيضًا مثل باقي الأطراف الأخرى، وأنَّ مطالب الحراك المدني ليست جديدة، بل إنها ذاتها منذ عام 2011".
وأوضح في حديثٍ مع "العربي الجديد" أنَّ "الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة تواصل استفزاز الشعب العراقي، من خلال استخدامها السلاح، إضافة إلى مواصلة العمل بنهج المحاصصة الحزبية والطائفية، وأنها لا تزال تسعى إلى تشكيل حكومة جديدة بنفس الآلية المرفوضة، وأن هذا العصيان لمتبنيات الشعب، قد يؤدي إلى تجدد الاحتجاجات في أكتوبر/تشرين الأول المقبل".
وكان العراق قد شهد، الاثنين الماضي، مواجهات دامية اندلعت إثر اعتزال الصدر العمل السياسي، حيث تظاهر المئات من أنصاره داخل المنطقة الخضراء وخارجها وفي المحافظات الأخرى، واشتبكوا مع أمن "الحشد الشعبي"، ما تسبّب بمقتل العشرات من المتظاهرين وجرح المئات، وسط ارتباك أمني خطير، ثم انتقل الاشتباك، خلال اليومين الماضيين، إلى مدينة البصرة.
وتعيش البلاد أزمة هي الأطول من نوعها، إذ حالت الخلافات بين القوى السياسية دون تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021.