الصحافة الاسكندنافية عن تسرب الغاز في "نورد ستريم": حرب هجينة بدأتها روسيا مع أوروبا في البلطيق

28 سبتمبر 2022
مؤتمر صحافي مشترك للمسؤولين في السويد بشأن تسرب الغاز في بحر البلطيق (Getty)
+ الخط -

ذهبت الصحف الاسكندنافية، اليوم الأربعاء، إلى تغطية مختلفة عن التغطية الأولى أمس حول "تسرب" غاز في خطي أنابيب "نورد ستريم 1" و"نورد ستريم 2"، اللذين ينقلان الغاز من روسيا إلى أوروبا، والتي تراوحت بداية حول مخاطر بيئية وتأثر الإبحار شمال شرقي وجنوب غربي جزيرة بورنهولم، التي تمر قربها أنابيب الغاز الروسي في المياه الاقتصادية للدنمارك والسويد.

واستجمعت الصحافة تفاصيل الحدث المتعاظم مع مرور الوقت، لتبدأ بما يشبه فتح نار عن مسؤولية روسية بالبدء بحرب هجينة مع القارة، مذكرة بصور المواجهة بين الجار الروسي والقارة العجوز في الحرب الباردة، حتى تفكك الاتحاد السوفييتي 1991. 

"حرب هجينة نحو مستوى جديد"

صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، ذات التوجه الليبرالي، توسعت في تغطيتها لتصل حتى صباح اليوم الأربعاء إلى نحو 12 تقريرا، منتقلة من صيغة ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية "ريتزاو" عن تسرب غاز، إلى ما هو لافت في عنوانها الصباحي: "الحرب الهجينة بين روسيا والاتحاد الأوروبي نحو مستوى جديد".

الصحيفة لم تتردد من خلال خبراء في الحروب والمسائل الدفاعية إلى اعتبار ما جرى بمثابة رسالة روسية واضحة لأوروبا: "تستطيعون شراء الغاز من مكان آخر غير روسيا، لكن لا يمكنكم التأكد من وصوله"، بحسب ما طرحته على لسان خبراء.

وتزامن الحدث في البلطيق مع زيارة رئيسة الحكومة الدنماركية، ميتا فريدركسن، إلى بولندا لافتتاح رسمي أمس لخط "أنابيب البلطيق"، الناقل للغاز من كوبنهاغن وأوسلو إلى وارسو، والمتقاطع مع "نورد ستريم" قبالة سواحل بولندا واسكندنافيا في البلطيق، ما دفع الصحافة إلى اعتبار أن الأحداث "تغلي مثلما بدت عليه بقع التسرب الغازي".

واعتبرت "بوليتيكن" أن "التحول الدراماتيكي في بحر البلطيق خطوة أولى نحو ما يسمى بالحرب الهجينة الأخطر بين روسيا والغرب". وبعدما عرجت على الطبيعة الهجينة للحروب "التي تحدث في منطقة رمادية تدفع بالأمور نحو حافة الحرب المفتوحة"، أكدت أن "ما يريده مرسلو الرسالة المتخفون هو خلق حالة ذعر وعدم اليقين".

وذكّرت الصحيفة الدنماركية في السياق بتدفق لاجئي الشرق الأوسط، "من خلال تسهيل الديكتاتور البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، العام الماضي، بدعم من موسكو، إغراق أوروبا بمشاكل من خلال السماح بجلب ودفع اللاجئين نحو حدود الاتحاد الأوروبي".

وعلى الرغم من مسارعة الروس لإبداء قلق من تعرض أنابيب غازهم للتخريب تبدو نظرية "إيذاء النفس لتحقيق أهداف أخرى" حاضرة لدى خبراء الشأن الدفاعي الذين نقلت عنهم الصحافة الدنماركية. فباعتقادهم أن "ضرب خطوط غاز لا تضخ أصلا (بعد توقف خطي أنابيب "نورد ستريم 1" و"نورد ستريم 2") هدفه خلق حرب معلومات وحرب نفسية.

ورغم أنه ليس من الواضح من يقف وراء التخريب، فإن أسبابا كثيرة تؤشر إلى احتمال "أن تكون روسيا نفسها ضربت الأنابيب"، وفقا لما ذهبت إليه الباحثة والمحللة في أكاديمية الدفاع السويدية، جانيت سيريتزليف.

واعتبرت سيريتزليف أن الرسالة واضحة، "فهم يريديون إثبات قدرتهم على فعل هذا النوع من الأشياء. إنه دليل على أن القوة شيء أساسي لديهم، وخصوصا أنه حدث متزامن مع افتتاح خط الغاز الاسكندنافي أنابيب البلطيق، لتجنب استيراد الغاز الروسي".

باختصار، جاءت تغطية "بوليتيكن" متقاطعة أيضا مع زميلاتها الدنماركية الأخرى، مثل "بيرلنغسكا" و"يولاندس بوستن"، عن أن ما يجري "مقدمة لحرب هجينة لا يُعرف إلى أين ستقود، والرسالة الأوضح أن بقية الخطوط التي تمدّ أوروبا بالغاز يمكن أن تكون هدفا". ورأت "بوليتيكن" أن المراهنة الروسية هي "صقيع شتوي يدفع مواطني القارة إلى التخلي عن دعم أوكرانيا بالسلاح".

اتهامات ضمنية لروسيا

ومن جهتها، بدت الصحف السويدية متجهة إلى الاتهام الضمني لروسيا بالوقوف وراء استهداف خطي الغاز. فصحيفة "أفتون بوستن"، الأقرب إلى يسار الوسط في استوكهولم، أشارت إلى تسجيل خبراء رصد الزلازل هزات ناجمة عن تفجيرات تراوحت قوتها بين 1,8 و2,2 درجة على مقياس ريختر.

وذكر خبير الزلازل السويدي، بيورن لوند، أن الانفجار الثاني كان أقوى بخمس مرات من الأول، "وقناعتي 95 في المائة أن ذلك ناجم عن انفجارات وليس زلازل، لأن الموجات تختلف"، بحسب ما نقلته "أفتون بوستن". 

إلى ذلك، نقلت التلفزة والصحف السويدية الأخرى "الاعتقاد العميق" لدى رئاسة حكومة السويد بوجود عمل تخريبي ناجم عن تفجيرات. وعزز ذلك رأي خبراء الزلازل الذين يعتقدون أن ما استخدم هو "مئات الكيلوغرامات من المتفجرات أو الألغام".

إجمالا، فإن الصحافة الاسكندنافية سارعت، اليوم الأربعاء، إلى استدعاء فرضيات الحرب الهجينة التي بدأت في البلطيق، معتبرين أن استهداف خطي أنابيب "نورد ستريم 1" و"نورد ستريم 2" "لا يحتاج لمدمرات وغواصات ضخمة، يكفي إبحار مراكب أو غواصات أصغر لزرع المتفجرات"، كما نقلت "داغنس نيهتر" في استوكهولم.

وتتوقع معظم التغطيات أن يسارع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى تعزيز تواجده في البلطيق، وتحديدا قرب الخطوط الهامة لنقل الغاز.

وبالإضافة إلى أن الموقف الأميركي، كما عبر عنه وزير الخارجية أنتوني بلينكن، بدعم الجهود الأوروبية، يبدو أن أمين عام حلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، سيبحث الأربعاء الخطوات الأوروبية المطلوبة أمام احتمالية اندلاع الحرب الهجينة مع روسيا، وخصوصا أن الصحافة تنقل أنه "سيكون هناك رد أوروبي حال التيقّن مما حدث من الأقمار الصناعية والتحقيقات الجارية". 

المساهمون