انطلقت في العاصمة التركية أنقرة، اليوم الاثنين، أطوار محاكمة 108 أشخاص، من بينهم 27 معتقلا من قيادات كردية معارضة، في قضية "أحداث كوباني" التي تعود للعام 2014، والتي أسفرت عن مقتل 37 شخصاً في تركيا.
وكانت النيابة العامة في أنقرة قد أعدت مذكرة قضائية قبل أشهر، حيث اعتقلت القوى الأمنية مجموعة من القيادات الكردية في حزب "الشعوب الديمقراطية"، ووجهت لهم تهما بـ"التحريض على العنف"، من بينهم زعيما الحزب المشتركان السابقان صلاح الدين دميرطاش وفيغان يوكسك داغ.
وتتم مرافعات المحكمة في مجمع سجن سنجان أمام المحكمة الجزائية الـ22، في قاعة محاكمة كبيرة، يتابع فيها عدد من قيادات "الشعوب الديمقراطية"، فضلا عن محاكمات غيابية لقيادات حزب "العمال الكردستاني"، وأبرزهم جميل بايق.
ووقعت "أحداث كوباني" في السادس والسابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2014، بعد تصريحات من قادة الأحزاب الكردية ركزت على رفض مطالبهم السماح لمقاتلين أكراد أتراك بالدخول إلى مدينة عين العرب السورية (كوباني)، للمساعدة في صد هجوم تنظيم "داعش" الإرهابي، واتهامهم السلطات التركية بمحاصرة المقاتلين الأكراد في المدينة ومنع المساعدة عنهم، استجابة لدعوة أطلقها زعيم "العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان، من معتقله، من أجل الحراك نصرة للأكراد في عين العرب.
وصدرت بيانات لاحقة حملت توقيع دميرطاش، المعتقل حالياً، بالطلب من المواطنين الأكراد الخروج إلى الشوارع والتظاهر، استجاب لها أنصار الحزب في عدة ولايات تركية، أسفرت عن عمليات شغب وتخريب وحرق وسقط فيها قتلى وجرحى.
وخلال محاكمة اليوم، اتخذت قوى الأمن إجراءات أمنية مشددة، ووضعت 3 نقاط مختلفة للتفتيش، في ظل إجراءات صارمة بسبب وباء كورونا، ومنعت أي تجمهر أمام المحكمة، حيث كان يرغب الحزب الكردي بإجراء مؤتمر صحافي، ولكنه منع من ذلك.
وينتظر بعد استكمال التأكد من هويات المتهمين ودخول المحامين، قراءة مذكرة الادعاء العام أمام المحكمة، وقراءة حقوق المتهمين لتبدأ عملية الدفاع عنهم خلال اليوم. وتطالب النيابة العامة بالحكم 38 مرة مؤبد على أغلب المتهمين وبتعويضات مالية أخرى، فيما يراقب أطوار المحاكمة عدد من الأحزاب المحلية ومحامون يمثلون البرلمان الأوروبي ونظراء أتراك لهم، كما طلب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم حضور محاميه للمحاكمة، حيث غضت القاعة بالمحامين، ولم تتسع لعدد منهم.
وكانت النيابة العامة في أنقرة قد كشفت في بيان، عقب استكمال التحقيقات في 30 ديسمبر/ كانون الأول، أن التحقيقات في القضية استكملت، حيث يوجد في القضية 2676 مشتكيا على المتهمين، ووجهت تهم من قبل "تهديد وحدة البلاد"، و"القتل العمد بحق 37 شخصا"، و"إهانة علم البلاد"، وتهم أخرى مختلفة.
ووقعت أحداث العنف، بحسب معطيات حكومية، في 35 مدينة و96 قضاء، قتل خلالها 37 مواطناً على أيدي المتظاهرين. كما أسفرت الأحداث عن إصابة 761 شخصاً، من بينهم 326 عنصر أمن، و435 مدنياً، إلى جانب إحراق 197 مدرسة، وإلحاق خسائر بـ269 مبنى عاما، ما أدى إلى أضرار بمليارات الليرات التركية، ومنع توفير الخدمات العامة. وتعرض 1731 منزلاً ومحلاً تجارياً للنهب والتدمير أو الحرق، إلى جانب إعطاب 1230 مركبة، بينها 729 مدنية، و501 حكومية.
وتزامنا مع انعقاد المحاكمة، اعتقلت قوى الأمن 11 مسؤولا في حزب "الشعوب الديمقراطية" في ولاية دياربكر، جنوب شرقي تركيا، بتهمة "الدعاية لتنظيم محظور" وهو حزب "العمال الكردستاني"، و"المشاركة بجنازة قتلى الحزب"، وأيضا "تنظيم مؤتمرات صحافية غير قانونية، وبفعاليات غير مرخصة، والتجمع بشكل غير مشروع"، وفق قرار صادر من النيابة العامة في الولاية، فيما تواصل قوى الأمن ملاحقة مسؤولين أخرين بغرض اعتقالهما.