تخوّفات من تضييقات "طالبان" في أفغانستان

27 سبتمبر 2022
تخوّفات من استمرار "طالبان" حظر التعليم في المدارس الثانوية للفتيات (Getty)
+ الخط -

عبّر نائب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لأفغانستان، ماركوس بوتزيل، عن خشيته من أن يكون صبر المجتمع الدولي في ما يتعلق باستراتيجية التعامل مع سلطات طالبان قد بدأ ينفد.

وقال إن "الحظر المستمر على التعليم في المدارس الثانوية للفتيات، (وهو الوحيد في العالم)، والقيود المتزايدة على حقوق المرأة، تظهر أن (حركة) طالبان غير مبالية بأكثر من 50 في المئة من السكان، ومستعدة للمخاطرة بالعزلة الدولية". وجاءت تصريحات المسؤول الأممي من أمام مجلس الأمن، خلال اجتماع دوري حول الوضع في أفغانستان. 

وحول نقاشات ممثلين عن الأمم المتحدة مع مسؤولين في طالبان حول قرار منع الفتيات من التعليم الثانوي، قال المتحدث إنه "في نقاشاتنا مع أعضاء في سلطة الأمر الواقع، على جميع المستويات، ذكر قادة طالبان أن هذا القرار اتخذه الأمير هيبة الله، ويدافع عنه المتشددون من حوله، ويشكك به الكثير من القادة إلا أنهم غير قادرين أو غير راغبين في تغيير هذا المسار". وأضاف أن هذا القرار لا يحرم النساء فقط من حقوقهن، بل أفغانستان كذلك من إمكانيات تطورها، وما يمكن أن تقدمه نساؤها وفتياتها لتطورها ونهضتها.

ثم أشار إلى الوضع الأمني، قائلاً إن "إنجازات طالبان المزعومة أو التي جرى الإقرار بها آخذة في التآكل. في الأشهر الماضية، كان هناك ارتفاع في عدد الحوادث الأمنية التي رصدتها بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، بما فيها صدامات مسلحة وأعمال إجرامية، فضلاً عن الهجمات الإرهابية المميتة". وأشار إلى رفض حركة طالبان تحذيرات مكتبه المتعلقة بقدرات (داعش) في ولاية خورسان، ولكن "أظهرت الأشهر الماضية قدرة داعش في الولاية على استهداف شخصيات مقربة من طالبان، وشّن هجمات ضد السفارات الأجنبية، ناهيك عن إطلاق الصواريخ عبر الحدود الأفغانية ومهاجمة جيرانها، ومواصلة حملة تحريض طائفية ضد المسلمين الأفغان الشيعة والأقليات الإثنية الأخرى". كما عبّر عن قلقه من تمكّن "داعش" كذلك من "استهداف السفارة الروسية في كابول ومقتل عشرة أشخاص، بمن فيهم دبلوماسي روسي، ناهيك عن استهداف أماكن عبادة لشيعة وأقليات أخرى".

وأضاف "أن التقارير حول وجود زعيم (داعش)، الظواهري، في قلب كابول والضربات التي وجهت له (الولايات المتحدة أعلنت استهدافه ومقتله نهاية يوليو/تموز الماضي في كابول عن طريق طائرة مسيرة)، فضلاً عن استمرار وجود جماعات إرهابية، أدت إلى تشكيك (المجتمع الدولي) في (جدية) التزام طالبان بمكافحة الإرهاب، مما زاد من تعميق فجوة الثقة مع المجتمع الدولي"، مشيراً إلى أن تلك الأسئلة تبقى دون إجابة عنها.

واستطرد المسؤول الأممي بالتأكيد على استمرار الاشتباكات المسلحة بين طالبان وقوى معارضة مسلحة في عدد من الولايات، بما فيها بنجشير وبغلان وكبيسا وتخار وباداخسان، مشيراً إلى أن "تقارير مقلقة وكذلك مقاطع فيديو وصورا تشير إلى احتمال ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في بنجشير. وقد دعت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان إلى ضرورة أن تقوم سلطات الأمر الواقع (طالبان) بالتحقيق في مزاعم القتل خارج نطاق القانون في بنجشير بما يتماشى مع المعايير الدولية".

ووصف المسؤول الأممي الوضع الاقتصادي بالهش، على الرغم من "ادعاء حركة طالبان أنها زادت من حجم الصادرات، وحافظت على قيمة العملة الأفغانية، وحققت إيرادات قوية، فإن دخل الفرد انهار إلى مستويات عام 2007، مما أدى إلى مسح 15 عاماً من النمو الاقتصادي".

واستطرد المسؤول الأممي بالقول إن "تلك المزاعم يبقى الهدف منها غامضاً، مثل العديد من مزاعم الحركة في مجالات أخرى"، مضيفاً أنه "يرجع جزء من الانكماش الاقتصادي المستمر إلى مشاكل السيولة المرتبطة بعزل أفغانستان عن النظام المصرفي الدولي، إذ تعتمد السيولة بشكل كبير على الأموال التي تستمر الأمم المتحدة بجلبها عن طريق العمليات الإنسانية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأموال النقدية التي تدعم احتياجات الشعب الأفغاني (عن طريق العمليات الإنسانية) لا تصل مباشرة إلى سلطات الأمر الواقع (طالبان)".

وحول تمويل العمليات الإنسانية، قال المتحدث إنه "حتى الآن، لم تتلق خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022 سوى 1.9 مليار دولار أميركي من أصل 4.4 مليارات دولار نحتاجها، وسط الاحتياجات المتزايدة، وتدهور حالة الأمن الغذائي، فإن فجوة التمويل هذه مقلقة للغاية وخاصة في ظل اقتراب الشتاء".

مشدداً على أن "المنظمات الإنسانية تحتاج على المدى القريب، إلى 614 مليون دولار لتوفير ودعم الاستعدادات الشتوية ذات الأولوية، بالإضافة إلى 154 مليون دولار، المطلوبة للتخزين المسبق للإمدادات الأساسية قبل بدء الشتاء".

وتحدث المسؤول الأممي عن قرار الولايات المتحدة بإنشاء "الصندوق الأفغاني، والذي سيضع نصف السبعة مليارات دولار من الاحتياطيات الأفغانية (في الولايات المتحدة) في حساب في سويسرا، حيث سيجري استخدامها للمساعدة في استقرار الاقتصاد الأفغاني"، مضيفاً أنه "جرى إبلاغنا بأنه يجب اعتبار ذلك تدبيرا مؤقتا إلى حين زيادة الثقة في قدرة البنك المركزي الأفغاني على وضع الضمانات ضد غسل الأموال والتمويل المحتمل للجماعات الإرهابية".

وشدد المسؤول الأممي على أن تلك الإجراءات "الإنسانية والاقتصادية، لن تلبي متطلبات الشعب الأفغاني على المدى الطويل، ولا يمكن للمساعدات الإنسانية وحدها أن تحل محل أنظمة تقديم الخدمات الأساسية، مثل الصحة والمياه، ولا يمكن أن تمنع الانهيار الاقتصادي".

 فيما حث المجتمع الدولي والدول المانحة على "تقديم المساعدة لأفغانستان واتباع نهج تكميلي، بالإضافة إلى دعم العمليات الإنسانية، لتلبية احتياجات الناس من خلال دعم بعض مشاريع الاحتياجات الأساسية، التي تعزز قدرة المجتمعات المحلية، وتعالج القضايا الهيكلية الأساسية، وتعزز النمو الاقتصادي، وتسعى إلى تقليل آثار تغير المناخ، وهي شديدة بشكل خاص في أفغانستان".

وحول وضع حقوق الإنسان في أفغانستان منذ سيطرة طالبان على الحكم، قال المتحدث، إن "الأمم المتحدة سجلت انتهاكات مختلفة لحقوق الإنسان، بما فيها التضييق الكبير على حقوق النساء والفتيات، فضلاً عن الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان الدولية، ناهيك عن عدم تنفيذ العفو العام الذي أُعلن عنه وبشكل متسق". بالإضافة إلى "معاناة وسائل الإعلام من ملاحقة العاملين فيها والتضييق عليهم". فيما أشار كذلك إلى ملاحقة "وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للأفغان، وتخويف المجتمع الأفغاني.

المساهمون