أكدت وزارة الموارد المائية العراقية لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، بدء أنقرة زيادة التدفقات المائية إلى نهر دجلة، تنفيذاً للاتفاق الذي جرى التوصل إليه الشهر الماضي، خلال زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى تركيا، وبينت الوزارة أن زيادة التدفقات التركية تصل إلى 1500 متر مكعب بالثانية، أي ضعفا الكمية التي كانت تُرسل سابقاً للعراق من قبل أنقرة.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، سجل العراق تراجعاً خطيراً في منسوب مياه نهري دجلة والفرات، ما تسبب بهجرة الأهالي من عشرات القرى في الأرياف العراقية، إلى جانب خسائر فادحة في القطاع الزراعي.
وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية، خالد شمال، لـ"العربي الجديد" إن تركيا أطلقت فعلياً خطة زيادة كميات المياه المتدفقة إلى العراق عبر نهر دجلة بواقع الضعفين، "تنفيذاً للاتفاق مع الجانب التركي، وبواقع 1500 متر مكعب في الثانية، وهذا الاتفاق سيكون سارياً لمدة شهر واحد قابل للتمديد، خصوصاً أن الحوارات والنقاشات ما بين بغداد وأنقرة مستمرة لحسم هذا الملف بشكل عادل ونهائي".
وبين شمال أن "الجانب التركي التزم بقضية زيادة الإطلاقات المائية، وباشر بهذا الأمر فعلياً، ما ساهم بشكل كبير في رفع منسوب المياه داخل نهر دجلة، وهذا الأمر سوف يسهم بنجاح الخطة الزراعية، وكذلك إنعاش الأهوار، وزيادة المخزون الاستراتيجي العراقي".
وأكد المتحدث باسم وزارة الموارد المائية أن "الحكومة العراقية الحالية، عازمة، وبشكل حقيقي، على حسم ملف المياه مع دول الجوار، لضمان حصة عادلة للعراق، وهناك جولة مفاوضات جديدة ستكون مع الجانب التركي وكذلك الإيراني، وهناك تفاهمات وقضايا مصالح مشتركة لحسم هذا الملف، وفق حسن الجوار، ووفق القوانين الدولية والأممية".
وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قد زار تركيا، في 21 مارس/آذار الماضي، وأعلن خلال زيارته الاتفاق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على زيادة إطلاقات مياه نهر دجلة نحو العراق، وأعلن السوداني تشكيل لجنة مشتركة عراقية - تركية لمتابعة الإطلاقات المائية وضمان استمرارها، حسب الاتفاق المبرم بين البلدين.
في هذا السياق، قال القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي"، الحاكم بالعراق، النائب محمد الصيهود لـ "العربي الجديد" إن "زيادة الإطلاقات المائية من قبل تركيا نحو العراق، لم تتم وفق ما يروج له بأنه صفقة لتكثيف العمليات العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية".
مضيفاً أن "مفاوضات السوداني الأولية نجحت في مضاعفة الإطلاقات المائية، والجهود مستمرة لإنقاذ العراق من أزمة الجفاف، دون تقديم تنازل على حساب سيادة العراق"، على حد تعبيره.
بالمقابل، قال الخبير في الشأن العراقي عادل المختار، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "العراق يمر بأزمة جفاف كبيرة، وهذه الأزمة ربما تكون لها تبعات في الأيام القادمة، مع حلول فصل الصيف حتى على مياه الشرب، خصوصاً أن الحكومة العراقية لا تمتلك أي حلول حقيقية لتجاوز هذه الأزمة، خصوصاً بعد زيادة الخطة الزراعية بشكل غير مدروس".
وبين المختار أن "زيادة الإطلاقات المائية من قبل تركيا إلى نهر دجلة في العراق، ليس حلاً حقيقياً لأزمة الجفاف، بل هو حل ترقيعي، ولا يناسب حجم أزمة الجفاف التي يمر بها العراق، خصوصاً مع انخفاض المخزون الاستراتيجي المائي بنسبة كبيرة جداً، ولهذا يجب إيجاد حلول حقيقية، من خلال حصول العراق على حصته المائية كاملة من قبل تركيا وإيران".
ومنذ أكثر من عام برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن جرى تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمائة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخراً، عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل بسبب شح المياه.
وقطعت إيران المياه المتدفقة إلى سد دربندخان بالكامل، مطلع أيار/مايو الماضي، ما أدى لأزمة كبيرة في حوض نهر ديالى الذي انخفضت مناسيبه بنسبة 75 بالمائة، وذلك بحسب تصريحات مسؤولين في المحافظة، فيما تحاول تركيا منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءاً من عام 2006، منها سد أليسو، الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفّق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد، وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.