تسجل المحافظة العراقية المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل (كركوك)، أعمال عنف يومية من هجمات وقتل وتفجير وغيرها، تصاعدت أخيرا بشكل لافت، وبينما تحاول القوات الأمنية ضبط الأمن، يربط مسؤولون التراجع الأمني بموعد إجراء الانتخابات التي لم يتبق على البدء بها سوى 40 يوماً.
ويعد الملف الأمني لمحافظة كركوك من أعقد الملفات في البلاد، والذي يدار من قبل القوات العراقية وفصائل "الحشد الشعبي".
وليل أمس الأربعاء، سجلت المحافظة هجومين أوقعا قتلى وجرحى، إذ هاجم عناصر من تنظيم "داعش"، قرية شحل التابعة لناحية سركران قضاء الدبس بالمحافظة، واشتبكوا مع الأهالي، ما تسبب بمقتل ابن مختار القرية، وإصابة 7 آخرين، سبقه بيوم واحد هجوم استهدف قرية دكشمان التابعة لمدينة داقوق جنوبي المحافظة، أسفر عن إحراق منزل وعدد من سيارات القرية التي اشتبك أهلها مع عناصر التنظيم.
ضابط في قيادة شرطة المحافظة، أكد أنّ "كركوك تشهد تصعيداً بأعمال العنف، تزايدت حدته خلال الشهر الأخير"، مبيّناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "عناصر التنظيم ينفذون هجمات يومية ليلية وأحياناً يسجل أكثر من هجوم في ليلة واحدة، تستهدف عناصر الأمن، والمدنيين في القرى الواقعة بأطراف المدينة".
وأوضح الضابط الذي فضل عدم ذكر اسمه أنّ "الهجمات أصبحت تنفذ بشكل شبه يومي، توقع قتلى وجرحى من عناصر الأمن أو من الأهالي"، مشيراً إلى أنّ "المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد أن عناصر التنظيم يحاولون إرباك المشهد في المحافظة للتأثير على إجراء الانتخابات فيها، فضلاً عن وجود عصابات ومليشيات تنفذ أعمال عنف أخرى تحقيقاً لأجنداتها".
وأكد أنّ "القوات الأمنية تعمل حالياً على تحديث خططها لمنع داعش من تنفيذ هجماته، وقد تمكنت من إحباط عدة هجمات للتنظيم".
في هذه الأثناء، وجه قائد العمليات المشتركة في محافظة كركوك الفريق الركن علي الفريجي، بتعقب الجهات التي تحاول العبث بأمن المحافظة.
ووفق بيان له، فإنّ "قوة حماية، وقوة من الاستخبارات وشرطة كركوك، تحركت بتوجيه من قائد العمليات لتنفيذ عمليات للإطاحة بالعابثين بأمن كركوك".
وتأتي هذه العملية بعد تداول مقطع فيديو يظهر قيام مجموعة مسلحة باقتحام منزل وإطلاق عيارات نارية في أحد أحياء المحافظة الشمالية.
وأكد الفريجي، أنّ "أمن كركوك ضمن قاطع المسؤولية في عموم المحافظة هو أولوية وخط أحمر وستُقطع الأيادي التي تحاول العبث به"، مشدداً على أنّ "الجميع يخضع للقانون، وأن استقرار المحافظة وأمن مواطنيها هو أولوية لجميع القطعات الأمنية".
الجانب الكردي، الذي يعد أحد المكونات الثلاثة الرئيسة بالمحافظة إلى جانب المكونين العربي والتركماني، شدد على ضرورة إعادة قوات "البشمركة" إلى المحافظة للمشاركة في ضبط أمنها.
وقال عضو الحزب "الديمقراطي الكردستاني" آوات علي طه، إنّ "الملف الأمني في كركوك لا يمكن ضبطه بتفرد ويجب إشراك كل الجهات الشعبية والأمنية في المهمة"، مبيّناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "قوات البشمركة لها خبرة في إدارة أمن المحافظة، وقد أثبتت نجاحاً خلال السنوات السابقة، وهي تعرف التعامل الميداني مع الطبيعة الجغرافية للمحافظة، كما أنها تحدد نقاط الضعف والثغرات التي يستغلها عناصر التنظيم".
وشدد على أنه "يجب اتخاذ قرار جريء في هذا الإطار من قبل بغداد بشأن مهمة تشاركية لأمن المحافظة عموماً، لأنّ تراجع الأمن سيؤثر على نزاهة الانتخابات في المحافظة، ونحتاج الى خطط عاجلة وإعادة تنظيم الانتشار العسكري، وتنفيذ عمليات استباقية لضرب خطط التنظيم والجماعات الأخرى الخارجة على القانون".
ويسعى الجانب الكردي لإعادة "البشمركة" إلى المحافظة، والتي تم إخراجها نهاية العام 2017 عقب إجراء استفتاء استقلال إقليم كردستان.
وتم إبعاد قوات "البشمركة" من كركوك عقب استفتاء انفصال الإقليم، الذي جرى نهاية سبتمبر/أيلول 2017، وانتهى بدخول القوات العراقية و"الحشد الشعبي" تلك المناطق وإدارة ملفها الأمني.