مدّدت السلطات التركية، اليوم الثلاثاء، حظر الطيران المفروض من قبلها على مطار السليمانية الدولي بإقليم كردستان شمالي العراق، لستة أشهر أخرى، وذلك بعد انتهاء فترة الحظر الأول الذي فرضته في الثالث من إبريل/نيسان الماضي على المطار، إثر معلومات بسماح إدارة المطار لعناصر "حزب العمال الكردستاني" بممارسة أنشطتهم من خلاله بالسفر والتنقل.
وأعلن محافظ السليمانية هفال أبو بكر، اليوم، أن تركيا مدّدت مجدداً قرار حظر رحلاتها الجوية من وإلى مطار السليمانية الدولي لمدة ستة أشهر.
وقال في بيان لمكتبه الإعلامي، إن "تركيا مدّدت قرارها الخاص بغلق أجوائها بوجه الطائرات التي تنطلق من مدينة السليمانية حتى الثالث من يناير/كانون الثاني 2024".
والشهر الماضي، أجرى رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، زيارة إلى العاصمة التركية أنقرة، التقى خلالها بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووفقاً لمصادر مختلفة، فقد بحث ملف الحظر التركي المفروض على مطار السليمانية. لكن على ما يبدو، فإن تركيا لا تزال ترى أن "حزب العمال الكردستاني" يمارس نشاطه بحرية تامة في حدود محافظة السليمانية، المركز الرئيسي لـ"الاتحاد الوطني الكردستاني" برئاسة بافل جلال طالباني.
وفي السابع من إبريل/نيسان الماضي استهدفت طائرة مسيّرة قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي الذي كان في زيارة سرية إلى السليمانية، التقى فيها بقادة في التحالف الدولي، وتم استهدفه داخل مطار المدينة.
واعتبر النائب السابق في برلمان إقليم كردستان عن "الاتحاد الوطني الكردستاني" عثمان كريم، أن تمديد الحظر التركي على مطار السليمانية، "يمثل عقوبة سياسية". وأضاف في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "تمديد الحظر يمثل عقوبة جديدة تفرضها السلطات التركية على السليمانية"، وفقاً لقوله.
واعتبر الاتهامات التركية بوجود عناصر "حزب العمال الكردستاني"، "غير صحيحة إطلاقاً، والمطار يخضع لإدارة سلطة الطيران المدني في بغداد".
لكن عضو "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، الحاكم في إقليم كردستان العراق، قادر قاجاغ، أوضح أن تمديد الحظر التركي على مطار السليمانية، جاء بسبب عدم امتثال "الاتحاد الوطني الكردستاني" للشروط التي وضعتها أنقرة، مؤكداً في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "تركيا كانت لديها مجموعة شروط، من بينها إنهاء وجود "حزب العمال الكردستاني" في السليمانية، وإغلاق مقرات المنظمات التابعة للحزب، ومنع أي نشاط له".
وبيّن أن "تركيا طلبت من الاتحاد الوطني الكردستاني، وعبر وسطاء، أن يبادروا لغلق مقرات حزب العمال، وإنهاء وجودهم في السليمانية، لكن الاتحاد الوطني لم يبدِ أي خطوات فعلية، لذلك قامت أنقرة بتمديد حظر الطيران".
وكان مدير مطار السليمانية هندرين هيوا قد أشار في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إلى أن قرار الحظر التركي على المطار، أدى إلى خسائر كبيرة بسبب استخدام الترانزيت إلى مطار الدوحة في قطر، ودبي في الإمارات، بالنسبة للذين يريدون السفر إلى أوروبا.
وأكد أن "القرار التركي نجم عنه خفض أكثر من 100 رحلة جوية شهرياً، ما يعني أن الرحلات انخفضت ما بين 35 و40 بالمائة من رحلات المطار شهرياً".
وأكدت وزارة الخارجية التركية، في بيان سابق، أن قرار تعليق الرحلات جاء بسبب تكثيف أنشطة "حزب العمال الكردستاني" في مدينة السليمانية، وتغلغل الحزب في مطار السليمانية، مما يؤدي إلى تهديد أمن الطيران، وفق البيان.
وكان مطار السليمانية يستقبل قبل القرار التركي، رحلتين تركيتين يومياً، وهناك الرحلات الذاهبة باتجاه تركيا ورحلات "الترانزيت" وغيرها، ما يجعل لقرار تعليق الرحلات جانباً اقتصادياً، إذ ستسجَّل خسائر مالية كبيرة نتيجة له.
وتتهم السلطات التركية السليمانية بأنها المأوى الرئيسي لعناصر "حزب العمال الكردستاني"، وتطالب بإنهاء وجوده، وغلق كلّ مقراته في المدينة.
وكان نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد طالباني، قد زار العاصمة التركية أنقرة، وأجرى اجتماعات مكثفة بهدف إصلاح الأوضاع بين "الاتحاد الوطني الكردستاني" والحكومة التركية.
ويؤكد الكاتب والصحافي الكردي سامال محمود، أن الحظر التركي على مطار السليمانية سيتمّ تمديده مرة أخرى، ولن يتم استئناف الطيران، إلا بتعهد من الحكومة العراقية، لإنهاء وجود "حزب العمال" في السليمانية. ويضيف في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "تركيا تدرك أن إعلان "الاتحاد الوطني الكردستاني" غلق مقرات حزب العمال في السليمانية غير صحيح، كون الحزب يمارس نشاطه داخل حدود المدينة وبشكل علني".
ويلفت إلى أن "الحظر لن يُرفع إلا بتدخل مباشر من الحكومة العراقية، وأن تتعهد بالسيطرة التامة على مطار السليمانية، وتمنع نشاطات حزب العمال داخل مدينة السليمانية وأطرافها، كون تركيا لا تثق بالاتحاد الوطني الكردستاني".