أثارت عمليةُ التصويت الشكلية من رئيس النظام السوري بشار الأسد، بمدينة دوما، في الانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام بمقاطعة دولية ورفض محلي، حفيظةَ السوريين المعارضين للنظام، إذ رأى فيها الكثيرون رسائل مختلفة باعتبار أن دوما هي إحدى أكبر المدن السورية التي واجهت النظام وذاقت الحصار والقصف بمختلف أنواع الأسلحة، خاصة السلاح الكيماوي.
ولعل أبرز ما استذكره السوريون عندما شاهدوا رئيس النظام يصوت في دوما هو الهجمات الكيميائية التي شنها على المدينة، وعلى الغوطة الشرقية عموماً، والتي أدت إلى مقتل وإصابة المئات، بينهم أطفال ونساء.
وكان أبرز هجومين من النظام السوري بالسلاح الكيميائي على الغوطة الشرقية في 7 نيسان/ إبريل 2018، وقضى فيه أكثر من 70 مدنياً وأصيب عشرات آخرون بحالات اختناق، إضافة للهجوم الكيميائي الشهير على مناطق عدة بالغوطة في 21 نيسان/ إبريل 2013، والذي راح ضحيته أكثر من ألف مدني.
وقد يرى بعضهم في ما فعله بشار الأسد اليوم إظهاراً لـ"النصر" على معارضيه، وذلك على غرار زيارات مشابهة أجراها إلى مناطق عديدة، منها حي بابا عمرو، ومدينة داريا، وهي من المناطق التي شهدت مقاومة ومعارضة شديدة للنظام السوري، وتعد أبرز معاقل الثورة.
ورأى الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن غاية النظام من عملية التصويت في دوما اليوم هي إظهار "النصر" و"الاستقرار"، وتأتي كركن من أركان "المسرحية الهزلية" تحت مسمى "الانتخابات".
وأشار الباحث الذي كان متحدثًا سابقًا باسم "فيلق الرحمن"، أحد أكبر الفصائل المعارضة للنظام في الغوطة الشرقية، إلى أن النظام وروسيا يعانيان اليوم من مسألة عدم الاستقرار في المناطق التي خضعت لهما، خاصة في درعا والقنيطرة والسويداء جنوبي البلاد، حيث تسود مقاطعة للانتخابات، وخلل أمني مستمر، ويأتي النظام بهذه الخطوة لإظهار وجود حالة من الاستقرار والسيطرة في المناطق التي خضعت له، بينها الغوطة الشرقية، لذلك ذهب إلى دوما.
وأشار الباحث إلى تركيز الإعلام التابع للنظام والإعلام الروسي خلال الأيام التي سبقت "الانتخابات" على المسيرات التي حشدها النظام في الغوطة الشرقية، حيث دفع بالموظفين والعمال والطلاب للخروج فيها، وهو ما لم يستطع فعله في الجنوب، وهذا المشهد حصل في حمص أيضا، بحسب قوله.
وأوضح علوان أن دوما كانت من المدن التي تعدّ حربة في وجه النظام، مثل حمص التي كانت "عاصمة الثورة"، ومثل مناطق كثيرة أخرى، وبالتالي فإن التصويت اليوم في دوما هو لتوجيه رسالة تقول إن المناطق التي كانت الأكثر ضراوة في الخروج عن سيطرته باتت اليوم "مستقرة وآمنة"، وتحمل غاية أخرى يريد النظام عن طريقها التغطية على فشله في الغوطة الغربية ودرعا والسويداء والقنيطرة.
وبدأ النظام صباح اليوم الانتخابات الرئاسية التي يجريها، وسط مقاطعة دولية ورفض من المعارضة السورية.