تركيا تحيي مئوية "عيد النصر" وسط أزمات داخلية وخارجية

30 اغسطس 2022
من مراسم إحياء الذكرى اليوم في المجمع الرئاسي بأنقرة (Getty)
+ الخط -

أحيت تركيا، يوم الثلاثاء، الذكرى المئوية الأولى ليوم النصر ويوم القوات المسلحة المعروف باسم "الظَفَر" الذي يصادف 30 أغسطس/آب من كل عام، وفيه يحتفل الأتراك بانتصار جيشهم على قوات الحلفاء في معارك "الهجوم الكبير" ومنطقة دوملوبينار، عام 1922.  وتأتي الذكرى هذا العام وسط أزمات داخلية وخارجية تعيشها تركيا وفي ظل الاستعدادات المبكرة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

فعاليات "النصر"

وبدأت فعاليات عيد النصر بمسيرة نحو ضريح مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، وسط أنقرة، تصدرها وفد رسمي يتقدمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وخلال قراءته لما كتبه على دفتر الشرف في "مقبرة الدولة" اليوم، عقب وضعه إكليلاً من الزهور على جدار تذكاري يضم أسماء القادة الذين شاركوا في النضال الوطني لتركيا، شدد أردوغان على أن لا أحد من المتربصين داخلياً وخارجياً يستطيع عرقلة نهضة وقوة تركيا ووصولها إلى المكانة التي تستحقها في النظام العالمي.

وقال: "قائد حرب استقلالنا (مصطفى كمال أتاتورك) ورفاق سلاحه الأعزاء وأبطال نضالنا الوطني ورجال الدولة الذين احتلوا مكانة في القلوب بخدماتهم لبلدنا، نشهد اليوم مع أمتنا فرحة الذكرى المئوية للهجوم الكبير وعيد النصر".

وأضاف أردوغان: "مصممون على إيصال هذا البلد الجميل، الذي يرقد في كل شبر منه بطلٌ، إلى العام 2023 في وحدة وتضامن وأخوة، وتحقيق رؤيتنا لعام 2053". وتابع: "لن يستطيع أحد من المتربصين داخلياً وخارجياً عرقلة نهضة وقوة تركيا ووصولها إلى المكانة التي تستحقها في النظام العالمي، فلتسْمُ أرواحكم وتكُن الجنة مكانكم".

وشهدت كافة الولايات التركية عروضاً عسكرية، وشارك قادة مؤسسات الحكومة والبرلمان والقضاء والجيش والمعارضة في الفعاليات البروتوكولية بأنقرة لإحياء عيد الظَفَر.

وشملت الاحتفالات مسيرة استعراض عسكري بدأت من البرلمان التركي وانتهت أمام البرلمان القديم في العاصمة أنقرة.

وتصدر اليوم وسم (30 Ağustos Zafer Bayramımız) أي (30 أغسطس عيد نصرنا) قائمة الأكثر تداولاً في تركيا، حيث حاز الموضوع على مشاركة كبيرة في "تويتر" وبقية مواقع التواصل الاجتماعي.

وبهذه المناسبة؛ هنأت قيادة القوات البرية التابعة لحلف شمال الأطلسي "ناتو" المتواجدة في مدينة إزمير في بيان لها حليفتها تركيا.

واحتفل الجيش التركي بالمناسبة في وقت بات يركز فيه على الملفات الأمنية بعد تكريس إقصائه من السياسة الذي بدأ بالتدرج منذ وصول حزب العدالة والتنمية للحكم عام 2002.

الهجوم الكبير

ووفق مراجع تاريخية، بدأت دول الحلفاء عام 1919، بعد الحرب العالمية الأولى، احتلال الأناضول تحت ذرائع مختلفة بناءً على أحكام اتفاقية "هدنة" مودروس.

وبعد سنوات شنّت القوات التركية بقيادة مصطفى كمال معركة "الهجوم الكبير" في 26 أغسطس/آب 1922 ضد القوات اليونانية، ودارت بين الجانبين معارك قرب أنقرة (قرب نهر سقاريا)، أجبرت قوات الحلفاء على التراجع يوم 30 من الشهر ذاته.

وفي الـ 30 من أغسطس/آب، استطاع الأتراك هزيمة الجيش اليوناني في معركة "دملوبينار" بولاية كوتاهيا الغربية، حيث سقط نصف جنود الجيش اليوناني بين قتيل وجريح وأسير، كما سقطت معظم المعدات القتالية التابعة للجيش اليوناني بيد الجيش التركي.

وبحلول نهاية عام 1922، كانت جميع القوات الأجنبية غادرت الأراضي التي أصبحت مجتمعةً جمهورية تركيا الجديدة بعد عام واحد.

وقالت الأكاديمية التركية خالدة أديب أديوار في كتابها "امتحان الأتراك بالنار"، إنه بعد دخول قوات الحلفاء إسطنبول، احتلت فرنسا ولاية أضنة، وبريطانيا ولايات أورفة ومرعش وصامسون، واحتلت إيطاليا أنطاليا والجنوب الغربي للأناضول، كما سمح الحلفاء لجيش اليونان بدخول إزمير عام 1919.

واعتبر المؤرخ التركي الشهير إلبر أورطايلي أن انتصار تركيا الحاسم على القوات اليونانية في معركة دوملوبينار عام 1922، والذي تم إضفاء الشرعية عليه في وقت لاحق بموجب اتفاقية لوزان (1923)، كان بمثابة رسالة للعالم مفادها :"نحن باقون هنا".

وقال أورطايلي إنه على الرغم من أن الجيش التركي كان يفتقر إلى المعدات والأسلحة الأساسية ضد الجيش اليوناني، إلا أنه كان أكثر خبرة في خوض الحرب.

وذكر المؤلف ديفيد فرومكين، في كتابه "سلام لإنهاء كل السلام"، نقلاً عن القائد اليوناني في حينها إيوانيس ميتاكساس، أن "الأتراك عازمون على النضال لنيل حريتهم واستقلالهم، إنهم يؤمنون بأن آسيا الوسطى بلدهم، وأننا غزاة، وبالنسبة لمشاعرهم القومية، فالحقوق التاريخية التي نبني عليها ادعاءاتنا ليس لديها أي تأثير".

دلالات
المساهمون