تحليلات إسرائيلية: نجاح عملية تخليص المحتجزين لا يغني عن الصفقة

12 فبراير 2024
قال معلقون وصحافيون إسرائيليون إن عملية تحرير المحتجزين من رفح قد لا تتكرر (Getty)
+ الخط -

قد لا تتكرر عملية تحرير المحتجزين ولا بد من التوصل لصفقة بالنهاية

المحتجزون هم في أرجاء القطاع وسيكون من الصعب تحريرهم وعددهم 134

حماس ستستخلص العبر من العملية وستحدد نقاط الضعف لتجنب تكرارها

أشاد العديد من المعلّقين والصحافيين الإسرائيليين بالعملية التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في رفح وأفضت إلى تحرير إسرائيليين اثنين من المحتجزين من إحدى الشقق في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، إلا أنهم أكدوا في ذات السياق أنّ هذه العملية قد لا تتكرر، وأنه لا بد من التوصل إلى صفقة في نهاية المطاف.

ورغم تلك الإشادات إلا أنّ المعلّقين والصحافيين أشاروا إلى أنّ العملية تأتي بعد 129 يوماً من الحرب، وبعد إخفاقات كبيرة طيلة هذه الأيام، وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

واعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، أنّ العملية لتحرير المحتجزين اعتمدت على معلومات استخباراتية "دقيقة"، وكانت ضمن خطة استعدادات متواصلة، وشاركت فيها العديد من وحدات النخبة في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، مشيراً إلى أنّها "حققت نجاحاً من الصعب جداً الوصول إليه، كما رافقتها مخاطرة ليست بسيطة من طرف المستوى السياسي والمستويات المهنية التي اتخذت القرار بشأنها".

مع هذا، كتب هارئيل، أنه "يجب الأخذ بعين الاعتبار أنه من الصعب تكرارها (العملية)، على الرغم من الضغط الهائل الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي على حماس، وذلك لأنّ الحركة ستستخلص العبر بالتأكيد من هذه العملية، وستحدد نقاط الضعف في جهوزيتها وستعزز الجهوزية في أوساط الوحدات المسؤولة عن حماية المحتجزين الإسرائيليين".

وأضاف أنّ "إسرائيل حققت بهذه العملية نصراً معنوياً مهماً ونجاحاً كبيراً على المستوى العملياتي"، ولكن في ظل حقيقة أنّ المحتجزين الإسرائيليين "موزّعون في أرجاء القطاع، ويتواجدون تحت حراسة مشددة، سيكون من الصعب تحرير باقي المحتجزين وعددهم 134، بينهم أكثر من 30 ليسوا على قيد الحياة، بطرق مشابهة".

وأعرب الكاتب عن أمله في تحقيق نجاحات عينية أخرى، وخلص إلى أنه في نهاية المطاف ستكون هناك حاجة للتوصّل إلى صفقة تضمن تحرير جميع المحتجزين الإسرائيليين.

ماذا بعد تحرير المحتجزين الإسرائيليين؟

من جهته، كتب الصحافي والمعلّق السياسي في صحيفة "معاريف" بن كاسبيت، أنه "بعد فترة طويلة من الحوادث والكوارث والمصادفات الفظيعة وقلة الحظ، سارت فيها كل الأمور بشكل مشوّه، وفشلت كل الجهود وبدا الأمر وكأنه مضيعة للوقت، ولا يوجد أي أفق، حصلنا على تذكير بأنّ لدينا (أي دولة الاحتلال الإسرائيلي) جيشاً ممتازاً، وجهاز شاباك مذهلاً وقدرات تتجاوز حدود المنطق".

وقصد في كلماته الإخفاقات الكبيرة في صفوف جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وطوال الفترة الماضية من الحرب المستمرة على قطاع غزة.

وتساءل الكاتب بعد إطرائه على مختلف الجهات الإسرائيلية التي لعبت دوراً في العملية، "ماذا بعد؟ لقد حصلنا على دليل على أنّ عمليات من هذا النوع ممكنة"، معتبراً أنها "تعزز احتمالات التوصل إلى صفقة، لأن حماس تتعرض لضغوط وتدرك أنها قد تخسر المزيد من الرهائن".

وأضاف "من ناحية أخرى، يجب ألا ننسى الوقائع وحقيقة أن الوقت ليس في صالح المختطفين. إنّ عدد المختطفين الذين فقدوا أرواحهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول في أسر حماس أكبر بكثير من عدد المختطفين الذين أنقذهم الجيش الإسرائيلي وهو 3".

وطالب بن كاسبيت بزيادة الضغط العسكري واستمرار الجهود الاستخباراتية والعملياتية من أجل إعادة المزيد من المحتجزين، تزامنًا مع إجراء مفاوضات و"تقديم مقترحات مكثّفة، والتفكير بشكل إبداعي، والاستعداد لدفع أثمان مؤلمة (ولكن ليست باهظة جداً) مقابل الصفقة".

واعتبر أن "الأيام القليلة المقبلة حاسمة"، وأنّ حركة حماس "تشعر حالياً بأنها تلقت ضربة، لكنها ستتعافى"، مؤكدًا أن "الأمر لم ينته بعد، ولم يقترب من الانتهاء".

مواصلة الضغط العسكري

أما في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد تغنّى الكاتب والصحافي نداف إيال بما اعتبره "إنجازاً" لجيش الاحتلال الاسرائيلي، مضيفاً أنه "لا سبيل للتوصل إلى صفقة دون مواصلة الضغط العسكري المكثّف على حماس"، زاعمًا أن القضاء على الجناح العسكري لحماس "مهم لأمن المنطقة، ولاحتمال تحقيق السلام مستقبلاً".

واعتبر الكاتب أنّ "الضغط العسكري يشكّل القوة التي تحرّك التغيير في مواقف حماس"، والتي يرى أن مواقفها باتت أكثر ليونة مما كانت عليه في السابق، بكل ما يتعلق بالصفقة التي يتم التباحث حولها، لكنه أشار في ذات الوقت إلى أن "هذا الضغط له أثمان كبيرة أيضاً"، لافتا إلى مقتل جنديين إسرائيليين في قطاع غزة أمس.

ويرى الكاتب أن النجاح العسكري الإسرائيلي "مؤكد ولا شكوك حوله"، ولكن "يبقى السؤال إن كانت إسرائيل ستعرف كيف تستغل الإنجازات التي حققتها في القتال من أجل تحقيق واقع جديد، بحيث لا تقع المساعدات الإنسانية في أيدي حماس، وبحيث لا تنهض الحركة من تحت الرماد وتبدأ ببناء إمكانياتها من جديد"، على حد قوله.

وخلص الكاتب إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يقول أيضًا إنه لا يمكن تحرير معظم المحتجزين من خلال عمليات عسكرية، وعليه توجد هناك اقتراحات من أجل التوصل إلى صفقة بشأن المحتجزين وكذلك صفقة بشأن التطبيع في المنطقة، معتبراً أن كلا المقترحين هما "نتاج أثمان دفعت بالدماء"، على حد تعبيره.

وتابع "يجب عدم ادّخار أي جهد من أجل التوصل إليهما (صفقتي المحتجزين والتطبيع).. لدى إسرائيل نافذة نادرة، وفرصة للاستفادة من الحرب من أجل إحداث تغيير عميق وإيجابي. لا أعرف ما هو النصر المطلق (في إشارة إلى ما يردده رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو)، لكنه سيكون نصراً حقيقياً".

المساهمون