قررت دائرة الإرهاب بمحكمة جنايات القاهرة، اليوم الأحد، تجديد حبس الباحث الشاب باتريك جورج زكي، الناشط بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والطالب في جامعة بولونيا الإيطالية، والذي ألقي القبض عليه لدى عودته لمصر مطلع فبراير/شباط الماضي.
وكانت دائرة الإرهاب سمحت، لأول مرة، بحضور ممثلين لعدة سفارات أوروبية، بينها فرنسا وإيطاليا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، جلسة تجديد حبس باتريك، كما سمحت له المحكمة بتقديم دفاعه، وكذا لمحاميته، في أجواء بدت أكثر انفتاحاً من جلسات التجديد السابقة.
ويواجه باتريك، الذي سُمح له بمقابلة محاميته لأول مرة الأسبوع الماضي، اتهامات باستخدام صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في التحريض على قلب نظام الحكم والتظاهر وتكدير السلم العام، وغيرها من الاتهامات المطاطة التي باتت توجه للنشطاء والباحثين باستخدام صفحاتهم الشخصية، أو حتى صفحات منسوبة لهم كذبا، بهدف ملاحقتهم وتخويف دوائرهم السياسية والبحثية.
ولطالما طالبت الدول الأوروبية ومنظمات حقوقية محلية وعالمية بالإفراج عن باتريك، كما نظمت مظاهرات خاصة في إيطاليا تضامنا معه، على خلفية تورط النظام المصري الذي يحاكمه أيضا في قتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني منذ خمسة أعوام تقريباً.
وتتزامن هذه التطورات مع الزيارة التي بدأها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم إلى العاصمة الفرنسية باريس، ليلتقي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في أول مباحثات دولة موسعة بينهما منذ عامين تقريبا، وسط هجوم إعلامي وانتقادات حقوقية فرنسية، واستعدادات لتسيير مظاهرات أمام قصر الإليزيه احتجاجاً على استضافة قائد نظام يكرس استخباراته وأمنه وقضاءه للتنكيل بالمعارضين والحقوقيين.
وتكتسب زيارة السيسي لباريس أهمية استثنائية بسبب الوضع الحالي لحقوق الإنسان في مصر، وإصرار الفرنسيين في الوقت نفسه على استعادة الأولوية في صفقات السيسي العسكرية والاقتصادية، وتلافي الآثار السلبية التي وقعت على مجالات الاستثمار وبيع الأسلحة في العامين الأخيرين، بالنظر إلى حجم الصفقات التي أبرمها الجيش المصري وحكومة السيسي مع إيطاليا وألمانيا.
ويواجه ماكرون انتقادات لاذعة بسبب تعامل حكومته المتقدم مع نظام السيسي في السنوات الماضية، وبصفة خاصة في ملف التسليح، امتداداً لهجوم سابق من منظمات عدة أبرزها منظمة العفو الدولية، بسبب تصديرها أسلحة مختلفة استخدمت في قمع المدنيين داخل البلاد.
وكانت العفو الدولية أكدت في أكتوبر/تشرين الأول 2018 أن قوات الأمن المصرية قامت بإطلاق النار على المتظاهرين من داخل سيارات مدرعة صدرتها فرنسا، من طراز شيرباس وإم آي دي إس فرنسية، استخدمت خلال بعض الأحداث الدامية.
وسبق أن قالت مصادر دبلوماسية مصرية وأخرى أوروبية بالقاهرة إن الملف الحقوقي على أهميته للفرنسيين وحتمية مناقشته خلال الزيارة من عدة جوانب، إلا أن الأولوية ستكون لملف التعاقدات الاقتصادية والعسكرية والتسهيلات التي ترغب باريس في تأمينها لأكثر من تسعين مستثمرا فرنسيا في مصر، بعضهم يشارك في مشروعات حكومية كبرى، والبعض الآخر يبحث عن فرص حقيقية لتوسيع أعماله مع الجيش والوزارات المعنية، خاصة في مجالات الخدمات العامة والمرافق والمشروعات الكبرى.