تركيا تواصل قصفها المدفعي شمالي سورية و"قسد" تأمل من واشنطن وموسكو خفض التصعيد

22 نوفمبر 2022
مدفعية الجيش التركي قصفت بشكل متكرر مواقع وتحركات لـ"قسد" (Getty)
+ الخط -

واصل الجيش التركي، فجر اليوم الثلاثاء، قصفه المدفعي على مواقع وتحركات لمليشيات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمالي سورية، فيما تسعى "قسد" إلى وقف التصعيد التركي ضدها عبر التواصل مع واشنطن وموسكو بعد غارات أنقرة، وتهديداتها بشن هجوم بري جديد في مناطقها.

وسقط قتلى وجرحى من عناصر "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، اليوم الثلاثاء، جراء قصف من طائرة مسيّرة طاول قاعدة مشتركة للأخيرة مع قوات التحالف الدولي ضد "داعش".

وقالت مصادر مقرّبة من "قسد" لـ"العربي الجديد" إن قصفاً من طائرة مسيّرة يرجح أنها تركية، طاول موقعاً للمليشيا، ضمن قاعدة مشتركة مع قوات التحالف الدولي ضد "داعش" شمال مدينة الحسكة، على الطريق المؤدي إلى مدينة الدرباسية. وذكرت المصادر أن القصف أدى إلى خسائر بشرية في صفوف المليشيا.

وبحسب المصادر، فإن القاعدة مشتركة بين "وحدة مكافحة الإرهاب" وقوات التحالف الدولي التي تنفّذ بشكل دوري جولات في المنطقة.

من جانبها، أكدت القيادة المركزية للجيش الأميركي أن قواتها كانت "بمنأى من الخطر"، كما لم تستهدف أي غارة مواقع تواجدت فيها.

وقال المكتب الإعلامي للقيادة المركزية لـ"فرانس برس": "القوات الأميركية كانت بمنأى عن الخطر، ولم تقع أي غارات على مواقع تستضيف قوات أميركية"، مشيراً إلى أن الغارات، الأقرب لمكان تواجد قواتها، وقعت على بعد حوالى 20 إلى 30 كيلومتراً منها.

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إنّ مدفعية الجيش التركي قصفت بشكل متكرر، منذ منتصف الليلة الماضية وحتى صباح اليوم، مناطق ومواقع وتحركات في محاور تل رفعت ومنغ ودير جمال والشيخ عيسى وحربل وعين العرب في شمال وشمال شرق حلب.

وأضافت المصادر أنّ القصف ترافق مع إطلاق نار من أسلحة متوسطة على خطوط التماس بين الجيش الوطني السوري و"قسد" في المحاور ذاتها، وتحليق مكثف لطيران مسير على الحدود السورية التركية، وخاصة في ناحية عين العرب.

وذكرت المصادر أن رتلاً للقوات الروسية ضم آليات مدرعة دخل إلى القاعدة الروسية في منطقة صرين جنوبي عين العرب، كما دخل رتل آخر القاعدة الروسية في منطقة السعيدية غرب منبج شرقي حلب، وذلك بالتزامن مع استمرار التصعيد التركي في المنطقة ضد "قسد".

عبدي: تسعى "قسد" إلى وقف التصعيد التركي

من جهتها، تسعى "قسد" إلى وقف التصعيد التركي ضدها عبر التواصل مع واشنطن وموسكو بعد غارات أنقرة وتهديداتها بشن هجوم بري جديد في مناطقها، وفق ما قال قائدها العام مظلوم عبدي لوكالة فرانس برس.

ووصف عبدي موقف كل من واشنطن، الداعم الرئيسي لقواته وعمودها الفقري "وحدات حماية الشعب" الكردية، ودمشق، التي قتل عدد من عسكرييها جراء الغارات التركية، بـ"الضعيف".

وقال عبدي لفرانس برس "تتركز مساعينا الأساسية حالياً على خفض التصعيد من قبل الطرف التركي، وسنفعل كل ما في وسعنا من أجل تحقيق ذلك من خلال التواصل مع جميع المعنيين في الملف السوري"، في إشارة إلى الأميركيين والروس.

وقال عبدي "أعلنا مراراً أن لا علاقة لنا بما حدث في إسطنبول بأي شكل من الأشكال"، متهماً تركيا باستخدامه "حجة". ودعا عبدي واشنطن، التي تنشر قوات في المنطقة ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، إلى أن "يكون لها موقف أكثر حزماً يمنع على الأقل استهداف المدنيين".

وقال "فوجئنا بالموقف الضعيف جداً من حكومة دمشق" التي اكتفت بالإعلان عن مقتل "عدد" من عسكرييها، قال المرصد السوري إنّ عددهم بلغ 16 قتيلاً. وشدد عبدي "لدينا استعدادات للدفاع عن المنطقة، لكننا نطلب من جميع الأطراف سواء الأميركيين أو الروس أن يفوا بالتزاماتهم" بمنع هجوم جديد.

واعتبر عبدي أن هدف تركيا هو "احتلال الشريط الحدودي بأكمله بعمق 30 كيلومتراً بحجة إنشاء منطقة أمنة تكون ورقة للحفاظ على نفوذها في سورية".

وكان الجيش التركي قد بدأ بعملية عسكرية جوية ضد "حزب العمال الكردستاني" في شمالي العراق وسورية، فجر الأحد الماضي، وقال وزير الدفاع التركي إنه منذ بداية العملية جرى تحييد 184 عنصراً بواسطة القصف الجوي والبري. 

وجاءت العملية التركية بعد اتهام أنقرة "حزب العمال الكردستاني" بالضلوع في تفجير شارع الاستقلال، الأسبوع الماضي، وتربط تركيا هجومها على مواقع "قسد" في سورية بتفجير إسطنبول الأخير، حيث تصنف أنقرة "وحدات حماية الشعب" الجناح العسكري لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي" كجناح عسكري لـ"حزب العمال الكردستاني" في سورية.

وكانت القيادة العامّة لـ"قوّات سورية الدّيمقراطيّة" (قسد) قد توعدت، أول أمس في بيان لها، بالرد قائلة: "لن تبقى هجمات دولة الاحتلال التركي هذه دون رد، في المكان والزمان المناسبين سنرد، وبشكل قوي ومؤثر عليها".

وفي سياق التصعيد والتهديد، رفعت فصائل "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، جاهزيتها بشكل كامل، أمس الإثنين، تحسّباً لأي عملية عسكرية تركية مرتقبة ضد "قسد" في الشمال السوري.

وقالت السفارة الأميركية في دمشق "نتقدم بأحر التعازي لعائلات أولئك المدنيين الذين قتلوا في شمال سورية خلال عطلة نهاية الأسبوع. نحثّ على وقف التصعيد وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية قبل كل شيء".

وكان القصف على مناطق ومواقع "قسد" قد أدى إلى مقتل 14 شخصاً على الأقل بحسب وسائل إعلام مقربة من "قسد"، كما أدى إلى مقتل وجرح عناصر من قوات النظام السوري الذين يتمركزون في نقاط وقواعد ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات.

ويوم أمس الإثنين، أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو مقتل 3 مدنيين وإصابة 6 آخرين، جراء قذائف مصدرها من الشمال السوري سقطت على قضاء قارقامش بولاية غازي عنتاب. واتهمت تركيا "وحدات حماية الشعب" المنضوية في صفوف "قسد" بالقصف.

"قسد" تنفذ اعتقالات

في سياق آخر، تحدثت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، عن عملية مداهمة واعتقالات شنتها "قسد"، بالتعاون مع التحالف الدولي في قريتي الزر والطكحي بريف دير الزور الشرقي. وقالت المصادر إن العملية جرت من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لـ"قسد" بتغطية جوية من طائرات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.

وأوضحت المصادر أن المداهمات كانت بهدف اعتقال مطلوبين بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش"، وذلك في ظل استمرار الهجمات من مجهولين على المليشيا.

وفي شأن متصل، قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، إن "قسد" فرضت حظراً للتجوّل على الدراجات النارية في مدينة البصيرة بريف دير الزور الشرقي، كما منعت وضع "اللثام" للرجال في سوق المدينة، مشيراً إلى أن "قسد" كثفت الحواجز الأمنية على الطرقات في عموم بلدات وقرى الريف الشرقي، من بلدة جديد عكيدات وصولاً إلى ذيبان.

المساهمون