يشهد المعترك الانتخابي الإيراني، خلال الساعات الأخيرة، تطورات لافتة تثير تكهنات وتساؤلات عما إذا كانت الأيام القليلة المقبلة ستحمل معها مفاجآت ثقيلة تغير المعادلة، قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الـ13، يوم الجمعة المقبل.
ويشهد قطبا الانتخابات الإيرانية هذه التطورات، فعلى الضفة الإصلاحية ثمة تحركات وتصريحات ملفتة للنظر للتيار الإصلاحي، خلال اليوم الأخير، وعلى الضفة المحافظة أيضا تشير أنباء إلى احتمال انسحاب ثلاثة مرشحين لصالح المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي.
أما على الجبهة الإصلاحية، التي رفض مجلس صيانة الدستور منح الأهلية لمرشحيها التسعة، فتضغط أحزاب وتيارات وشخصيات إصلاحية على مؤسسة "صناعة الإجماع"، المظلة الشاملة لجميع التيارات الإصلاحية (تم إنشاؤها قبل أشهر لإدارة الشأن الانتخابي للإصلاحيين، خلال الانتخابات الراهنة)، لتبني دعم واحد من مرشحين إصلاحيين ترشحا بشكل مستقل بعيدا عن الأطر الإصلاحية.
وتأتي هذه التطورات عشية يوم الثلاثاء، الذي أصبحت له دلالته في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حيث حمل هذا اليوم مفاجأة عام 2013. فبعد رفض مجلس صيانة الدستور منح الأهلية للرئيس الإيراني الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني، اصطفت جميع التيارات الإصلاحية وقياداتها البارزة ورفسنجاني خلف المرشح حسن روحاني، في يوم الثلاثاء قبل الانتخابات، ليقلبوا المعادلة ويتمكنوا من إيصاله إلى الرئاسة وإلحاق الهزيمة بالمحافظين.
كما أن انتخابات عام 1997 أيضا شهدت مفاجأة كبيرة قبل أيام من عقدها، فبينما كان الجميع يرى أن فوز المرشح الرئاسي المحافظ أكبر ناطق نوري محسوم، سرعان ما انقلبت المعادلة الانتخابية لصالح المرشح محمد خاتمي، الذي شكل حكومة "الإصلاحات".
وعلى ضوء هذه التجارب الانتخابية، ثمة تساؤلات عن إمكانية تكرار هذه المفاجآت خلال هذه الدورة، غدا الثلاثاء، وفي الأيام القليلة المتبقية، وهل سيعلن الإصلاحيون تبني أحد المرشحَين الإصلاحيين، عبد الناصر همتي ومحسن مهر عليزادة، لدعمه في السباق الرئاسي؟ وإذا ما تبنوا واحدا منهما هل يمكنهم إحداث موجة شعبية لدعمه بحيث يخسر المرشح الأوفر حظا إبراهيم رئيسي؟
في السياق، كشف محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، لـ"العربي الجديد"، أن مؤسسة "صناعة الإجماع" الإصلاحية تناقش حاليا نتائج استطلاعات الرأي لمعرفة ما اذا كانت قد حدثت تغييرات في المشاركة الشعبية في الانتخابات، مشيرا إلى أنه في الوقت نفسه، تدرس المؤسسة نتائج الاستطلاعات حول موقع المرشحين الإصلاحيين، همتي ومهر عليزادة في الشارع.
وأضاف أنه "إذا أظهرت النتائج أن أيا منهما لديه حظوظ أكبر، فسيُطلب من الآخر الانسحاب لصالحه للإعلان رسميا عن دعمه بالانتخابات"، لكن أبطحي ربط ذلك بأن تظهر نتائج استطلاعات الرأي ارتفاعا لافتا بمستوى المشاركة الشعبية.
وعما اذا كان إعلان الإصلاحيين المحتمل عن تبني أحد المرشحين يمكن أن يحدث موجة شعبية في الشارع، لتكرار "الثلاثاء المفاجئ"، قال أبطحي، لـ"العربي الجديد"، إنه ليس متفائلا كثيرا، مضيفا أن استطلاعات الرأي لا تشير إلى ارتفاع نسبة المشاركة.
واستبعد نائب الرئيس الإيرني الأسبق حصول مفاجآت خلال هذه الفترة الوجيزة قبل الانتخابات على ضوء عدم وجود حراك كبير في الشارع، لكنه أكد أنه إذا لم تحسم نتائج الانتخابات في الجولة الأولى، وكان التنافس في الجولة الثانية بين رئيسي وأحد المرشحين الإصلاحيين، فـ"سيفوز المرشح الإصلاحي بكل تأكيد"، مرجعا سبب ذلك إلى أن التنافس حينئذ سيكون بين مرشح للسلطة ومرشح خارج السلطة، وهذا سيحفز الشارع باتجاه الأخير، حسب قوله.
وفي حال لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من نصف أصوات الناخبين الإيرانيين، البالغ عددهم 59 مليوناً و310 آلاف و307 أشخاص، ستنظم جولة ثانية من الانتخابات بين مرشحين حاصلين على أعلى الأصوات.
وفي السياق، كشفت وسائل إعلام إصلاحية عن عقد اجتماع لـ"مجمع العلماء المناضلين" الإصلاحي، مساء الأحد، بحضور الرئيس الأسبق محمد خاتمي، لكن لم يعلن عن نتائجه. كما أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف دعا الشعب الإيراني إلى المشاركة في الانتخابات بمقطع مصور، من دون تسمية أحد المرشحين الإصلاحيين للتصويت لصالحه، قائلا إن "مقاطعة صناديق الاقتراع ليست حلا ولن تحل المشاكل إن لم تزدها"، مع الإعراب عن أسفه لـ"المشاكل والأخطاء والنواقص التي عكرت مزاج الشعب".
وعلى الضفة المحافظة أيضا، تتصاعد الدعوات للمرشحين المحافظين الأربعة للانسحاب لصالح رئيسي، وهي دعوات تحمل في طياتها خشية وقوع تلك المفاجأة وخسارة النتائج.
وفي السياق، قال الناشط المحافظ محمد صالح مفتاح، لـ"العربي الجديد"، إنه على الأغلب سينسحب المرشحان المحافظان عليرضا زاكاني وأمير حسين قاضي زادة هاشمي من السباق الرئاسي لصالح رئيسي، مستبعدا انسحاب المرشح سعيد جليلي، وقال إنه ترشح شريطة عدم الانسحاب.
واستبعد مفتاح حصول مفاجآت في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، خلال الأيام القليلة المقبلة، قائلا إن حظوظ المرشح رئيسي ما زالت أعلى، مؤكدا أن المشكلة التي يواجهها الإصلاحيون أن قاعدتهم الجماهيرية لا ترغب في المشاركة في الانتخابات.
واستعبد أن تتجاوب هذه القاعدة مع دعوات النخبة الإصلاحية في حال الإعلان عن تبني همتي مرشحا للتيار الإصلاحي.
كما أضاف مفتاح، لـ"العربي الجديد"، أن "انسحاب المرشحين المحافظين لصالح المرشح رئيسي لن يؤدي بالضرورة إلى ذهاب أصواتهم إليه"، قائلا إن كل من هؤلاء المرشحين أطلق وعودا انتخابية مختلفة من شأنها أن تجتذب أصواتا غير حزبية في المجتمع لصالحهم.
وأوضح الناشط الإيراني أن المناظرات الرئاسية لم تنجح في إثارة حراك كبير في الشارع، قائلا إن استطلاعات الرأي تظهر أن الكثيرين لم يتابعوا هذه الاستطلاعات.
من جهته، دعا المرشح المحافظ عليرضا زاكاني، الذي يرجح أن ينسحب لصالح رئيسي، المرشحين المحافظين إلى "الحديث معا لعدم تشتيت أصوات الشعب في الانتخابات"، معللا ذلك بالسعي لعدم تكرار تجربة عام 2017، في إشارة إلى فوز الرئيس حسن روحاني وتعدد المرشحين المحافظين.
وتحمل تصريحات زاكاني في طياتها قلقا في أوساط المحافظين من احتمال تكرار التجارب السابقة وتغيير المعادلة الانتخابية في الدقيقة التسعين، وعليه فوز المرشح الإصلاحي.