أعلن مكتب المدعي العام في العاصمة الروسية موسكو، اليوم الإثنين، الحظر المؤقت لـ"صندوق مكافحة الفساد" و"صندوق حماية المواطنين" والمقار الإقليمية التابعة للمعارض أليكسي نافالني. واستبق الادعاء القرار الذي كان يفترض أن تتخذه محكمة روسية بدأت جلساتها، اليوم، خلف أبواب مغلقة بشأن الدعوى القضائية التي سبق أن رفعها من أجل تحديد التصنيف. ومن المقرر أن يستمر الحظر المؤقت إلى حين صدور القرار النهائي للمحاكمة التي يتوقع أن تستغرق وقتاً.
وتزامناً مع انطلاق المحكمة، أصدر الادّعاء العام في موسكو تعميماً، أوضح فيه أن المحكمة وافقت على التماس المدعي العام دينيس بوبوف، الذي اعتبر أن "دعوات الشغب الجماعي" المنشورة على المواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية لمقار نافالني، والدعوات لـ"الأنشطة المتطرفة" تنتهك حقوق وحريات المواطنين، من دون الإشارة إلى موافقة المحكمة على طلبه حظر أنشطة هذه المنظمات. ونشر ليونيد فولكوف رئيس المقار الإقليمية لنافالني في صفحته على "تويتر" نص المدعي العام في موسكو. وجاء في وثيقة الادعاء العام أن فريق نافالني نظم في 21 إبريل/نيسان الحالي احتجاجات غير مرخص لها في مناطق عدة في البلاد، ونشر مواد على الإنترنت تحرّض على العنف، داعياً للمشاركة في نشاطات تضر بحقوق الإنسان وتلحق ضرراً بالمواطنين. وكشف فولكوف أن الشبكة الإقليمية لمقر نافالني لا تعمل، مشيراً إلى أنه "تم تعليق الأنشطة" في صندوقي مكافحة الفساد، وحماية حقوق المواطنين.
اتهم الادعاء العام نافالني بمحاولة تطبيق سيناريو "الثورات الملوّنة"
وكان مكتب المدعي العام في موسكو قد رفع دعوى قضائية في 16 إبريل الحالي، لتصنيف "صندوق مكافحة الفساد" و"صندوق حماية المواطنين"، والمقار الإقليمية للمعارض على أنها منظمات متطرفة. واتهم الادعاء العام فريق نافالني وصندوقيه ومقاره بأنها "تحت ستار الشعارات الليبرالية"، تريد تطبيق سيناريو "الثورات الملونة" في روسيا. وذكر مكتب المدعي العام، أن "أدلّة شاملة على أن هذه الهياكل تقوم بأنشطة متطرفة، وتؤدي إلى زعزعة الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد، بما في ذلك من خلال الدعوة إلى أعمال عنف وأعمال شغب جماعية، من خلال محاولة إشراك القاصرين في أنشطة غير قانونية".
وباشرت المحكمة النظر في القضية خلف أبواب مغلقة من دون مشاركة الصحافة، على اعتبار أن "القضية من أسرار الدولة". وأعلن "فريق 29"، المؤلف من مجموعة من المحامين والصحافيين المعنيين بالدفاع عن حرية الصحافة وحقوق المواطنين، بأنه سوف يدافع عن "صندوق مكافحة الفساد"، وفريق نافالني. وكشف الفريق في تغريدة على "تويتر" أنه سيلتقي مع ممثلي الادعاء العام والمحكمة للتعرف على تفاصيل القضية.
وفي حال أقرت المحكمة نهائياً تصنيف الصندوقين ضمن قائمة "التطرف"، فإن هذا الأمر يعني عملياً انتهاء عملهما في روسيا، وعدم السماح لهما بتنظيم تجمعات، أو المشاركة في الانتخابات (المقررة في سبتمبر/أيلول المقبل)، وإغلاق حساباتهما المصرفية. ويطاول الحظر جميع الأفراد الذين يتبرعون للصندوقين بصفتهم "داعمين لمنظمات متطرفة". كما يجب على وسائل الإعلام الإشارة إلى أن الصندوقين هما "منظمتان متطرفتان" عند نقل أي خبر عنهما.
صُنّف "صندوق مكافحة الفساد" بأنه "عميل أجنبي" في عام 2019
وسبق أن صُنّف "صندوق مكافحة الفساد" سابقاً على أنه "عميل أجنبي" في 19 سبتمبر 2019، لأنه يحصل على قسم من تمويله من منظمات خارجية. وفي السنوات الماضية كشف الصندوق في سلسلة تحقيقات عن فساد النخب الحاكمة والمسؤولين الروس، وعن العقارات التي يملكها كثير منهم في داخل روسيا وخارجها. ومن أهم التحقيقات الاستقصائية ما كشف عنه الصندوق عن فساد رئيس الوزراء السابق ديمتري مدفيديف، والقصر الضخم للرئيس فلاديمير بوتين على ضفاف البحر الأسود. وهو تقرير أصدره الصندوق في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي. كما فضح نشاطات كثير من المسؤولين الروس وعلاقاتهم مع رجال الأعمال.
ومنذ صيف العام الماضي يتعرض فريق نافالني لضغوط متزايدة، واضطر لإغلاق مقر الصندوق، الذي تأسس قبل 9 سنوات، بعدما كسب رجل الأعمال يفغيني بريغوجين المعروف بطباخ بوتين دعوى رفعها ضد الصندوق العام الماضي، بقيمة 1.24 مليون دولار، إثر كشفه فساداً في قضية تسمم طلاب مدرسة من قبل شركة للأغذية تابعة لبريغوجين. وفي الصيف الماضي أيضاً، داهمت الشرطة الروسية في 41 مدينة أكثر من 200 عنوان لمنازل ومكاتب العاملين في "صندوق مكافحة الفساد" وأخضعتهم للتحقيق بتهمة تبييض أموال.