المسرح الذي يتوسطه قرص الشمس، اليوم يتوسطه شعار "داعش"، المسرح الذي وقف عليه أهم المطربين العرب، وأبرز الفرق الفنية الراقصة، اليوم يقف عليه جنود التنظيم وهم ينحرون جنود النظام السوري... المسرح الأثري تحول إلى مسرح الجريمة، والمجرم يستعرض عليه بكل فخر. أصبح الرقص والغناء والقتل يعتلون مسرحاً واحداً.
هذه المدينة التي دخلها "داعش" في مايو/أيار الماضي، واحتلها في الشهر الذي تقام فيه مهرجاناتها الفنية، أمعن في تدمير مظاهرها التاريخية، ليكون هو والنظام السوري شريكين في محو معالم سورية الأثيرة والتاريخية، كل على طريقته.
كالعادة يحتوي الفيديو على أناشيد دينية، للتأثير على المشاهدين، وتقول كلمات النشيد هذه المرّة: "جئنا جئنا جنداً لله، سرنا سرنا حباً لله"، بعد أن نرى مشاهد لجنود النظام في عرض عسكري مسرحي يشابه عروض مسرح "الرحابنة" في لبنان! ومن ثمّ يظهر شخص في وسط المسرح، وكأنه بطل المسرحية، ليلقي كلمة تحمل ثلاث رسائل، أولها لراعية خليفة المؤمنين، وتحمل وعداً بالنصر، وثانيها إلى أبو بكر البغدادي، مشددين على قسمه وهو الثأر، وآخر الرسائل وجهها الرجل إلى طواغيت العرب.
كما يظهر في الفيديو أطفال في سن المراهقة، ويصفهم الشخص المتكلم في الفيديو بـ "أشبال الخلافة"، هذه صورة أخرى تحولت على هذا المسرح العريق، بعدما كان يستضيف المهرجان مواهب شبابية لتقديم عروض فنية، اليوم يستضيف قسراً مراهقين يقتلون.
هذه الصورة البشعة، قابلها على مواقع التواصل، صورة أخرى من ذاكرة سورية التي تندثر تدريجياً. صورة لفرقة تقدّم عرضاً لرقص الباليه. راقصات بثياب بيضاء وقوام رشيق يرقصن على المسرح. في مقابل مقاتلين بملابس عسكرية ووجوه ملثمة، وأسلحة على المسرح نفسه، والفرق بينهما سنوات قليلة.
اقرأ أيضاً: "أشبال العز".. أطفال في معسكرات تدريب "داعش"
داعش استغنى عن المؤثرات البصرية نوعاً ما...اليوم يطرح نفسه كبطل مسرحي، ينافس مشاهد الملاحم التاريخية، يستعين ببطل ذي صوت جهوري، يخاطب الحضور، يقول جملا رنانة، لا بل بدأ يروج لقطاعات جديدة في صفوفه، آخرها "أشبال الخلافة"...اليوم بدأت حرب الصور الموازية بين داعش وجميع الثقافات...والأرجح أنه سيدخل بمنافسة شرسة مع مع صور المجازر والبراميل المتساقطة على الأطفال من قبل النظام السوري. بين النظام و"داعش"... الصورة تتمدد.