ترامب مرشحاً غاضباً لـ"استعادة أميركا"

30 يناير 2023
ترامب محاطاً بغراهام (يمين) وماكماستر في كارولينا الجنوبية، السبت (لوغان سيروس/فرانس برس)
+ الخط -

طرح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أول من أمس السبت، نفسه، المرشح الرئاسي الوحيد القادر على "استعادة" أميركا، التي ستكون انتخابات الرئاسة في 2024 الفرصة الوحيدة لإنقاذها، بحسب تعبيره، وذلك في ولايتين أميركيتين تضمّان منافسين محتملين له للرئاسة، وأطلق منهما مرحلة التجمعات الانتخابية، بشكل متواضع، ولكن قبل أي اسم آخر من منافسيه المحتملين.

وخلال محطتين انتخابيتين في نيوهامشير وكارولينا الجنوبية، الولايتين الرمزيتين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، المقررة بعد عام من الآن، حيث ستبدأ منهما عملية اختيار الحزب لمرشحه المقبل للرئاسة، استعاد ترامب خطاباته السابقة، مضيفاً إليها بعض العناوين الاجتماعية الآنية، دون التطرق إلى أي من المسائل الخارجية التي تشغل العالم حالياً، وكاشفاً عن فريق عمله في ولاية كارولينا الجنوبية، التي تصوّت منذ عام 2000 للجمهوريين.

واختار ترامب أن يكون التجمعان له في الولايتين تقليديين، حيث اقتصر الحضور في عاصمة كارولينا الجنوبية، كولومبيا، على 500 مدعو. وربط متابعون ذلك بتأني ترامب في إنفاق الأموال على التجمعات الصاخبة باكراً، فيما اعتبر آخرون أن في ذلك إشارة إلى تراجع شعبيته، وخشيته من ضعف الحضور في التجمعات الكبيرة.

ستبدأ من نيوهامشير وكارولينا الجنوبية عملية اختيار الحزب لمرشحه المقبل للرئاسة

ورغم أنه من السابق لأوانه الخروج باستنتاجات حاسمة لمآلات السباق الانتخابي الرئاسي الجمهوري، إلا أن جملة مؤشرات لا تزال تخدم ترامب في حملته، في مواجهة عراقيل عدة، من بينها التأني الجمهوري المتزايد في دعمه، لاسيما على المستوى القيادي، وهو ما ظهر واضحاً في تجمعي نيوهامشير وكارولينا الجنوبية.

ترامب في نيوهامشير: تعهد بـ"إنقاذ" أميركا

وفي نيوهامشير، في شمال شرق البلاد، قال ترامب إنه "غاضب" أكثر الآن وأصبح "أكثر التزاماً من أي وقت". وشدّد خلال تجمع سنوي للحزب أقيم في بلدة سالم، على أنه اختار هذه الولاية لإطلاق حملاته الانتخابية لعام 2024 بعد أكثر من شهرين على إعلانه عزمه خوض السباق الرئاسي مجدداً، والتي وجّهت إليه انتقادات بتأخيرها.

وكانت نيوهامشير، التي لم يخف حاكمها الجمهوري الحالي كريس سنونو رغبته بالترشح للرئاسة، قد صوّتت لترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لرئاسيات 2016، لكنها اختارت في انتخابات الرئاسة ذلك العام الوزيرة السابقة الديمقراطية هيلاري كلينتون، والتي فازت بفارق 0.4 في المائة عن ترامب في الولاية، كما فاز فيها الرئيس الحالي جو بايدن في انتخابات 2020، بفارق 7 نقاط عن ترامب أيضاً.

ولم يخرج الرئيس السابق، من الولاية السبت، بخطاب متجدد، بل استعاد نظرية "سرقة الانتخابات" الأخيرة منه، مضيفاً أن "كل يوم في الولايات المتحدة هو كذبة نيسان"، ومتحدثاً عن أزمة هجرة حدودية وغرق البلاد بالمجرمين. ورأى أن الولايات المتحدة "تحتاج إلى قائد مستعد لمواجهة القوى التي تلحق الدمار ببلدنا"، مشيداً بسجله في تطبيق القانون وفرض النظام ومكافحة الهجرة وإعادة بناء الجيش الأميركي، ومتعهداً إذا ما فاز بالرئاسة مجدداً، بإنقاذ البلاد من "الدمار على يد مؤسسة سياسية أنانية وراديكالية وفاسدة".

وزعم ترامب أن زعماء دول كانوا حذرين في تهنئة بايدن في 2020، وأنهم "لم يصدقوا نتائج الانتخابات". كما رسم نفسه ضحية لـ"التسييس" الذي أصبحت عليه وزارة العدل، في إشارة إلى القضايا التي تلاحقه ومنها ملف الوثائق السرّية وتعيين الوزارة محققاً خاصاً (جاك سميث) لمتابعتها. وقال ترامب حول ذلك: "هؤلاء مدعون عامون يساريون متطرفون وأشخاص فظيعون للغاية"، وتعهد التحقيق في أنشطة الوزارة إذا أعيد انتخابه. وفي إشارة إلى الانتقادات الموجهة له لتأخره في إطلاق التجمعات الانتخابية، قال: "إنهم يجبرونني تقريباً على إقامة التجمعات... سنقوم بها، وستكون أكبر من ذي قبل". وذكرت وكالة "رويترز" أن الحضور في تجمع نيوهامشير كان متواضعاً.

غياب جمهوري في تجمع كارولينا الجنوبية

وفي عاصمة ولاية كارولينا الجنوبية كولومبيا، اقتصر الحضور في مقر كونغرس الولاية، حيث أقيم تجمع ترامب، على 500 مدعو، بحسب الإعلام الأميركي، من بينهم السيناتور ليندسي غراهام، حليف ترامب، والمتحدر من الولاية.

وغاب عن الحضور، السيناتور الجمهوري عن الولاية أيضاً، توم سكوت، أحد الأسماء المحتمل ترشحها للرئاسة، كذلك السفيرة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، والتي قالت سابقاً إنها ستحسم خيارها في الربيع المقبل حول إمكانية ترشحها. كما غاب رئيس الحزب الجمهوري في الولاية درو ماكيسيك، وعدد من النواب الجمهوريين. ونقلت "رويترز" عن مصدر مطلع قوله إن عدداً من نواب الحزب قرّروا عدم الحضور، بعد فشلهم في الحصول على ضمانات من فريق ترامب بألا يروجوا لحضورهم على أنه إعلان دعم رئاسي لترامب.

واعتبر ترامب من الولاية أن انتخابات 2024 ستكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ الولايات المتحدة، وأضاف : "نحن بحاجة إلى قائد مستعد للقيام بذلك منذ اليوم الأول" لتوليه الرئاسة. وفي إشارة إلى ولايته، قال ترامب: "هناك رئيس واحد فقط تحدى المؤسسة بكاملها في واشنطن، وبتصويتكم العام المقبل سنفعل ذلك مرة أخرى".

لم يحضر تجمع كارولينا الجنوبية كلٌ من السيناتور الجمهوري توم سكوت والسفيرة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي

ورأى ترامب أن أميركا "تحتاج إلى مقاتل يمكنه الوقوف في وجه اليسار ووسائل الإعلام والدولة العميقة، وفي وجه دعاة العولمة والصين، والوقوف من أجل أميركا". وتطرق إلى مسألة المتحولين جنسياً، مؤكداً رفضه مشاركتهم في مباريات رياضية مخصصة للنساء.

وكان لافتاً في التجمعين توجيه الرئيس الأميركي السابق انتقادات لمعارضين من الجمهوريين اعتبر أنهم "أكثر خطورة من الديمقراطيين". وفي كارولينا الجنوبية تحديداً، كانت تقارير قد أفادت بأن الرئيس السابق يواجه صعوبات في الحفاظ على قاعدة دعم قوية، في ظلّ استياء من تأييده مرشحين هُزموا في انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. لكن ترامب أكد أنه حظي بدعم قيادات حزبية في الولاية، من دون تسميتها، واستغل المناسبة للكشف عن فريق عمله في كارولينا الجنوبية، والذي سيكون برئاسة حاكمها هنري ماكماستر، وعضوية غراهام ونائبة الحاكم باميلا إيفيت والنواب جو ويلسون وراسيل فلاي وويليام تيمونز، ونائب الحاكم السابق أندريه باور.

ظروف غير مؤاتية

وبينما ستظل الأنظار معلّقة على أول تجمع انتخابي سيقيمه ترامب في ولاية فلوريدا، حيث منافسه الأساسي المحتمل للرئاسيات المقبلة، حاكم الولاية الشاب رون ديسانتيس، فإن التجمعين في نيوهامشير وكارولينا الجنوبية، حظيا من الإعلام والمعلّقين بآراء متفاوتة، لجهة إمكانية أن يعزّزا ترشح ترامب، ويمنحاه الزخم المطلوب، مع فقدانه الدعم الحزبي تدريجياً.

ويرى متابعون أن ترامب لا يزال يتمتع بالدعم الشعبي من القاعدة، كما أنه لا يزال في الطليعة أو الرقم الثاني في كل استطلاعات الرأي لسبر توجهات الناخبين المبدئية قبل أقل من عامين للانتخابات. أما إقامته تجمعين تقليديين وبحضور متواضع، فمردّه بحسب بعض الآراء إلى عدم استعجاله إقامة التجمعات الحاشدة التي تحتاج إلى ملايين الدولارات، ورغبته في التأني حالياً في صرف الأموال.

ويطلق ترامب مرحلة التجمعات الانتخابية، في ظروف غير مؤاتية له، إذ لا يزال ملاحقاً بجملة من القضايا، منها مسألة احتفاظه بوثائق سرّية رئاسية في مقر إقامته في فلوريدا. كما أنه واجه انتقادات عدة بعد استضافته في منزله إثر إعلانه ترشحه للانتخابات في منتصف نوفمبر الماضي، الفنان كايني ويست، المتهم بمعاداة السامية، ونيك فوينتيس، أحد دعاة تفوق العرق الأبيض، والمعروف أيضاً بتصريحاته المعادية للسامية. كما واجه ترامب أخيراً موجة سخرية، لإطلاقه مجموعة من بطاقات التداول الرقمية تصوره بأزياء مختلفة، منها "البطل الخارق".

(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)