ترامب و"الرجال الأقوياء"... مسيرة "إعجاب" بالقادة المستبدين حول العالم

21 أكتوبر 2020
يعاني ترامب من رهاب الضعف (Getty)
+ الخط -

من مصافحة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون إلى التربيت على كتف الرئيس الفيليبيني رودريغو دوتيرتي، مروراً بتبادل المجاملات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يقيم الرئيس الأميركي دونالد ترامب علاقة إعجاب ملتبسة مع عدد من القادة المستبدين في العالم، ما يؤثر على الدبلوماسية الأميركية.
في يونيو/حزيران 2019، لفتت صورة ترامب مبتسماً وهو يتبادل أطراف الحديث مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون انتباه العالم. وقد أتت خلال لقاء تاريخي في المنطقة "منزوعة السلاح" عند الحدود بين الكوريتين. فقد حل الكلام المعسل والتفاهم الصريح تدريجاً مكان الشتائم التي كانت يتفوه بها ترامب في الأشهر الأولى لدخوله البيت الأبيض.
كيم جونغ أون ليس الزعيم الوحيد الذي يحكم بقبضة من حديد الذي "يسايره" ترامب، إذ يفضل الرئيس الأميركي انتقاد حلفائه التقليديين بانتظام، مثل رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل خصوصاً.
ويقول عضو الشرف في هيئة "رويال يونايتد سيرفسيز إنستيتوت" البحثية البريطانية باتريك شوفالرو "تجد الخارجية الأميركية نفسها في وضع صعب مع ترامب الذي ينقسم حوله الناس والمعجب بالأنظمة الاستبدادية. صورة الولايات المتحدة على الساحة الدولية تدهورت كثيراً لدى حلفائها".
وبموازاة ذلك، يقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أنه "صديق" ويرحب بانتظام بذكاء فلاديمير بوتين وحسه القيادي، فيما سبق أن خص رئيس الصين شي جينبينغ بكمّ من الإطراءات كذلك.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوكلاند في ميشيغن بيتر ترامبور، لوكالة "فرانس برس"، "لطالما اجتذبت السلطة ترامب. وهو يحسد هؤلاء القادة على قدرتهم على حكم بلادهم بقبضة من حديد. وهو يعاني من رهاب الضعف".

ويضيف "يرى قادة مثل رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان يستخدمون المؤسسات الديمقراطية لتحويل بلدانهم إلى أنظمة استبدادية +ناعمة+، وهذا ما يريد تحقيقه أيضاً".
ويقول الدبلوماسي الأميركي السابق بروكس سبيكتور، الذي بات رئيس تحرير صحيفة "ديلي مافريك" في جنوب أفريقيا، "في هذا الإعجاب جانب نفسي لأنه تربى بهذه الطريقة، فضلاً عن الحسد. فالقادة المستبدون لا يهتمون لأمور مزعجة مثل أحزاب المعارضة التي ترفض الإذعان للقرارات".

سلطة القوة
هذا الإعجاب ليس بجديد، ففي مقابلة مع مجلة "بلاي بوي" في العام 1990، انتقد دونالد ترامب "سلطة رئيس الاتحاد السوفييتي السابق ميخائيل غورباتشوف غير الصارمة" في خضم انفتاح الاتحاد السوفياتي. وهو بالكاد أخفى إعجابه بـ"سلطة القوة" التي أبدتها الحكومة الصينية لدى قمعها الفتاك لتظاهرات الطلاب في ساحة تيان انمين قبل سنة على ذلك.
وفي حين يبدو حب النفوذ متجذراً في شخصية الرئيس ترامب، إلا انه يندرج أيضاً في منطق سياسي. وتقول مود كيسار، المتخصصة في شؤون الولايات المتحدة في معهد الأبحاث الاستراتيجية للكلية العسكرية في باريس، "إنها دبلوماسية الظهور. فهل يهدف إلى تحقيق نتيجة دبلوماسية أو أن يظهر لناخبيه أنه رئيس قوي في الخارج؟".
ويضيف باتريك شوفالرو "ترامب لا يحبذ النهج متعدد الأطراف بالتأكيد. لكنني لست متأكداً من أن لديه أيديولوجية معينة. فشخصيته هي في وسط كل موضوع. يضع نفسه في قلب كل شيء وانطلاقاً من تموضعه كرجل قوي، فهو لا يميل بالضرورة إلى التشاور".
ويشير بيتر ترامبور إلى أن ترامب "يواصل النهج نفسه على هذا الصعيد منذ فترة طويلة. فاعتباراً من الثمانينات عندما كان يفكر بالترشح للبيت الأبيض، كان يوضح أن شركاء الولايات المتحدة الاقتصاديين يسرقونها".

نتائج متفاوتة 
لكن على الصعيد الدبلوماسي، تبقى نتائج هذه الاستراتيجية متفاوتة منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
ويقول بروكس سبيكتور "العناق والمجاملات مع الزعيم الكوري الشمالي لا أثر فعلياً لها. أما الصين فهي باتت أقوى وأكثر نفوذاً مما كانت عليه قبل أربع سنوات".
ويؤكد أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في واشنطن تشارلز كبوشان "يظن ترامب نفسه مفاوضاً استثنائياً، إلا أن التقدم الدبلوماسي يحرز بعد تحضيرات تستمر لسنوات. إذا أردنا اتفاقاً مع كوريا الشمالية فينبغي وضع الأسس السياسية له وتمهيد الطريق من خلال دبلوماسيين ومن ثم لقاء النظير. ولم يحصل أي شيء من هذا القبيل". حتى إصابته بفيروس كورونا الذي شفي منه الآن، لم تهدئ طباع دونالد ترامب الذي قال، ما إن عاد إلى الحملة الانتخابية في فلوريدا الأسبوع الماضي، "أشعر بقوة هائلة".

(فرانس برس)