أزمة قضائية في تركيا والمعارضة تتهم المحكمة العليا بالانقلاب على البرلمان

09 نوفمبر 2023
البرلمان التركي (أديم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -

تصاعدت حدة الأزمة القضائية في تركيا، التي سبّبتها المواجهة بين المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا، مع إطلاق المعارضة، اليوم الخميس، تصريحات اعتبرت فيها أن قرار المحكمة الإدارية العليا "انقلاب" على البرلمان وتجاوز لـ"سلطة القضاء".

وكانت الساحة القضائية التركية قد شهدت، أمس الأربعاء، حدثاً هو الأول من نوعه في البلاد، مع رفض المحكمة الإدارية العليا قراراً صادراً عن المحكمة الدستورية العليا بإعادة محاكمة نائب برلماني معارض.

وتعود بداية القضية إلى أحداث "غزي بارك" بإسطنبول في عام 2013، حيث حُكم على جان أطالاي، بالسجن 18 عاماً على خلفيتها، ولكن أطالاي ترشح للانتخابات البرلمانية، مايو/أيار 2023، عن حزب العمل التركي في ولاية هاتاي، وتمكن من الفوز بمقعد في البرلمان.

ومع فوزه، رفع أطالاي دعوى قضائية فردية أمام المحكمة الدستورية العليا التي أقرت بانتهاك حقوقه الفردية، في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وترسل الدعوى للمحكمة المحلية لإعادة النظر ومحاكمة أطالاي مجدداً.

وبدلاً من الإفراج عنه، رفضت المحكمة الإدارية العليا تطبيق قرار المحكمة الدستورية العليا، وأرسلت إلى البرلمان القرار القضائي لإسقاط عضوية أطالاي، وبالوقت نفسه كشفت أنها قدمت شكوى بحق أعضاء المحكمة الدستورية العليا، لأنهم اتخذوا قراراً تجاوز صلاحياتهم وتبادلت المحكمتان الاتهامات في قراراتهما السابقة وقرار أمس.

واستدعى قرار المحكمة الدستورية العليا رد فعل كبيراً من المعارضة، ووصفها زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، أوزغور أوزال، بأنها "انقلاب على البرلمان"، وعقد الحزب اجتماعاً طارئاً أمس.

وكذلك أكد الحزب الجيد المعارض على لسان المتحدث باسمه، كورشاد زولو، أن "رفض المحكمة الإدارية العليا تنفيذ قرار المحكمة الدستورية العليا هو إلغاء للسلطة القضائية وسيادة القانون، وهو آخر ما بقي في البلاد".

ومن المنتظر أن يجتمع المجلس الاستشاري للبرلمان التركي اليوم لمناقشة الأزمة الحاصلة، وكان زعيم حزب الشعب الجمهوري قد أعلن أنه تحدث مع قورطولموش، رئيس البرلمان، وطلب منه عقد اجتماع للمجلس الاستشاري، وسيحضره شخصياً باسم الحزب.

وفي السياق نفسه، اجتمع اتحاد نقابات المحامين في تركيا، وعقد اجتماعاً استشارياً حول تبعات الأزمة القضائية الجديدة، في ظل صمت حكومي عن التطورات حتى الآن، وجاء في بيان صادر عن الاجتماع أن "اتحاد نقابات المحامين الأتراك لن يتردد أبداً في القيام بدوره لحماية دولة القانون والديمقراطية، وقرار عدم التزام المحكمة الإدارية وتقديم شكوى جنائية ضد أعضاء المحكمة الدستورية والقرار المتخذ هو محاولة لتغيير النظام الدستوري".

واعتبر بيان اتحاد نقابات المحامين، أن قرار المحكمة الإدارية العليا هو "نقطة تحول لدولة القانون"، وأكد أن "اتحاد نقابات المحامين في تركيا، الذي عارض بلا تردد جميع أنواع محاولات الانقلاب حتى الآن، لن يتردد أبداً في القيام بدوره لحماية دولة القانون والديمقراطية".

وفي ظل ضبابية وغموض ما سيحصل في المرحلة المقبلة، أفاد خبراء قانونيون عبر وسائل الإعلام التركية عن طرق مسدودة في الأفق، حيث إن القرار المُرسل للبرلمان يعني عزل النائب.

وبالوقت نفسه سيكون هناك قرار من النيابة العامة للمحكمة الإدارية العليا بحق المحكمة الدستورية ومحكمة الاستئناف، في وقت يمكن فيه للنائب البرلماني تقديم دعوى قضائية أيضاً مجدداً أمام المحكمة الدستورية العليا، وقد يصدر قرار مخالفة لعدم تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية العليا.

ويبقى السؤال الأهم: هل يمكن محاكمة أعضاء المحكمة الدستورية؟

بحسب القوانين، يمكن محاكمة رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية من قبل المحكمة العليا عن جرائم تتعلق بواجباتهم، حيث يمكن فتح التحقيق في الجرائم والجرائم الشخصية والإجراءات التأديبية للرئيس والأعضاء إذا كان الأمر يتعلق بمهامهم أو يزعم ارتكابهم لها في أثناء قيامهم بمهامهم.

وتُطرَح هذه القضية على جدول الأعمال من قبل رئيس المحكمة الدستورية العليا، وتُناقَش أمام جميع الأعضاء، ولا يجوز للعضو الذي اتُّخِذ الإجراء ضده المشاركة في الاجتماع، وإذا تقرر فتح تحقيق، تنتخب الجمعية العمومية ثلاثة أشخاص من بين الأعضاء لتشكيل هيئة التحقيق.

ولا يجوز لأعضاء هيئة التحقيق المشاركة في المحاكمة التي ستجريها المحكمة بصفتها المحكمة العليا، ويُفهم من الإطار أن هناك استحالة فعلية في محاكمة أعضاء المحكمة الدستورية، لأن القرار المتعلق بالنائب اتخذ بأصوات 9 أعضاء مقابل 5 في المحكمة الدستورية، ولا توجد آلية لمحاكمة 9 أعضاء.

المساهمون