اتخذت التوترات في سريلانكا مساراً جديداً، مع استقالة رئيس وزراء البلاد ماهيندا راجاباكسا، أمس الإثنين، وسقوط قتيلين بينهما نائب انتحر عقب قتله أحد المحتجين.
وقال روهان ويليويتا المتحدث باسم ماهيندا راجاباكسا، إن رئيس الوزراء أرسل خطاب استقالته إلى شقيقه الأصغر رئيس البلاد غوتابايا راجاباكسا، ما يمهد الطريق أمام تشكيل "حكومة وحدة جديدة".
وجاء في كتاب رئيس الوزراء السريلانكي، وفقاً لوكالة "فرانس برس": بلادنا تمرّ بأصعب فترة في تاريخها في مواجهة الأزمات الاقتصادية. وأضاف: "أنا أستقيل على الفور حتى تتمكن من تعيين حكومة من جميع الأحزاب، لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية الحالية". وتعني استقالة رئيس الوزراء أن الحكومة استقالت على الفور أيضاً.
وقبل إعلان استقالته، حثّ رئيس الوزراء عبر موقع "تويتر": "السكان على ضبط النفس وتذكر أن العنف لا يؤدي إلا إلى العنف. الأزمة الاقتصادية التي نشهدها تتطلب حلاً اقتصادياً التزمت هذه الحكومة بإيجاده".
وجاءت الاستقالة بعدما واجه رئيس الوزراء انتقادات حادة وصيحات استهجان، أول من أمس الأحد، خلال أول جولة له منذ أن اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
وكان ماهيندا راجاباكسا، قد زار أحد أقدس المعابد البوذية في الجزيرة، ويضم شجرة عمرها 23 قرناً، في أنورادابورا. وانتظر محتجون وصول رئيس الوزراء لترديد شعارات تطالب بمنع "اللصوص" من دخول المدينة، الواقعة على بعد 200 كيلومتر شمالي العاصمة كولومبو. وانتشر عناصر قوة المهمات الخاصة المدججة بالسلاح، بينما تحركت الشرطة لإخلاء الطريق أمام موكب راجاباكسا المؤلف من ست مركبات.
قتيلان و139 إصابة خلال المواجهات
وصرح مسؤول في الشرطة لوكالة "فرانس برس" أن "النائب هرب من مكان الحادث ولجأ إلى مبنى قريب وأحاط به الآلاف فأقدم عندها على الانتحار بمسدسه".
وكانت التوترات المتزايدة في الأسابيع الأخيرة دفعت الحكومة إلى فرض حالة الطوارئ ومنح الجيش سلطات واسعة لاعتقال واحتجاز أشخاص يوم الجمعة الماضي، بعد أن تسببت النقابات العمالية في جمود فعلي في البلاد في محاولة للضغط على الرئيس غوتابايا راجاباكسا للتنحي.
حذر الزعيم النقابي رافي كوموديش من أنه سيحشد عمال القطاعين العام والخاص لاقتحام البرلمان الوطني، عندما يفتتح جلسته المقبلة في 17 مايو/أيار الحالي
وأعلنت شرطة سريلانكا، حظر تجول لأجل غير مسمى في العاصمة كولومبو، إثر اندلاع اشتباكات بين أنصار الحكومة والمتظاهرين. وذكرت وكالة "فرانس برس" أن أشخاصاً موالين لراجاباكسا هاجموا بالعصي والهراوات المتظاهرين المخيمين خارج مكتب الرئيس منذ 9 إبريل/نيسان الماضي.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه على أنصار الحكومة الذين اخترقوا خطوط الشرطة لتحطيم الخيام التي أقامها المتظاهرون المناهضون للحكومة.
وبدأت أعمال العنف بعد وصول عدة آلاف من أنصار رئيس الوزراء المستقيل ماهيندا راجاباكسا الذين نقلوا في حافلات من مناطق ريفية، وقد خرجوا من مقر إقامته الرسمي القريب. وصرح المتحدث باسم مستشفى كولومبو الوطني بوشبا سويسا لوكالة "فرانس برس"، أن 78 جريحاً على الأقل نقلوا إلى المستشفى.
وأعلنت النقابات في نهاية الأسبوع الماضي، أنها ستنظم احتجاجات يومية اعتباراً من الإثنين، لإجبار الحكومة على التراجع عن حالة الطوارئ. وحذر الزعيم النقابي رافي كوموديش في بيان من أنه سيحشد عمال القطاعين العام والخاص لاقتحام البرلمان الوطني، عندما يفتتح جلسته المقبلة في 17 مايو/أيار الحالي.
وأضاف "ما نريده هو أن يرحل الرئيس وعائلته". وجاء موقف النقابات بعد إعلان رئيس البلاد حالة الطوارئ الأسبوع الماضي.
وقال مسؤول في الجيش السريلانكي، رفض الكشف عن هويته، لوكالة "أسوشييتد برس"، إنه تمّ نشر عناصر من الجيش "لمساعدة قوات الشرطة على احتواء الأوضاع وحماية المدنيين".
ودانت السفيرة الأميركية لدى كولومبو، جولي تشونغ، استخدام "العنف" ضد المتظاهرين في سريلانكا، داعية إلى إجراء تحقيق كامل واعتقال ومحاكمة كل من حرض على العنف.
من جهتها، أبدت منسقة الأمم المتحدة في سريلانكا هناء سنجر ـ حمدي قلقها البالغ إزاء الاشتباكات التي وقعت، مدينة "العنف الذي يهدد بمزيد من التصعيد". وطلبت من "الشرطة حماية المتظاهرين السلميين وضبط النفس"، مشيرة إلى أن "الاحتجاجات السلمية والحوار مهمان لإيجاد حل للأزمة الحالية".
وأدى انقطاع التيار الكهربائي والنقص الحاد في الغذاء والوقود والأدوية لأشهر عدة، إلى معاناة واسعة النطاق في جميع أنحاء الجزيرة الواقعة بجنوب آسيا، والتي تشهد أسوأ تباطؤ اقتصادي على الإطلاق، التي تفاقمت بسبب وباء كورونا الذي حرم البلاد من العملة الأجنبية التي يؤمّنها قطاع السياحة.
وكانت وزارة المالية في سريلانكا قد أعلنت أمس الأحد، أن "البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية" يدرس منح 100 مليون دولار كتمويل طارئ لسريلانكا، وأضافت في بيان أن كولومبو طلبت دعم سيولة النقد الأجنبي للمصارف الحكومية من "البنك الآسيوي".
ويستمد "البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية"، الذي تأسس في 2014 لتشجيع الاستثمار في البنية التحتية في جميع أنحاء آسيا، معظم تمويله من الصين. والصين هي أكبر مقرض في سريلانكا، برصيد مستحق يبلغ 6.5 مليارات دولار تم إقراضه في الغالب على مدى العقد الماضي لمشاريع البنية التحتية الكبيرة، بما في ذلك الطرق السريعة، والميناء والمطار ومحطة الطاقة بالفحم.
وكان وزير المالية علي صبري قد أكد الأسبوع الماضي، أن اقتصاد الجزيرة يعاني من أزمة بسبب وباء كورونا وارتفاع أسعار النفط وخفض الضرائب من قبل حكومة الرئيس غوتابايا راجاباكسا، وانخفاض الاحتياطيات الأجنبية القابلة للاستخدام إلى 50 مليون دولار. وأعلنت سريلانكا في 12 إبريل/ نيسان الماضي تخلفها عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار وباشرت محادثات مع صندوق النقد الدولي لمساعدتها.
(الأناضول، فرانس برس)