استقبلت الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، التوجه المحتمل للإدارة الأميركية بـتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية بترحاب كبير، وبالتزامن مع تسريبات، لا تزال محصورة في وسائل إعلام أميركية، كثفت "الشرعية" من حملاتها الداعمة لقرار طال انتظاره، وقد يكون آخر أوراق الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل انتهاء ولايته في يناير/كانون الثاني القادم.
ولا تكشف المساعي الأميركية عن صحوة مفاجئة بالنسبة للأزمة اليمنية المنسية منذ 6 سنوات، بقدر ما تعد هدية مجانية تسعى إدارة الرئيس ترامب لتقديمها للنظام السعودي قُبيل انتهاء ولايته، كآخر ورقة يتم استخدامها ضد إيران وحلفائها في المنطقة.
وطيلة السنوات الماضية من الحرب، ظلت اليمن مسرحاً لحرب بالوكالة بين قوى إقليمية، وبعد سنوات من إنكار النظام الإيراني للاتهامات بمساندة جماعة الحوثيين في الانقلاب على الحكومة المعترف بها، أعلنت طهران إقامة علاقات دبلوماسية مكتملة مع سلطات صنعاء غير المعترف بها بعد تبادل السفراء رسميا.
ودشنت الحكومة اليمنية الشرعية حملة إلكترونية داعمة للتوجه الأميركي، حيث قالت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، إن تصنيف مليشيا الحوثي في قائمة الإرهاب يعد مطلباً رسمياً وشعبيا.
واعتبر الوزير اليمني الذي دعا لحملة إلكترونية على تويتر، مساء السبت، وشارك فيها بسلسلة من التغريدات، أن تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية "هو أولى خطوات حل الأزمة اليمنية"، لافتاً إلى أن التجارب والأحداث أكدت أن استقرار اليمن "مرهون بالقضاء على هذه الجماعة العنصرية الإرهابية"، حسب تعبيره.
#صوت_واحد_الحوثي_جماعه_ارهابيه #OneVoice_Houthi_Terrorist_Group pic.twitter.com/t0n7wWMtFA
— معمر الإرياني (@ERYANIM) November 21, 2020
وفيما أشار إلى أن أصوات كافة اليمنيين ترتفع الآن للمطالبة بإعلان الحوثي جماعة إرهابية والتعامل معها على هذا الأساس باعتباره أمراً ملحاً وضرورياً، حذّر المسؤول اليمني مما وصفه بـ"النتائج الوخيمة" على اليمن والمنطقة والعالم في حال التساهل مع الجماعة.
ولم يتوقف التحذير الحكومي عند ذلك، إذ وصف الوزير اليمني جماعة الحوثيين بأنها "تنظيم إرهابي عابر للحدود، لا ينتمي لليمن بل لإيران الخمينية، وإرهابه لن يتوقف عند حدود اليمن، بل سيطاول المنطقة وسيتضرر منه العالم أجمع ما لم يتم تصنيفه ضمن قوائم الإرهاب".
ويبدو أن الحملة الحكومية، التي شارك فيها فصيل واسع من الناشطين والسياسيين الموالين للشرعية، جاءت بإيعاز سعودي، بهدف تقديم المزيد من الدعم لإدارة ترامب، واعتبار أن القرار جاء استجابة لدعوات اليمنيين الذين ذاقوا الويلات من حروب الجامعة، والالتزام أيضا بالمسؤوليات القانونية في حماية حقوق الإنسان.
وفيما يذهب مراقبون إلى أنه سيكون من الصعوبة استمرار المحادثات السياسية مع جماعة الحوثيين بعد تصنيفها في قوائم الإرهاب، حاولت الحكومة اليمنية البحث عن مخرج ملائم لإقناع المجتمع الدولي بسرد اتهامات للحوثيين بأنهم يعرقلون كافة مشاورات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة.
وقال وزير الإعلام اليمني، في سلسلة بيانات ضمن الحملة الموجهة: "تجاهل المجتمع الدولي لممارسات مليشيا الحوثي الإرهابية لم يعد مقبولا"، والربط بين خطوات التصنيف وأفق الحل السلمي للأزمة اليمنية غير دقيق، كون الجماعة أعاقت جهود المجتمع الدولي طيلة 6 سنوات، وتحركت كأداة إيرانية لنشر الفوضى والإرهاب".
ولن يكون القرار سهلا بالنسبة للإدارة الأميركية، وخصوصاً في ظل التعقيدات التي جعلت اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المعقدة بالعالم، وضرورة استمرار وكالات الإغاثة الأممية في صنعاء الخاضعة للجماعة، فضلاً عن الاتصالات المستمرة بين سفراء الدول الكبرى ومفاوضين حوثيين بهدف الدفع بالعملية السياسية ووقف الحرب.
وعلى الرغم من تلميح وسائل الإعلام الأميركية إلى "استثناءات" في القرار المرتقب، بهدف حماية المنظمات الإغاثية وممارسة مهامها مستقبلاً، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير لها أمس السبت، أن هناك مسؤولين في وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية والبنتاغون، غير مقتنعين بقرار إدارة ترامب الخاص بتصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية".
ولا يشعر بعض المسؤولين الأميركيين بالارتياح تجاه القرار، وفقا للصحيفة، مشيرين إلى أنهم اقترحوا تأجيل اتخاذه حتى 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، خشية أن يؤدي القرار إلى مفاقمة الأوضاع الإنسانية المتردية، وإخراج عملية السلام المتعثرة أصلا عن مسارها منذ سنوات.
وحسب واشنطن بوست، فقد طلب وزير الخارجية، مايك بومبيو، خيارات جديدة، لكنه أبدى تمسكه بالمضي قدماً في تصنيف الحوثيين "مجموعة إرهابية" رسمية، مع موعد نهائي مبدئي في 1 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وتحدثت مجلة فورين بوليسي الأميركية، الأسبوع الماضي، عن قيام منظمات الإغاثة الدولية بسحب موظفيها الأجانب من صنعاء الخاضعة للحوثيين قبيل صدور قرار التصنيف، لكن مصدر أمميا أكد لـ"العربي الجديد" أنه لا مؤشرات ملموسة لتحركات من هذا النوع، لافتاً إلى أن العشرات من الموظفين الدوليين لا يزالون موجودين في الوكالات الإنسانية الأممية وكذلك في بعثة مراقبة اتفاق الحديدة.
وفي حال صدور قرار التصنيف خلال الأسابيع المقبلة، فمن المتوقع ألا يُحدث ضرراً بالغاً بالحوثيين المعزولين بالفعل عن العالم منذ 6 سنوات، رغم المساعي الحثيثة للجماعة مؤخرا بالبحث عن شرعية دولية تفتقر إليها، حيث قامت مؤخراً باعتماد سفير إيراني مفوض في صنعاء، كما أصدرت قراراً بتعيين سفير لدى النظام السوري، كثاني اعتراف دولي بعد طهران.