تصاعد المواجهات والفعاليات في رام الله والبيرة وحيفا تنديداً بعدوان الاحتلال على نابلس وغزة
أصيب عشرات الفلسطينيين، اليوم الثلاثاء، خلال مواجهات اندلعت بين الشبان وقوات الاحتلال الإسرائيلي عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة الملاصقة لرام الله، وسط الضفة الغربية، بعد وصول مسيرات طلابية ونقابية غاضبة منددة بعدوان الاحتلال على نابلس صباح اليوم وخلال الأيام الماضية في غزة، فيما تحول الاعتصام الأسبوعي المساند للأسرى إلى فعالية منددة بالعدوان، وأغلقت المحال التجارية أبوابها حداداً في رام الله.
وبالتزامن، نظمت نقابة المحامين بمشاركة عدد من قيادات النقابات المهنية الأخرى فعالية منددة بالعدوان عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة مقابل مستوطنة بيت إيل المقامة على أراضي مدينة البيرة وقرى مجاورة.
وقال نقيب المحامين الفلسطينيين سهيل عاشور، لـ"العربي الجديد"، إن "الفعالية جاءت احتجاجاً على الاعتداء الغاشم في غزة بما شمله من مجازر لاإنسانية، وعدوان الاحتلال على الأهالي في نابلس"، مؤكداً أن ما قام به الاحتلال "جرائم يجب أن تتوقف ويجب أن يحاسب الاحتلال عليها".
وأكد عاشور أن الاحتجاجات أيضاً "هي تجاه المجتمع الدولي على صمته المطبق عن جرائم الاحتلال"، مطالباً بالضغط على إسرائيل لوقف الجرائم التي ترتكبها ضد الإنسانية.
وفي السياق نفسه، طالب نقيب الأطباء شوقي صبحة، في حديث مع "العربي الجديد"، المؤسسات الدولية والحقوقية والدول بالتحرك، مؤكداً وصول عدد الشهداء منذ بداية العام برصاص الاحتلال إلى 129 شهيداً، منهم 46 فقط خلال ثلاثة أيام من العدوان على غزة، مستنكراً ازدواجية المعايير تجاه الشعب الفلسطيني، فيما كان التحرك الدولي مغايراً في ملفات أخرى كأوكرانيا.
واندلعت المواجهات بعد وصول مسيرة طلابية دعت إليها الحركة الطلابية ومجلس الطلبة في جامعة بيرزيت وفاءً لدماء الشهداء، وقال رئيس مجلس الطلبة يحيى قاروط لـ"العربي الجديد": "إن مجلس الطلبة دعا للمسيرة الغاضبة وفاءً وتضحية وعطاءً للشهداء الذين ارتقوا في نابلس، ولتأكيد خيار المقاومة كخيار وحيد"، مشيراً إلى أن دور الحركة الطلابية هو توعية الشارع الفلسطيني بقضاياه والوقوف الدائم في وجه الاحتلال واستمرار المقاومة الشعبية.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان مقتضب، وصول 6 إصابات بالرصاص الحي إلى مجمع فلسطين الطبي برام الله، بينها إصابتان خطيرتان حالتهما مستقرة، فيما أكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تعامل طواقمها مع 15 إصابة خلال المواجهات المندلعة عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، بينها 5 إصابات بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، إضافة إلى حالات اختناق.
وكان شبان قد أغلقوا المحال التجارية في وسط رام الله حداداً على أرواح الشهداء، بعد دعوة من الفصائل وحركة فتح إلى إغلاق رام الله من الثانية عشرة ظهراً وحتى الثانية مساءً، بالتزامن مع دعوات لفعاليات شعبية.
تحوّل الاعتصام الأسبوعي بالبيرة إلى فعالية منددة بالعدوان الإسرائيلي
وتحول الاعتصام الأسبوعي المساند للأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي أمام مقر الصليب الأحمر في مدينة البيرة إلى فعالية تندد بالعدوان الإسرائيلي، وتمجد الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا صباح هذا اليوم في البلدة القديمة في نابلس.
وهتف المشاركون لنابلس وغزة وجنين، وضد العدوان، ومع الأسرى في سجون الاحتلال، رافعين صور الأسرى، ولا سيما أصحاب المؤبدات، وكذلك صور المعتقلين الإداريين، والأسير خليل العواودة المضرب عن الطعام منذ أكثر من خمسة أشهر.
وقال القيادي بحركة الجهاد الإسلامي أحمد نصر لـ"العربي الجديد": "إن الأحداث المؤلمة في نابلس طغت على أجواء الاعتصام اليوم، الذي من المفترض أن يكون مسانداً للأسرى، ليتحول الأمر إلى تعبير المشاركين عن غضبهم وسخطهم من الاحتلال الذي لا يزال مصراً على ارتكاب الجرائم، ويوغل في دم الفلسطينيين وقتل الأطفال والأبطال والمجاهدين، بهدف إنهاء الفلسطينيين ومقاومتهم"، لكنه أكد أن كل ذلك لن يتحقق، بل سيزيد الفلسطينيين قوة وعنفواناً وتحدياً للاحتلال، حتى إنهائه والخلاص منه.
وحول قضية الأسير خليل العواودة، قال نصر: "إن اتفاق وقف إطلاق النار يؤكد أنه سينقل إلى المستشفى لبضعة أيام"، لكنه قال: "نحن واثقون من أن الاحتلال لن يفي بالوعد، ومصير خليل مجهول بالنسبة إلينا، ولسنا متأكدين من أن الاحتلال سيفرج عنه، ولا توجد مؤشرات قريبة على ذلك".
بدوره، أكد رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية أمين شومان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الفعاليات اليوم جاءت لتأكيد الوقوف بجانب الأسرى والشهداء، ولتأكيد أن مسيرة النضال مستمرة حتى كنس الاحتلال، قائلاً "إن هناك واجباً للوقوف والإسناد الشعبي والجماهيري بما يرقى للمعركة التي يخوضها خليل العواودة في ظل الأوضاع الصحية الصعبة له، وفي ظل الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني والاعتداءات المتكررة".
وتابع شومان: "إن قضية الأسرى ستبقى الأساس في وجدان الشعب الفلسطيني ويبقى خليل العواودة أيقونة الصمود الأسطوري في إضرابه عن الطعام".
مظاهرة حراك حيفا
في السياق نفسه، تظاهر حشد رفضا لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدينة نابلس ومناصرة للشهداء الذين استشهدوا اليوم برصاص جيش الاحتلال في ساحة الأسير في حيفا.
ونظمت المظاهرة بدعوة من حراك حيفا ونشطاء من أجل الحرية، وهتف المشاركون "يا أم الشهيد نيالك يا ريت أمي بدالك"، "دم إبراهيم فينا صاح أوعك تترك السلاح"، "من نابلس لغزة اهتزي يا أرض اهتزي"، "يا إبراهيم ارتاح ونحنا منكمل الكفاح". وحمل المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ولافتات "نابلس يا جبل النار".
وفي السياق، قال الناشط يؤاف حيفاوي، من حراك حيفا: "نحن مستمرون في هذا النضال الواحد، الذي صار له أكثر من مائة سنة حتى تتحرر فلسطين وعودة اللاجئين".
وأردف حيفاوي: "نحن نرى أن هذه الحكومة، منذ أن بدأ رئيس الحكومة الجديد لبيد يريد أن يثبت وجوده للجمهور اليهودي من خلال إباحة الدم الفلسطيني، وعندما أنهى العدوان على غزة لأنه خاف من رد الفعل من غزة، استمر في الضفة لقتل الشباب. الوضع لن يستمر فقط هكذا، أتوقع من الحكومة الحالية استمرار جرائمها، وأتوقع من الشعب الفلسطيني استمرار النضال، ولا بد من النضال لإنهاء الجرائم".
من جهتها، قالت الناشطة سيرين جيارين من حراك حيفا: "هذه الوقفة لإيصال صوت الغضب ومعارضة الاحتلال وعملياته الإرهابية على أبطالنا المقاومين في الضفة الغربية وغزة".
من جهتها، قالت الناشطة سهير بدارنة: "حراك حيفا موجود دائما عند أي اجتياح أو اغتيال في الضفة.. نخرج إلى مظاهرات ونساند أهلنا في الضفة وغزة وجنين، وهذا واجبنا حتى زوال الاحتلال".
اتصال بين هنية والخارجية الجزائرية
جرى اتصال هاتفي، يوم الثلاثاء، بين رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، والأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية شكيب قايد، تناول التطورات الأخيرة في غزة بعد عدوان الاحتلال على الشعب الفلسطيني في القطاع.
ووضع هنية المسؤول الجزائري في صورة تفاصيل العدوان الإسرائيلي الغادر على قطاع غزة، مشيراً إلى تصاعد الاعتداءات الصهيونية في الضفة والتي كانت آخرها عملية اغتيال الشبان الثلاثة في نابلس والاقتحامات المتكررة لمدن ومخيمات الضفة ومحاولات تهويد المسجد الأقصى المبارك، وفرض ما يسمى السيادة الدينية عليه وصولاً إلى التقسيم الزماني والمكاني للمسجد إلى جانب حصار قطاع غزة المتواصل منذ عدة سنوات.