ترحيب فلسطيني بقرار محكمة العدل الدولية حول "الإبادة في غزة".. ودعوة لتنفيذ الإجراءات المؤقتة
رحّبت حركة حماس، اليوم الجمعة، بقرار محكمة العدل الدولية بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وتتهمها فيها بارتكاب "إبادة" في قطاع غزة، ودعت الحركة المجتمع الدولي إلى مطالبة إسرائيل بتنفيذ قرارات المحكمة ووقف ما وصفتها بأنها "إبادة جماعية" مستمرة بحق الفلسطينيين.
وفي بيان لها عبر قناتها في "تليغرام"، قالت "حماس" إن قرار المحكمة "ثبّت" الاتهام لدولة الاحتلال بـ"الإبادة الجماعية"، ويطالب "جيش الاحتلال بحماية المدنيين ورفع الحصار المفروض على شعبنا في قطاع غزة واحترام واجباته كقوة احتلال في إطار القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ويعني هذا القرار إيقاف كافة أشكال العدوان على شعبنا الفلسطيني في غزة".
وطالبت الحركة المجتمع الدولي بـ"إلزام العدو بتنفيذ قرارات المحكمة ووقف (جريمة الإبادة الجماعية) المستمرة بحق شعبنا، ونتطلع إلى القرارات النهائية للمحكمة بإدانة دولة الاحتلال بارتكاب جريمة (الإبادة الجماعية) وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية".
ورأت "حماس" في القرار فاتحة لـ"محاسبة قادة العدو على هذه الجرائم أمام محكمة الجنايات الدولية".
وثمّنت الحركة "الموقف الأصيل لجمهورية جنوب أفريقيا، ودعمها لشعبنا الفلسطيني وعدالة قضيته، وسعيها المخلِص لدفع العدوان عن قطاع غزة، ورفضها لجرائم الاحتلال الوحشية"، كما توجهت بالشكر لكافة الدول التي "عبّرت عن دعمها لهذا التحرُّك الإنساني النبيل".
"الجهاد" تستنكر: قرارات لا توقف العدوان
من جهتها، استنكرت حركة الجهاد "إحجام المحكمة عن إصدار قرار واضح بإلزام العدو الصهيوني بوقف فوري لإطلاق النار، على الرغم من إقرارها الضمني بالإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو بحق شعبنا في غزة". ورأت أن قرارات المحكمة "لم ترق إلى مستوى طلب وقف القتل والعدوان حماية للشعب الفلسطيني من الإبادة المستمرة، وهو ما قد يستغله العدو ليتصرف كما يشاء".
وبعد الإشادة بجهود دولة جنوب أفريقيا، قالت الحركة في بيانها: "إن إحجام المحكمة عن طلب وقف القتال فوراً هو دليل على تحكم قوى الشر العالمية في المنظومات القانونية العالمية لمصالحها على حساب المظلومين".
السلطة الفلسطينية: لا دولة فوق القانون
من جانبها، رحّبت السلطة الفلسطينية، اليوم الجمعة، بالأمر القضائي "التاريخي" لمحكمة العدل الدولية، بفرض تدابير مؤقتة في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وبقبول الدعوة التي قدمتها جنوب أفريقيا، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في مخالفة لأحكام الاتفاقية الأممية لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وذلك على ضوء ما قدمته للمحكمة من أدلة دامغة على ارتكاب إسرائيل للإبادة الجماعية.
وفي بيان لها، نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أكدت السلطة أن "القرار المصيري لمحكمة العدل الدولية يذّكر العالم بأن لا دولة فوق القانون، وأن العدل يسري على الجميع، ويضع هذا القرار حداً لثقافة الإجرام والإفلات من العقاب لإسرائيل، والتي تمثلت بعقود من الاحتلال، والتطهير العرقي، والاضطهاد، والفصل العنصري".
وأشارت دولة فلسطين إلى "فشل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في تقديم أي دليل مقنع للمحكمة بأنها لا تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، بل قدمت للقضاة أكاذيب وروايات مسيسة ومفضوحة، والقضاة بدورهم قيّموا بموضوعية ما بين أيديهم من حقائق مستندة للقانون، كما قدمتها جنوب أفريقيا، وكما تعكسها جسامة الأوضاع على أرض الواقع في فلسطين".
ودعا البيان "المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها المتواصل على قطاع غزة، ووقف جريمة الإبادة الجماعية، وجميع عمليات التدمير، وجريمة التهجير القسري، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2720 بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية، والسماح الفوري بعودة النازحين لمنازلهم".
كما دعا الدول كافة، بما في ذلك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، إلى "ضمان احترام قرار محكمة العدل الدولية، وأن تلتزم حكومات العالم بعدم التواطؤ في ارتكاب الإبادة الجماعية، وأن تعمل على وقف تزويد إسرائيل بالسلاح"، مذكرة بأن مطالباتها هذه باتت "ذات طبيعة قانونية إلزامية وقطعية".
وعبرت السلطة، في بيانها، عن "امتنان شعبنا الفلسطيني وقيادته التاريخي والأبدي لشعب وحكومة جنوب أفريقيا"، لما اتخذته من "خطوات شجاعة، مثلت تضامناً فعلياً مع مأساة شعبنا الفلسطيني".
اشتية: انتهى زمن الإفلات من العقاب
وتعليقا على القرار، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إنه "يعني انتهاء الزمن الذي تفلت فيه إسرائيل من العقاب"، وذكر، في تصريح صحافي، إن "عدم رد المحكمة الدعوى المرفوعة أمامها من قبل دولة جنوب أفريقيا ينطوي على درجة عالية من الأهمية، لأنه يضع إسرائيل في قفص الاتهام كمجرم حرب، وهي المرة الأولى التي تقف فيها بهذه الصفة أمام محكمة العدل الدولية".
واستدرك: "كنت آمل أن يتضمن القرار وقفاً فورياً لإطلاق النار، بالنظر للمعاناة الشديدة التي يكابدها أبناء شعبنا في قطاع غزة من مجازر يومية يذهب ضحيتها المئات، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة لانتشار المجاعة والأوبئة التي تفتك بالمحاصرين في مراكز الإيواء".
وأعرب اشتية عن شكره لدولة جنوب أفريقيا وعن أمله أن "تستكمل المحكمة مداولاتها حتى صدور القرار النهائي بإدانة إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني، لم يشهد لها العالم مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية".
حركة فتح: قرار يدحض الرواية الصهيونية
بدورها، رحبت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، بالأمر القضائي، وقالت في بيان صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية، اليوم الجمعة، إن هذا "القرار التاريخيّ يُذكّر العالم بأن لا أحد فوق القانون الدولي، مبينةً أن هذا القرار يضعُ حداً لإفلات دولة الاحتلال الإسرائيلي من العقاب والمحاسبة على جرائمها الإبادية بحق شعبنا الذي يتعرض حتى هذه الآونة إلى عدوان الاحتلال الدموي".
وأردفت بأن "القرار الذي يعد سابقة قضائية تاريخية يدحض الرواية الصهيونية ويبدد مزاعمها"، داعية "المجتمع الدولي إلى الالتزام بقرار المحكمة؛ عبر الضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي بوقف عدوانها الهمجي على شعبنا الذي نجم عنه استشهاد عشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير الأحياء السكنية، ودور العبادة، ومراكز الإيواء، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية للنازحين الذين أُجبروا على النزوح إلى جنوب قطاع غزة".
"فدا" يطالب بنظام خاص للحماية الدولية
وفي المواقف الفلسطينية من القرار أيضاً، قال الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) إن أهمية قرار محكمة العدل الدولية يتمثل في أن "الإجراءات المعلنة لا يمكن لها أن تنفذ من دون التوصل إلى وقف إطلاق النار، وبالتالي فإنها خطوة على طريق تحقيق هذا الهدف الملح والعاجل، معتبرا القرار صفعة قوية لإسرائيل".
وأضاف "فدا"، في بيان له، تعقيبا على قرار محكمة العدل الدولية، أنه "على الرغم من عدم تضمين الإجراءات المؤقتة والاحترازية التي أعلنت عنها محكمة العدل الدولية دعوة لوقف إطلاق النار، إلا أن الاجراءات المؤقتة والاحترازية التي أعلنتها المحكمة محطة مهمة على طريق إنصاف الشعب الفلسطيني، الأمر الذي عبرت عنه وزيرة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب أفريقية ناليدي باندور عندما دعت، في تصريح لها عقب قرار المحكمة، إلى ضرورة تحرك المجتمع الدولي لتنفيذ حل الدولتين".
وبحسب وكالة "وفا"، دعا "فدا" مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة عاجلة من أجل طرح مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ينص على "تأمين نظام خاص للحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني في وجه الجرائم الإسرائيلية".
نادي الأسير: إقرار ضمني بجرائم الاحتلال
إلى ذلك، اعتبر نادي الأسير الفلسطيني، في بيان صحافي، أن قرار محكمة العدل الدولية "بمثابة إقرار ضمني بارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم ترتقي إلى إبادة جماعية، يتطلب وقفها فوراً".
وأكّد أن القرار يضع العالم أمام مسؤولياته، في ظل "حالة التواطؤ التي تمارسها قوى دولية، عملت ولا تزال على دعم الإرهاب الإسرائيلي بالأسلحة وفي المحافل الدولية لمحاربة الوجود الفلسطيني".
وأعرب عن شكره وتقديره لموقف جنوب أفريقيا "التاريخي، الذي وضع العالم والمنظومة الحقوقية الدولية على مسار مهامها ودورها اللازم أمام وجوب العمل على وقف الإبادة الجماعية المستمرة في غزة".
وقال: "في الوقت الذي تطالب فيه محكمة العدل الدولية بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، فإننا نذكر هذا العالم بأن أكثر من ثمانية آلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بينهم أطفال ونساء ومرضى، يتعرضون لجرائم تعذيب ممنهجة منذ عقود طويلة، إضافة إلى جريمة الإخفاء القسري التي تمارس بحق المعتقلين في غزة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومن حقهم أن ينعموا بالحرية بعد عقود من الظلم".
خطوات عملية
من جانبه، رحّب المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور بالقرار التاريخي لمحكمة العدل الدولية إزاء الإجراءات الاحترازية لوقف جريمة الإبادة الجماعية في فلسطين، خاصة في قطاع غزة.
ودعت بعثة دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة إلى اجتماع طارئ لمجلس السفراء العرب، اليوم الجمعة، للاتفاق على خطة التحرك في مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة عقب قرار محكمة العدل الدولية، بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا).
وبمبادرة من بعثة دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، ستعقد لقاءات مشتركة مع وفدي جنوب أفريقيا والجزائر، العضو العربي في مجلس الأمن الدولي، لتحليل نتائج قرار محكمة العدل الدولية، والاتفاق على التحرك في مجلس الأمن والجمعية العامة إزاء القرار.
وكان وفدا جنوب أفريقيا وفلسطين قد اتفقا، خلال قمة "عدم الانحياز" التي عقدت في العاصمة الأوغندية كمبالا بحضور وزيري خارجية البلدين، على إحالة التنسيق العملي والتنفيذي لبعثتي البلدين في نيويورك للقيام بالخطوات العملية على مستوى مكونات الأمم المتحدة.
وقضت محكمة العدل الدولية، الجمعة، بأن على إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها لمنع وقوع أي أعمال إبادة في قطاع غزة.
وعقب صدور القرار، قال وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي، في كلمة مقتضبة له في لاهاي، الجمعة، "لقد حكمت محكمة العدل الدولية لصالح الإنسانية والقانون الدولي".
ودعا المالكي "جميع الدول إلى ضمان تنفيذ جميع التدابير المؤقتة التي أمرت بها المحكمة، بما في ذلك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال. وهذا التزام قانوني ملزم".
وتابع: "على الدول الآن التزامات قانونية واضحة لوقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة، والتأكد من أنها ليست متواطئة"، مشدداً على أن "أمر محكمة العدل الدولية هو بمثابة تذكير مهم بأنه لا توجد دولة فوق القانون. وينبغي أن يكون بمثابة دعوة للاستيقاظ لإسرائيل والجهات الفاعلة التي مكّنتها من الإفلات من العقاب".
بدوره قال مساعد وزير الخارجية الفلسطيني السفير عمّار حجازي، في مؤتمر صحافي مشترك مع ممثل دولة جنوب أفريقيا بعد قرار المحكمة، "هذا يوم تاريخي، وقرارات المحكمة اعتراف بخطورة الوضع وبأن هناك مؤشرات إلى أنّ إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، وتريد وضع حدّ لمعاناة الشعب الفلسطيني وقد سمعت المحكمة نداء الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "فشلت إسرائيل بإقناع المحكمة برفض الدعوى وبأنها لا ترتكب عن قصد إبادة جماعية، وهذا القرار أثبت صحة دعوى جنوب أفريقيا، لذلك فإن إسرائيل تحاكم على أساس ارتكابها أم الجرائم أي الإبادة الجماعية، وندعو أن تساهم جميع الدول الأعضاء في المعاهدة بتنفيذ أوامر المحكمة وألا تكون شريكة مع إسرائيل في هذه الجريمة".
وأشار إلى عودة إلى المحكمة، في 19 فبراير/ شباط المقبل، من أجل "المرافعات الشفهية حول الاحتلال الإسرائيلي ونظام التمييز والفصل العنصري الذي يفرضه في الضفة والقطاع والذي يجب أن ينتهي".
وكانت محكمة العدل الدولية قد عقدت، اليوم الجمعة، جلسة في مقرها بمدينة لاهاي الهولندية، لإصدار قرار أولي في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.