ينتظر محامون وحقوقيون وأسر عدد من سجناء الرأي والحريات في مصر، خطوات إيجابية، في أعقاب إصدار الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قرار إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لأول مرة منذ سنوات.
وقدّم المحامي الحقوقي المصري، طارق العوضي، في بث مباشر على صفحته في "فيسبوك"، مساء الاثنين، إجابات عن الأسئلة التي تراود أسر السجناء السياسيين وأهاليهم، بتوضيح أهمية القرار بناءً على تصنيف السجناء السياسيين نوعين: النوع الأول هم المحالون على محاكم أمن دولة عليا طوارئ أو جنح أمن دولة طوارئ أو الصادر ضدهم أحكام من محاكم أمن الدولة عليا طوارئ ما زالت في مرحلة التصديق أو رُفض التصديق عليها وإعادة المحاكمة.
وقال العوضي إنّ "هؤلاء لن يستفيدوا بأي حال من الأحوال من قرار إلغاء مدّ العمل بقانون الطوارئ، وسيخضعون للمحاكم الاستثنائية التي تصدر حكماً واحداً لا يقبل المعارضة أو الاستئناف أو النقض، ولا يلغيه إلا التظلم إلى الحاكم العسكري، وهو رئيس الجمهورية أو من يفوضه".
هذا النوع من السجناء سيظل مطبقاً عليهم قانون الطوارئ، رغم إلغاء العمل به، بمعنى أن إلغاء القانون لا يعني إلغاء محاكم أمن الدولة عليا طوارئ. ومع ذلك، فقد أبدى العوضي تفاؤلاً بالطعن على أحكام أمن الدولة عليا طوارئ لاحقاً، ولا سيما أنّ قانون الإرهاب وقانون الطوارئ يشوب بعض موادهما شبهة عدم الدستورية.
وأبدى العوضي تفاؤله بإعلان المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أنّ هناك قرارات أخرى ستتبع قرار إلغاء قانون الطوارئ.
أما النوع الثاني من السجناء السياسيين ممن سينتفعون من هذا القرار، فهم المحبوسون احتياطياً على ذمة قضايا دون أن يحالوا على المحاكمة أو المخلى سبيلهم على ذمة قضايا سياسية، بحسب العوضي، موضحاً أنّ النوع الثاني من السجناء السياسيين سيُحالون على المحاكم العادية الخاضعة لقانون الإجراءات الجنائية، وسيُطعَن في تلك الأحكام من خلال النقض وإعادة الإجراءات والمعارضة والاستئناف في ما يتعلق بالجنح.
وتنص المادة الـ (19) من قانون الطوارئ على أنه "عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التي تكون محالة عليها وتتابع نظرها وفقاً للإجراءات المتبعة أمامها. أما الجرائم التي لا يكون المتهمون فيها قد قدموا إلى المحاكم، فتُحال على المحاكم العادية المختصة، وتتبع في شأنها الإجراءات المعمول بها أمامها".
كذلك تنص المادة الـ (20) من ذات القانون على أنه "يسري حكم الفقرة الأولى من المادة السابقة على القضايا التي يقرر رئيس الجمهورية إعادة المحاكمة فيها طبقاً لأحكام هذا القانون. ويبقى لرئيس الجمهورية كافة السلطات المقررة له بموجب القانون المذكور بالنسبة للأحكام التي تكون قد صدرت من محاكم أمن الدولة قبل إلغاء حالة الطوارئ ولم يتم التصديق عليها، والأحكام التي تصدر من هذه المحاكم طبقاً لما تقرره هذه المادة والمادة السابقة".
المحامي الحقوقي، خالد علي، فسّر بدوره بعض مواد قانون الطوارئ الملغى، لتوضيح موقف السجناء السياسيين في مصر.
وقال، في منشور على صفحته في "فيسبوك"، مساء الاثنين، إنّ "القضايا التي ما زالت في التحقيقات ولم تصدر النيابة قراراً بإحالتها للمحاكمة. عندما تحال بداية من الغد تكون المحاكمة أمام القضاء العادي وليس أمن الدولة طوارئ، أما القضايا التي صدر بشأنها قرارات حتى تاريخ اليوم بإحالتها للمحاكمة أمام الطوارئ، فتظل محاكم أمن الدولة طوارئ هي التي تنظرها، وينطبق عليها قانون الطوارئ رغم إنهاء حالة الطوارئ اليوم".
وأكد علي أنّ "نفس هذه القاعدة الأخيرة تنطبق على القضايا التي رفض الحاكم العسكري التصديق على الأحكام الصادرة فيها، وقرر إعادة محاكمتها سوف تتم إعادة المحاكمة أمام محاكم الطوارئ ووفقاً لإجراءات قانون الطوارئ"، مشيراً إلى أنّ "بعض هذه النصوص ما هو مطعون عليه أمام المحكمة الدستورية للفصل في مدى مخالفتها للدستور من عدمه".
من جهته، طالب أستاذ القانون والفقيه الدستوري المصري، نور فرحات، بإلحاق خطوة إلغاء الطوارئ "الضرورية والمهمة" في مصر، بخطوات لا تقل عنها ضرورة من أجل إعطائها "مضموناً حقيقياً بحماية الحريات العامة ومبدأ سيادة القانون العادل واستقلال القضاء، إذ ما زالت الترسانة التشريعية حافلة بنصوص مخالفة للدستور ولأحكام المحكمة الدستورية وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان".
وعلّق فرحات على قرار إلغاء الطوارئ بالقول، في منشور على صفحته في "فيسبوك"، مساء الاثنين، إنّه "لا بد من ضبط مواد التجريم في قانون الإرهاب والكيانات الإرهابية بحيث يمتنع تطبيقها على أصحاب الرأي المعارض، ويقتصر تطبيقها على الإرهابيين الحقيقيين الذين يرفعون السلاح أو يهددون، به وهو الأمر المتعارف عليه دولياً".
وتابع أنه "لا بد من مراجعة قانون العقوبات والتشريعات العقابية الأخرى من أجل تفعيل حظر العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والرأي والتعبير والضمير، ومن أجل ضبط صياغات مواد التجريم بما يحول دون التعسف في تطبيقها".
وقال أيضاً إنه "لا بد من مراجعة قانون الإجراءات الجنائية بالعودة بالحبس الاحتياطي إلى الضوابط المستقرة في القانون المقارن كإجراء تحفظي لا يجوز اللجوء إليه إلا استثناءً ولمدد قصيرة، مع حق من يحبس دون مقتضى في التعويض وفقاً لنص الدستور".
وطالب علي بـ"إصدار قانون لمكافحة التمييز وتجريم فعل التمييز وبطلان آثاره، وإنشاء مفوضية لمكافحة التمييز كما نص الدستور" في مصر.