تظاهرة الشرطة الفرنسية تغضب العدالة: الرد بالطعن في "المادة 24 لقانون الأمن الشامل"؟

21 مايو 2021
من تظاهرة الشرطة (Getty)
+ الخط -

تسبب وزير الداخلية الفرنسية، جيرالد درمانان، بأزمة بين القضاء الفرنسي وأجهزة الشرطة، بعد دعمه ومشاركته في تظاهرة نظمها تحالف ونقابات الشرطة، أمس الأربعاء، طالب المشاركون فيها بتشديد العقوبات على "المعتدين على قوات إنفاذ القانون"، وتكريماً لزميل لهم قتل قبل نحو أسبوعين أثناء عملية مكافحة مخدرات.
التظاهرة التي نزلت إليها كل الأحزاب الفرنسية السياسية، باستثناء حزب "فرنسا غير الخاضعة"، شهدت انتقادات حادة للقضاء الفرنسي ولوزير العدل اريك دوبون موريتي، حيث أعلن الأمين العام لـ"تحالف الشرطة" فابيان فانيمولريك، خلال التظاهرة، أن "مشكلة الشرطة هي العدالة"، مردداً عبارة المتظاهرين الشهيرة ضد عنف الشرطة في فرنسا "إن لم يكن هناك عدالة لن يكون هناك سلام".
ورداً على هذه التظاهرة والمواقف التي أطلقت خلالها، ندد كل من "اتحاد القضاة" ونقابة القضاة، يوم الخميس، بالاتهامات التي وجّهت إليهم. ونقلت قناة "فرانس انفو" عن أمين النقابة الوطنية للقضاء لوسيل رويه، قولها إن الاتهامات التي وجهت للقضاء من قبل الشرطة "حجة ذات هدف انتخابي"، في إشارة إلى التلميحات الكثيرة التي تربط بين تحرك الشرطة أمس واليمين بجناحيه، الوسط والمتطرف.
على رأس الاتهامات التي وجهت للقضاء خلال تظاهرة الشرطة، كان "التراخي في أحكام المعتدين على قوات إنفاذ القانون"، الأمر الذي نددت به رويه، موضحة "نتحدث كثيراً عن تراخي العدالة، لكن هذا غير صحيح. خلال 20 عاماً، زاد عدد نزلاء السجون بنسبة 60 في المئة (..) إذا أردنا وضع المزيد من الأشخاص في السجن، فلنقم ببناء سجون!".
من جهته، قال قاضي محكمة الاستئناف وعضو اتحاد القضاة لوران بودويه، إن "تلك الاتهامات مؤسفة"، وأضاف خلال مقابلة مع "فرانس إنفو": "لقد صُدمنا تماماً ونشعر بالظلم العميق بعد الذي حدث". وأضاف "تقودنا الاتهامات إلى الاعتقاد بأن الزيادة في العنف ترجع إلى تراخي القضاة وهذا غير صحيح (..) يبدو أن الرغبة في الانقسام سوف تكون قاتلة" معتبراً أن ما حصل له أهداف انتخابية واضحة، وهذا "يجعلنا نخشى أن ينتهي خطاب التشكيك في العدالة هذا بالتغلغل في عقول الناس، وتثبت حالة عدم ثقة بها بشكل دائم".

وكان وزير العدل إيريك دوبون موريتي، قد وجه انتقادات لاذعة للمتظاهرين بعد إطلاقهم شعار "مشكلة الشرطة هي القضاء". وشجب خلال جلسة أمام مجلس النواب، في وقت متأخر أمس الأربعاء، ما وصفها بـ"الهجمات المستمرة والاستغلال غير البريء للعدالة". وبدا موريتي منفعلاً بشدة خلال مداخلته، التي بثتها وسائل الإعلام، عندما صرخ "العدالة خط أحمر، هذا خطر على الديمقراطية.. أن تطالب نقابات الشرطة باحترام الشرطة في بلدنا، فهذا أمر شرعي (...) ، لكن العدالة أيضاً تستحق الاحترام".
ويلقي محللون باللوم على وزير الداخلية لافتعاله مشكلة جديدة في البلاد، حيث قال مدير تحرير صحيفة "لزيكو" نيكولا بيتو، خلال برنامجه اليومي على إذاعة "اوروبا 1"، إن درمانان "افتعل شجاراً، وبالتالي ما حصل هو مناورة سياسية 100 في المائة"، وأشار إلى أن هذا السلوك كان محط انتقاد الجميع، بمن فيهم السياسيون الذي شاركوا في التظاهرة "لكن لن يتحدث أحد رسمياً. هذه هي استراتيجية الخنق التي يقوم بها درمانان".
وفي ما يمكن أن يعتبر رسالة موجهة إلى وزير الداخلية بعد تظاهرة الشرطة، طعن المجلس الدستوري بالمادة 24 من قانون "الأمن الشامل"، التي أصبحت المادة 52 بعد إقرار القانون في البرلمان في 15 إبريل/نيسان الماضي. وتنص المادة على عقوبة السجن خمس سنوات وغرامة قدرها 75 ألف يورو، لمن ينشر صورة لشرطي "بهدف الإضرار بسلامته الجسدية أو المعنوية".
وقال المجلس الدستوري في رسالة الطعن، التي صدرت مساء الجمعة، "يشير الحكماء إلى عدم اليقين بشأن نطاق النية المطلوبة من مرتكب الجريمة في النص الحالي للمادة".
درمانان، الذي تعرّض إلى انتكاسة غير سهلة بعد طعن المجلس الدستوري في مادته المفضلة من قانون "الأمن الشامل"، والتي أثارت موجة غضب عارمة في فرنسا في أوساط الصحافيين والمدافعين عن الحريات، رد على قرار القضاة في تغريدة على "تويتر"، قال فيها "أخذت علماً بقرار المجلس الدستوري (..) سأقترح على رئيس الوزراء (جان كاستكس) تحسين الأحكام التي تخضع لتحفظات المجلس الدستوري".

المساهمون